سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
النغيثر: آن الأوان أن نستثمر في صناعة التقنية وأن نصدرها نحو الخارج لتساهم في الدخل القومي أكد أن المملكة لم تتجاوز الأزمة المالية فقط بل اندفعت في المزيد من الاستثمارات..
نلتقي اليوم في حوار مثير مع رئيس شركة عالمية هي الأكبر في العالم في صناعة المعالجات الدقيقة وهو الأستاذ السعودي المليء بالحيوية والنشاط، يعمل بلا كلل أو ملل ويعرفه كل المختصين في التقنية داخل السعودية وفي منطقة الخليج، الأستاذ عبدالعزيز بن إبراهيم النغيثر رجل متخصص في مجال التقنيات والاتصالات منذ أكثر من 20 سنة، ويحمل شهادة الماجستير في الحاسب الآلي من أمريكا، عمل في عدة مواقع داخل وخارج المملكة وهو اليوم مدير عام إنتل العالمية في السعودية، لنناقش معه قضايا التقنية في السعودية والتي هي في الحقيقة فخر لنا جميعاً والتي نأمل ان تتطور أكثر في المستقبل القريب. * في البداية دعنا نتحدث عن سياسة إنتل كشركة عالمية معروفة بتصنيع المعالجات الدقيقة في منطقة الخليج؟ - نعم إنتل تعمل في المعالجات الدقيقة منذ أكثر من أربعين سنة حيث بدأت الشركة في صناعة المعالجات للحاسب والآن هناك معالجات مختلفة للعديد من الأجهزة المختلفة، ولهذا لدينا باع طويل في مجال الأبحاث خارج وداخل المملكة فالشركة لها مكاتب منذ ست سنوات ولدينا الآن طاقم متكامل من فنيين متخصصين وتسويقيين ومستشارين يعملون داخل مناطق المملكة المختلفة وخاصة المناطق الثلاث الرياضوجدة والدمام أما إستراتيجيتنا في العمل في المملكة فتنقسم إلى قسمين أولها مساعدة المجتمع في زيادة الوعي التقني والمعرفي والثانية في عقد شراكات العمل المشترك مع القطاعات المختلفة في المملكة وما يشمله من تنشيط المبيعات وتقديم الحلول والاستشارات وغيرها، وبالنسبة للجزء الأول فهناك العمل مع قطاعات الدولة في مراكز الأبحاث المشتركة مثل مشاريعنا مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، كأبحاث النانو والشبكات والاتصالات ولدينا أيضا أعمال مشتركة مع مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين لتشجيع الشباب السعودي والفتيات على الاختراع ونحن في البداية معهم وهناك شراكات في مجال التعليم مع وزارة التربية والتعليم ومع الجامعات أيضا لنا مجهودات كثيرة تشمل محاضرات ومشاريع مشتركة تقنية وبحثية ومع الطلبة أيضاً حيث تم توزيع ما يقارب من تسعة آلاف جهاز حاسب على الطلبة في المنطقة وكذلك إنشاء معامل متخصصة داخل الجامعات بالتعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والعمل أيضا مع مؤسسات غير ربحية مثل مؤسسة الفكر العربي، وهناك برامج كثيرة في الحقيقة لا يسعني ذكرها كلها الآن. * وماذا عن الجزء الثاني من سياسة الشركة في السوق السعودي؟ - نحن نسعى لتوفير آخر وأحدث المعالجات التي تنتجها الشركة لتكون في متناول السوق السعودية، وكذلك للشركات العالمية التي تستخدم هذه المعالجات مع توفيرها في نفس الوقت التي تتوفر به في السوق العالمية. * ما الهدف من مبادرتكم بإنشاء قرص ليزر تعليمي وماذا يحتوي؟ - أردنا أن ننتج قرصا تعليميا يقدم خدمة تعليمية وتدريبية لحاجات المجتمع، ولهذا تعاونا مع وزارة التربية والتعليم السعودية في إنتاج هذا القرص، ووافقت الوزارة مشكورة على تقديم الدعم فيما يخص المحتوى من مواد مفيدة ومواكبة لحاجات المجتمع وتتلاءم معه، وهو يحتوي معلومات تقنية مهمة جداً ومفيدة للمبتدئين وغيرهم في مجال الحاسب. * كيف ترى النهضة التقنية السعودية وذلك الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة للاستفادة من هذه التقنيات لصالح المجتمع؟ - الحقيقة أن التقنية في وقتنا الحاضر تلعب دورا مهما وأساسيا في اقتصاديات الدول، وفي بلورة القدرة التنافسية مع اقتصاديات الدول الأخرى، والمملكة في الحقيقة خطت خطوات جيدة في مجال التقنية واستخدامها والتعامل معها، وفي رأيي ما يزال أمامنا الطريق طويل في هذا المجال سواء في مجال التطوير ونقل التقنية وتوطينها ومجالات الاستفادة من التقنية وأرى أن البيئة السعودية بيئة خصبة جدا جدا بما تملكه بلادنا ولله الحمد من قدرات بشرية متعلمة والذي اغلبه من الشباب والشابات ومن عائدات مادية عالية واعتقد أننا نتوجه بالشكل الصحيح وان عملية التوطين تسير في منحنى متزايد أكثر فأكثر مما سيدعمها مستقبلا لتحتل مراكز متقدمة بإذن الله بين مصاف الدول الكبرى، وأنا كسعودي في هذا المركز أرى انه آن الأوان أن تظهر صناعة كبيرة إلى جانب البترول وهي صناعة التقنية والسبب أن التقنية والتي هي عماد الاقتصاد الرقمي في المستقبل وبالتالي ومع توفر هذه العوامل فإن ظهور صناعة تقنية في المملكة وازدهارها سيساعد على القضاء على البطالة في صفوف الشباب وفي نفس الوقت يتيح الفرصة لهم لإنتاج برامج وأنظمة يمكن بيعها في الداخل والدول الخارجية إذا لم يكن في العالم بأسره وان يصبح المجتمع الشاب فعالا ومنتجا في مجال التعامل مع الدول الأخرى من ناحية اقتصادية وتقنية وتسويقية وغيرها، وأعتقد ان أسرع طريقه في الوقت الراهن لتحقيق ذلك هو من خلال توطين التقنية بشكل أكثر فعالية واستغلال كل الفرص المتاحة من خلال التعليم وجودته وتوجهه نحو الأهداف المنتقاة، ومع وجود سمو الأمير على رأس وزارة التربية والتعليم فان الوزارة تسير بشكل صحيح وذلك بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين ورعايته الكريمة ودعمه المتواصل، بالإضافة إلى أهمية دعم وتوطين الأبحاث لدينا وأرى انها بدأت تفعل بشكل كبير جداً من خلال المراكز البحثية في الجامعات أو مراكز الأبحاث التابعة لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والجزء الأخير هو تمكين الوصول إلى استخدامات التقنية وذلك من خلال الأجهزة والبرامج المساعدة للمجتمع لكي يمكن للمجتمع الرقمي الوصول لمصادر التقنية والاستفادة منها والتي تحتاج الدعم من قبل الدولة والقطاع الخاص والبنوك وغيرها وتسهيل الحصول على هذه الأجهزة والأدوات، وخاصة شركات الاتصالات التي آن الأوان لها ان ترتقي بخدماتها لتمكن هذا الشعب من ركوب موجة التقنية المتطورة وبدون هؤلاء لن نستطيع أن نرتقي للمستوى الذي تأمله وفي وقت أسرع ما يمكن. * من خلال التطورات المتلاحقة في عالم التقنية، كيف ترى مستقبل التقنية في المستقبل القريب ؟ والى أين تقودنا؟ - طبعا التقنية كما ذكرنا أصبحت عماد الحياة الحديثة، فالحاسب اليوم هو المكتبة وهو مركز الأفلام والصوت والصورة بدلا من الألبومات وهو جهاز الاتصال وهو كل شيء تقريبا في حياتنا الحديثة، فمثلا في الصحة والتصنيع والبيئة والتعليم وكل أطراف الحياة تقريبا بجميع مراحلها جميعها قد دخلت فيها صناعة التقنية الرقمية، وبما أن هذا هو التوجه العالمي فالأحرى بنا أن نكون في مقدمة الركب، وهي بطبيعتها ستقودنا إلى الاستفادة الجيدة لكل مواردنا البشرية والطبيعية والمنافسة الاقتصادية. * وكيف ترى تأثيرات الأزمة المالية الراهنة على التقنية في السعودية؟ - اللهم لك الحمد فالسياسة الحكيمة للدولة السعودية حقيقة أثبتت أنها من الأفضل في العالم وأثبتت أنها كانت تقوم على دراسات متأنية ودراسات تصبو إلى مستقبل باهر وقد تم التخطيط لها بشكل جيد وعلى مراحل طويلة جدا ولهذا لم تتأثر المملكة بما حدث في العالم من أزمات وانكماشات الاقتصادات العالمية بالرغم من أن هناك شيئاً بسيطاً أو يسيراً من الإصابات في الاقتصاد السعودي وذلك لأننا جزء من هذا العالم ولنا ارتباطات معه ولكن السواد الأعظم من الخطط الموضوعة كانت تسير كما هو مخطط لها ولم يظهر تأثير لهذه الأزمة على الاقتصاد السعودي، وهنا أود أن أشير إلى تجارب عالمية في ظل هذه الأزمة حيث وجدت في التقنية وسيلة للخروج من الأزمات المالية، ففي تركيا حيث خفضت الضرائب على الأجهزة التقنية وتم بيع مئات الآلاف من أجهزة الحاسب ونتوقع من ذلك فوائد كبيرة لهذه العملية على المجتمع حيث يزداد تفاعله مع العالم الخارجي والتي يمكن أن تزيد من مستوى التجارة والصناعة وبالتالي الخروج من الركود الاقتصادي حيث تم تفعيل اغلب عناصر المجتمع، أما في الصين فهناك أكثر من 350 مليون مستخدم للانترنت بما يقارب من عدد سكان أمريكا، وهنا في المملكة وبالرغم من عدم وجود ركود اقتصادي كما ذكرنا إلا أنها بادرت إلى زيادة الاستثمار في هذا المجال بل واستثمارات جبارة ربما لم تمر على تاريخ المملكة، وخاصة في التعليم سواء في التعليم العالي أو التعليم الأساسي، وكذلك الحال في مجال الأبحاث وهذا يشمل استقطاب وجلب الخبرات العالمية والتعليم والتدريب للشباب على أيدي هذه الخبرات وهذا في حد ذاته نقله نوعية كبيرة سوف نرى ثمار هذه السياسة الحكيمة وهذا التوجه في المستقبل ولهذا أتوقع أن نرى إنتاجاً تقنياً سعودياً قريباً إن شاء الله. * وما الذي يمكن عمله في مجال الاتصالات؟ - منذ فتحت المملكة سوق الاتصالات ظهرت عدة شركات متنافسة وبعد سنوات من هذا القرار المهم نلاحظ ذلك التقدم الكبير في الخدمات والأسعار، ومع ذلك فهناك قصور في بعض الخدمات وخاصة تلك المقدمة للمناطق الريفية والمتطرفة. * نحن نحلم بمدارس المستقبل عندما نتخلص من الكتب ونستبدلها بالحاسبات المحمولة وبدخول الانترنت إلى كافة المدارس وتطوير الفصول إلى فصول ذكية ومناهج تفاعلية ، في رأيك متى يتحقق هذا الحلم؟ - وزارة التربية والتعليم هم اقدر على الإجابة على هذا السؤال، ولكنني أرى أن مثل هذا الانجاز يحتاج إلى وقت لأنها نقلة كبيرة، وانصح بعدم التعجل في تحقيق هذا الحلم لأنها ليست عملية بسيطة وتحتاج إلى العديد من الإجراءات والخطوات الحذرة، فالانتقال من العملية التعليمية المعتادة إلى العملية التعليمية الحديثة مع الحفاظ على خصوصيتنا وعاداتنا وتقاليدنا وديننا السمح يحتاج إلى المزيد من التروي والحذر، وأتوقع أنه خلال ست سنوات سيكون هناك تغير جذري وملموس، وكذلك الحال في المستوى الفكري والعلمي للجيل الجديد، فتغيير المدارس إلى مدارس ذكية لا يعني أننا سنتغير في يوم وليلة ولكن النتائج تأخذ وقتها لتعطي ثمارها.