الكارثة الطبيعية التي ضربت جدة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة التي قد تضرب أي جزء من بلادنا، وما حدث يعتبر دمارا شاملا أحدثته كارثة طبيعية ساعدها على الإثخان في صفوف الأبرياء جشع التجار، والتشاطر على الأنظمة، وميوعة في تطبيق العقوبات والإنتقائية، وغياب نظام إنذار مبكر في مثل هذه الحالات يستخدم التقنيات الحديثة والتقليدية للتخفيف، ولو قبل الكارثة بوقت قصير، من أضرارها. لن أتحدث عن البنى التحتية التي يقرر الكل محدوديتها في مدينة ضخمة كجدة، ولا عن الغش في التخطيط أو التنفيذ لبعض القائم من تلك البنى التحتية ، ولن أتحدث عن ذلك التسويف في تطوير تلك البنى وفي القضاء على العشوائيات التي يبدو أنها ستحمل وزر ما حدث لتكون الضحية والجاني في آن واحد. مرت بنا كوارث طبيعية، بعضهامتنقل والبعض الآخر كان محدودا في مكانه، ونسأل أنفسنا عند وقوع طارئ ماذا استفدنا مما سبقه في تجنب حدوثه أو التقليل من أضراره،؟ والجواب قد يكون موجودا في محاضر التوصيات ولكن ليس على أرض الواقع. ويبدو أن هناك أجهزة خدمية تخجل من إعلان قصور خدماتها وهناك مسؤولون يخشون إعلان حاجة أجهزتهم للتطوير، ولذلك فهم يديرون بالموجود بقصوره وضعفه وعدم مناسبته للعصر في سبيل أن يحمد لهم أنهم لا يكلفون ميزانية الدولة أعباء مادية إضافية. أيها السادة هذا وطن، ومسألة الارتجالية في إدارة شؤونه ليست مقبولة، دعونا نستفد من هذه الكارثة، ونخرج من حالة الحزن على الضحايا والممتلكات بحلول عملية؛ أراها في تدشين نظام للإنذار المبكر يستخدم موجات FM للبث على مدار الساعة، ورقم اتصال بمركز إدارة الكوارث صغيرها وكبيرها يجيب عن استفسارات المواطن والمقيم، يصاحبه برنامج توعية شامل بأهميته وطرق استخدامه. دعونا نأخذ هذه الكارثة المؤسفة سببا في زيادة عدد قوات الدفاع المدني والإسعاف والمتطوعين فيهما، ، مع علمي اليقين أن الدولة لا تبخل بأي مبالغ في هذا الصدد. الدفاع المدني والإسعاف يجب أن يكونا أقرب الأجهزة الخدمية إلى قلوبنا وبيوتنا وطرقاتنا ومكاتبنا. يجب أن يطور مفهوم الإنقاذ وأن توضع اختبارات نفسية واستعدادية خاصة بمن يلتحقون بالدفاع المدني والإسعاف رسميين أو متطوعين. هذان الجهازان معنيان بالإنقاذ والإسعاف، والاستثمار فيهما هو استثمار في سلامة الوطن والمواطن، أفلا تستحق سلامة الوطن والمواطن هذا الاستثمار مهما بلغت كلفته؟ إن تحريك أفراد ومعدات وسيارات وطواقم الدفاع المدني والإسعاف من منطقة إلى أخرى في الحج والكوارث مقبول منطقا ولكن بشرط ألا يحدث ذلك خللاً في كفاية تلك الخدمات أفراداً ومعدات في مواقعها الأصلية لأن الكوارث قد تحدث متزامنة ودون سابق إنذار. ما حدث في جدة يتطلب شجاعة في الاعتراف والعمل على ألا يحدث مستقبلا، ولا يعني ذلك أن الكوارث لن تقع ولكن عندما تحدث نكون على أهبة الاستعداد لها فنخفف من أضرارها قدر المستطاع.