** شعرت بألم شديد بعد فراغي من قراءة الخبر المنشور في الصحف المحلية على لسان المشرف على فرع جمعية حقوق الإنسان بمنطقة مكةالمكرمة حول أداء بعض الأجهزة المعنية في التعامل مع كارثة سيول جدة.. وإن كنت لم أستغرب ذلك.. لأن مستوى الشعور العام بالمسؤولية لدى أكثر القطاعات الحكومية يكاد يكون مفقوداً في الأيام العادية فما بالنا في ظل ظروف الحج وعيد الأضحى المبارك.. ** ورغم قراءة الجميع لهذا التقرير المفزع.. إلا أنني لن أتورع عن إيراد أبرز نقاطه المتمثلة فيما يأتي: تذمر المتضررين بالأحياء المضروبة من خدمات الإيواء حيث يُطلب منهم البحث بأنفسهم عن شقق مفروشة في الوقت الذي فقد فيه الكثيرون منهم هوياتهم وأوراقهم ووثائقهم الرسمية كما فقدوا وسائل نقلهم.. وأهم من كل ذلك فقدوا أهلهم وأبناءهم وأسرهم بالكامل.. لم يتسلم الكثيرون منهم أي إعانة حتى تاريخ نشر الخبر الأربعاء 15/12/1430ه.. إن عملية سحب الأنقاض واستخراج الجثث من تحتها تسير ببطء شديد للغاية.. إن الكثير من المستنقعات مازالت ضاربة أطنابها في تلك الأحياء ولم تسحب بعد.. بكل ما تسببه من أخطار على السكان والبيئة.. إن بعض الأجهزة الحكومية المعنية لم تكلف نفسها بزيارة المواقع المتضررة بل طلبت من المتضررين مراجعة إداراتها رغم أن من بين المتضررين شيوخاً ونساءً وأطفالاً قصّراً.. إن بعض الأحياء تعرضت لموجة سرقات من بعض اللصوص المستفيدين من طبيعة الظرف ومن خلوّ الكثير من المنازل من أهلها.. كما لاحظت الجمعية - بكل مرارة - أيضاً: أن كلاً من هيئة الأرصاد أو الدفاع المدني لم يوجّها أي إنذار للسكان قبل الكارثة أو أثنائها أو بعدها.. وأن فرق الدفاع المدني وصلت متأخرة إلى أماكن انهمار السيول على تلك الأحياء لإنقاذ الناس من أخطارها.. وأن الهلال الأحمر كان ضعيفاً في أدائه تجاه الكارثة.. ** والأدهى وأمرّ من كل ذلك.. ** أن جمعية حقوق الإنسان اكتشفت.. أن هناك مخططات جديدة معتمدة لإقامة منشآت سكنية وخدمية في مجاري السيول.. وتحديداً في المناطق المنكوبة.. وأن الميزانيات المعتمدة في السنوات الماضية للصرف الصحي لم توجد على أرض الواقع.. ** وهذا يعني أن اللجنة العليا المكلفة بالأمر الملكي استقصاء الأسباب الحقيقية الكامنة وراء وقوع هذه الأضرار الكارثية ومحاسبة المسؤولين عنها.. ستشمل كافة الأجهزة الحكومية التي تباطأت في القيام بواجباتها الرسمية والإنسانية بعد وقوع الكارثة.. وأن معاقبة الجهات التي قصرت في التعامل مع الحدث تصبح أكثر ضرورة وبصورة حازمة وحاسمة من شأنها أن تحرك جميع المسؤولين الميتة ضمائرهم وغير الجديرين بتحمل المسؤولية حتى في الظروف الصعبة.. ** شيء آخر لم تغفله جمعية حقوق الإنسان.. هو مطالبتها بإشراك جهات حيادية في لجان التحقيق الفرعية.. وأنا اعتقد أن هذه نقطة مهمة للغاية.. وإلا فكيف يمكن لنا أن نحاسب جهازاً حكومياً قصّر في التخطيط أو التنفيذ أو العمل أو الرقابة أو التعامل مع الحدث.. وعدم قيامه بتوفير مظلة أمنية أو اجتماعية أو إنسانية وقائية للمواطنين والمقيمين.. إذا كانت هذه الجهة عضواً في اللجنة.. ولا نقصد بهذا استبعاد كافة الأجهزة الحكومية وإنما نعني استبعاد أي جهة قد تكون محل المساءلة في عملية الاستقصاء المطلوبة.. وإضافة جهات ذات صلة مثل ديوان المظالم وجمعية حقوق الإنسان.. ** وفي كل الأحوال.. فإن ما قالته الجمعية.. هو بعض ما سمعناه وقرأناه من خلال ما نقل على ألسنة سكان الأحياء المنكوبة عبر بعض القنوات الفضائية أو الصحف المحلية.. وإلا فإن المصيبة كما يبدو لي أعظم.. بدليل ما عبّر عنه الملك (يحفظه الله) وما طالب به اللجنة المكلفة بهذه المهمة.. ** ويمكن القول.. إننا على أبواب مرحلة جديدة من العمل الجاد في.. محاربة الفساد بكل أشكاله وألوانه ومستوياته.. ** وليت كارثة السيول هذه تعجّل بتشكيل مجلس إدارة الهيئة الوطنية لتحقيق النزاهة ومكافحة الفساد من عناصر أمينة.. ونظيفة.. وعادلة.. وأن تجد هذه الهيئة من الدعم والصلاحيات ما يمكنها من تنظيف البلد من كل المفسدين.. والمرتشين.. والمعتدين على المال العام.. والآكلين لحقوق الوطن.. والمقصرين بحق المواطنين.. وحق الأمانة العظيمة التي وضعها ولي الأمر فوق رقابهم.. ضمير مستتر: ** [بعض الكوارث وإن كانت مؤلمة ومزلزلة إلا أنها تجلب معها الخير في بعض الأحيان..].