ماهي إيجابيات أو سلبيات زواج الرجل من زوجة أخيه المتوفى؟.. وهل هذا الزواج سلوك صحي يتوفر فيه البعد الإنساني والعاطفي والأسري..؟ أم أن له تداعياته النفسية على الرجل والمرأة والاطفال، وله متاعبه ومشكلاته المستقبلية التي قد تلقي بإحباطاتها وأوجاعها عليهم؟.. ُثم هل الزواج في أغلب الاحيان يكون ناجحاً وسعيداً وتتوفر له كل مقومات البيت الأسري المبتهج الذي يعيش أفراده بشكل سوي ومتناغم وودي؟ أم أن هناك أطراف يتضررون ويقلقون وتسوء أحوالهم النفسية والحياتية مثل زوجة الشقيق وأولاده إذا كان متزوجاً من قبل؟ هذا النوع من الزواج يحدث بالفعل وبكثرة عند معظم الاسر، اذ يصر والد المتوفى على أن يضع اولاد ابنه تحت مظلة العائلة ويبقيهم في دائرة تلاحمها وتجانسها فيجبر أحد اولاده بالزواج من زوجة أخيه حتى لو كان متزوجاً. كيف ينظر من عاش التجربة الى هذا الزواج؟ وكيف يقيمون أسباب فشله أو نجاحه؟ وهل هو في الأساس قرار سليم أم خطأ يرتكب بحجة المحافظة على وحدة الاسرة وتجانسها..؟ الآباء يرونه من الزاوية المشرقة، فهي تحافظ على الأسرة من الضياع وتحمي الأطفال من التشرد وتبعدهم عن أيدي «الغرباء» التي لا ترحم، والمرأة ربما تراها مصادرة لحقها في الاختيار وحريتها في تحديد نمط حياتها المستقبلية، والشقيق ربما يراها ظلما له وتحمله أعباء ليس بمقدوره الوفاء بها سيما اذا كان سعيداً في زواجه ولديه اولاد. حاولنا في هذا التحقيق تجميع الخطوط لمعرفة ما إذا كانت تلك الظاهرة حلاً أم مشكلة حقيقية؟ قبول على مضض! علي عدنان (35 عاما) قال: رحل أخي مخلفاً زوجة وطفلين ورغم أني أصغره بعامين ولي زوجة وطفلة، وجدت نفسي أمام خيارين لم يترك لي الوالد حرية فيهما، إما ترك زوجة أخي تذهب للعيش مع أهلها فيتعرض أولاده لمشاكل وإذلال لا حد لهما، وإما الاقتران بزوجة أخي، وهكذا حدث الأمر على مضض ولا أريد أن أصف لكم حال زوجتي الأولى، بل ونفسيتي أنا التي جعلتني حتى الآن لم أقترب من المرأة التي أصبحت زوجتي أمام الله ثم الناس، وأترك الأمر للأيام. أسوأ معاملة "أم مالك" عبرت عن وجهة نظرها بكل أسى وحزن كونها إحدى ضحايا هذه الظاهرة، تقول أم مالك: "تزوجت شقيق زوجي بعد وفاته بسبب إصرارأهله على ذلك ورفضهم إعطائي أطفالي من زوجي المتوفى وهم ولد وبنت؛ على الرغم من أنني حلفت لهم بعدم رغبتي في الزواج بعد زوجي ومحاولاتي المستميتة في إقناعهم بذلك، إلا أن رفضهم كان طعنة قوية سددوها إلى صدري، وأمام هذه الضغوط وافقت على الزواج في محاولة للبقاء بجوار أطفالي لكنني اكتشفت أن شقيق زوجي كان رافضاً لهذا الموضوع ومعارضاً بشدة، وأنه كان يرغب بالزواج من زميلته في العمل، إلا أن والده هدده بأن يغضب عليه ويحرمه من ميراثه، لذلك وافق على الزواج بي. وأضافت أنا الآن متزوجة منذ سنتين، إلا أنني أشعر بأني أقحمت على دخول دوامة كبيرة لا مخرج منها أبداً، فزوجي يعاملني أسوأ معاملة وهو يعايرني بأنني كنت زوجة غيره وأنه أصغر مني سناً، ويهددني دائماً بزواجه بأخرى ويحملني مسؤولية حرمانه من تلك التي يحبها ويتمنى الزواج بها، ويضربني دائماً أنا وأطفالي على الرغم من معرفته أنني كنت معارضة لموضوع الزواج به، ومن جهة أخرى لا أستطيع طلب الطلاق حتى لا أخسر أطفالي، ولذا أنا أعاني من هذه المشكلة بسبب ذلك الحل الذي تبرع به أهل زوجي، لذلك أنصح كل فتاة أن لا تخوض هذه التجربة أبداً لأنها مرة وقاسية وخاصة إذا ما جاء الألم ممن يفترض أن يكون القلب الحنون والملتجأ عند الضيق. الزواج من أرملة الأخ يخلو من العاطفة كارثة على رأسي "محمد" من الشباب المعارضين لهذه الظاهرة بشدة ولديه أسبابه كما وضح قائلاً: "توفي أخي في حادث سيارة وبعد ثلاث سنوات من وفاته فوجئنا برغبة زوجته بالرجوع إلى بيت أهلها وأخذ أطفالها الخمسة معها، ربما يبدو الأمر طبيعياً ويحدث في كثير من الأماكن؛ لكنه كان بالنسبة للوالد والوالدة كارثة خاصة وأنهم أرادوا الاحتفاظ بالأطفال؛ والذين هم كما قالوا الذكرى الوحيدة الباقية عن ابنهم المتوفى، وأمام إصرار زوجته على الذهاب إلى أهلها وأخذ أطفالها جاء الحل الذي اعتقد الجميع أنه الأفضل والمناسب في حين لم يكن سوى كارثة حلت على رأسي، وربما على رأس أولاد أخي أيضاً، فحلهم كان أن أتزوج أنا بزوجته وأهتم بأولاده فهم أولاد أخي وأنا لن أظلمهم أو أحاول أذيتهم، ولا يمكن أن يتصور أي إنسان أن ذلك الحل كان بالنسبة لي صاعقة دمرت حياتي وقضت على أحلامي، حيث كنت أتمنى الارتباط ببنت عمي، كما أن زوجة أخي تكبرني بستة عشر عاماً ورغم كل محاولاتي للخروج من هذا المأزق الذي وضعني أهلي فيه إلا أنني فشلت ووجدت نفسي في ليلة وضحاها أباً لخمسة أطفال وزوجاً لامرأة هي بمثابة جدتي عمراً، وعلى الرغم من أن أهلي رأوا هذه الفكرة حلاً لمشكلتهم إلا أنهم لم يفكروا في حل مشكلتي خاصة أنني لم أستطع التأقلم مع هذه المرأة التي كانت في يوم من الأيام زوجة أخي؛ حتى أولاد أخي الذين أصبحوا أولادي لم أعد أحبهم كما كنت سابقاً خاصة وأنهم كانوا السبب الرئيسي في معاناتي، ولا يمكنني الخروج من دوامة الأفكار المخيفة التي تعتصرني كل يوم حول حياتي وكيف ستكون، حتى لو فكرت في إنجاب الأطفال كيف سيكون مصيرهم وعلاقتهم بأولاد عمهم الذين هم أخوانهم في نفس الوقت وكيف سأحتمل نفقات أسرة مكونة من ستة أطفال وأمهم لو أنني قررت إنجاب طفل واحد فقط؟، لذلك أنا أرى أن هذه الظاهرة هي مشكلة أكثر من كونها حلاً. زواج بشروط أما "ناصر" وهو الذي يعتبر نفسه ذكياً فقد دخل التجربة بشروطه كما قال وليس بشروط أهله، يقول ناصر: "توفي أخي قبل سنتين بعد أن أصيب بنوبة قلبية حادة، وأمام ضغوط الأهل اضطررت إلى الزواج بزوجته التي تكبرني بخمسة عشر عاماً لأجل الأطفال ولكي لا تتزوج أمهم بشخص غريب فيسيء معاملتهم ويظلمهم، وحتى تظل الأسرة متماسكة ولا تتشتت، هكذا قالوا لي بعد أن استنكرت ذلك كثيراً خاصة أنني قضيت عدة سنوات مع شقيقي، وكنت أعامل الأطفال يدفعون ثمن مشاكل الزواج بالعزلة والخوف زوجته على أنها أخت كبيرة لي ولم أتخيلها قط أي شيء آخر، وأمام رجاء من والدي ووالدتي وافقت لكنني اشترطت عليهم شروطاً هي أنني لو تعرفت على الفتاة المناسبة فسأتزوجها وسيساعدانني في ذلك كما ساعدا إ_خوتي، وعلى أن يتحملوا نفقات أطفال أخي كوني سأحتاج إلى الإنفاق على أطفالي أنا وقد وافقا على شروطي وأتمنى ألا يرفضا لاحقاً، وأنا محتار في الحكم على هذه الظاهرة، فهي قد تكون حلاً، خاصة إذا ما كان التفاهم موجوداً وقد تتحول إلى مشكلة خطيرة يحصد ثمارها الأطفال والأسرة والمجتمع بأسره. ويشير أبو علياء إلى أن بعض الأهل قد يظن أن تزويج الأخ بزوجة أخيه حل جيد ومناسب لربط شمل الأسرة، إلا أنهم يعرفون الضرر النفسي الذي قد يصيب هذه الأسرة جراء ذلك، خاصة لو أن زوجة الأخ كانت كبيرة في السن أو كان عدد الأطفال كثيراً فالأخ في هذه الحالة قد ينتقم من قرار أهله بمضايقة زوجته وأطفالها من زوجها السابق والذين يتحولون إلى ضحية لأفكار وظواهر اجتماعية لا تراعي الجوانب النفسية والاجتماعية والآثار المترتبة لاحقاً على هكذا ظاهرة التي اعتبرها مشكلة أكثر من كونها حلاً". طفل يبكي أباه.. وقسوة عمه خاتمة الحديث وأخيراً الزواج بزوجة الأخ ظاهرة صنعها المجتمع في محاولة لتخفيف مشاكله ولم الشمل، إلا أن لهذه الظاهرة أبعاداً متشابكة يجب مراعاتها من قبل الأهل حتى لا يتحول هذا الحل إلى مشكلة كبيرة يصعب حلها والسيطرة عليها، ومن هذه الأبعاد تقارب أطرافها عمرياً ونفسياً، ونسبة قبول كل الأطراف لهذا الحل وتقدير نسبة النجاح الآن ومستقبلاً، وإذا ما راعى أفراد المجتمع هذه الأبعاد قد تصبح الظاهرة حلاً متميزاً.. أما عدم مراعاتها قد يحول الظاهرة إلى أزمة عارمة ترفد المجتمع بمشاكل أكبر من أن يستطيع المجتمع نفسه إيجاد حلول لها. وأخيراً، يجب أن ننظر الى الموضوع من زوايا متعددة بحيث لا يكون هناك ضحايا على حساب رغبة عند طرف في الاسرة يريد أن يجعل منها قانونا أسريا، أو عرفا اجتماعيا بحجة جمع الشمل!.