من الناس من يقول ويفعل، ومنهم من يقول ولا يفعل، ومنهم من لا يقول ولا يفعل، وأما من يفعل ولا يقول فقلة، (وقليل من عبادي الشكور) بالأمس كنت مع أحد رجالات عسير، نتجاذب عذب الحديث، وقد كان فيما كان من الرياض التي قطفنا حلو أزهارها، ورتعنا بين داني ثمارها: جامعة الملك خالد، ذلك الصرح الذي يطاول بهامته عنان السماء، ويضرب بجذوره تحت الماء، وشهادتي غير مجروحة في جامعة الملك خالد لأمرين: لأنني الجأ إلى الله من تقمص رداء رداءة الكذب، ولأن الجامعة لا تنتظر حديثاً مفترى، ولا قولا ممترى. لا يعلم أحد من منسوبي هذه الجامعة الفتية بهذه الشهادة قبل نشرها، وما رجوت من سطورها تمجيداً ولا تطبيلاً ولا أصبو من ورائها، إلا إرضاء لنفسي بقول الحق، و(كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا). لقد نالت الجامعة ما يفوق الوصف، ويربأ على كل خيال، بل لقد بلغت في ذلك المحال، ويشهد به شاهد من أهلها، ولكن الذي يخفى على كثير ممن يهوى المقارنات، ويتتبع الهفوات، يخفى عليه ما هي اليوم عليه، ولست في هذه الأحرف أنقل صورة لماض تليد، ولا لمستقبل بعيد، وإنما أصور الجامعة على ما هي عليه اليوم من خيالات تنحر على أعتاب الحجج الواهية أضحيات التضحيات. بامكاننا أن نتصور حال الجامعة قبل بضع سنوات قليلات، وليست الصورة من كان يا ما كان في قديم الزمان، وإنما لا تزال الشواهد ماثلة أمام أعين المذكرين صارخة في آذان المتغافلين، تشهد بذلك تلك المباني المتبعثرة من الحزام إلى طريق الطائف، والتي فجرت غيرة معالي الدكتور عبدالله بن محمد الراشد، ذلك الرجل الذي يعمل بصمت، ويتحدث بأفعال، ويشير بمنجزات، ويصمت بتفكير، فكانت الرؤيا الصادقة، والرؤية الثاقبة، وتحقق الآمال، وخلدت محاسن الأفعال. لست أمجده ولا أداهنه لأنني أنا، ولأنه ليس غيره، وهو من أسقط على عتبات مكتبه الواوات، وأدوات النصب المستترة، مؤدياً أمانة شرفه وكلفه بحملها ولي الأمر المفدى - أيده الله تعالى - ولا يعذر الراشد في حملها، ولا ينكر فضله في القيام بها، فله مني خاصة أصدق الاعتراف، وهو في الميزان أقل إنصاف. يا أيها الناس لا تثلمنكم العجمة، ولا تبطرنكم النعمة، ،ولا تخرسن ألسنتكم الغيرة، ولا يحرفنها الحسد، زوروا جامعة الملك خالد، واصطحبوا معكم آلات التصوير، وقولوا الحق، وانقلوا الحقيقة، وأعيدوا أشرطة الذكريات، فما في الرجوع بعد الذهاب مظنة انكسار، ولا في التطاول بعد العلم بينة افتخار.