أقدّر كثيراً، وأحترم الدكتور فواز طرابلسي، كمفكر، وأستاذ جامعي، ومشتغل بالشأن العام، ومناضل قوي يحمل هموم الأمة، ويشخص داءاتها وأوجاعها. لكن هذا كله لا يمنع من الاختلاف معه في بعض طروحاته، وأفكاره، وقراءاته لحرب اليمن، وما يحدث مع الحوثيين على حدودنا الجنوبية. وأن المملكة إما أنها تورطت، أو ورطت في الحرب، وأنها تقوم بعملياتها العسكرية داخل اليمن وهذا تدخل في شؤون اليمن يستدعي تدخلاً إيرانياً خصوصاً العسكري منه إلى حدود المملكة. احترامنا لمكانة الدكتور طرابلسي العلمية، والسياسية لا يلغي مطلقاً أن نقول بأن كلامه غير دقيق، وتشخيصه غير سليم في المطلق، ولا نقول ربما جاء نتاج مواقفه الفكرية كمفكر ماركسي، وليس نتاج قراءة واقعية ومنهجية لما يحدث. ما يحدث على حدودنا الجنوبية، وما يدور من مواجهات وقتال مع الحوثيين يجب أن نضعه في تعريفه الصحيح والواقعي حسب لغة النزاعات، والمفاهيم السياسية والحربية والسيادية، ومصطلحات الاعتداءات المسلحة، ونقول بأن ما يحدث على حدود المملكة هو إعلان حرب من جماعة متطرفة بكل مفاهيم الحرب، وأدواتها، وأهدافها، وغاياتها. الحوثيون يشنون حرباً على المملكة، ويستدرجونها إلى معارك شرسة بالوكالة والتفويض من دولة إقليمية عملت طوال سنوات ولا تزال في محاولاتها للنيل من مكانة المملكة الإقليمية، والاقتصادية، والسياسية، والروحية، وإلغاء دورها الإقليمي والدولي في حل صراعات المنطقة. هذا جانب. أما الآخر، فهو إيجاد المخارج لأزماتها وتعقيدات مشكلاتها الداخلية، والخارجية إن على مستوى اقتصادها المنهار، وإن على مستوى ثورة الإنسان فيها على نتائج الانتخابات. وإن على مستوى ملفها النووي المعقد والشائك والذي ربما يدخلها ويدخل المنطقة في أتون الجحيم. المملكة لا تستدعي الحرب، وثوابتها واضحة وصريحة منذ التأسيس بأنها ضد النزاعات والحروب. بل تسعى للتنمية كرؤية، وبرنامج، وهدف إن في داخلها، أو مساعدة الدول الأخرى على إنتاجها. لكن أن تستباح أرض المملكة، ويدخل السلاح إلى أراضيها للقتال، أو يهرّب إلى المدن الكبيرة للتخريب والإرهاب. فهذا هو دفاع عن النفس، وصون للسيادة. الجيش السعودي الذي يقاتل على حدودنا مع اليمن ليس جيش احتلال وأطماع بقدر ما هو جيش يرغب في فرض منطقة عازلة بيننا وبين بؤرة الصراع. وكفى الله المؤمنين شر القتال. عذراً دكتور طرابلسي، مع التأكيد على احترامك.