نظرية المؤامرة في وسطنا الرياضي باتت تتعدى مسألة كونها مجرد نظرية قد يؤمن بها من يؤمن، ويكفر بها من يكفر، إذ تحولت إلى ثقافة متجذرة في ذهنية الكثيرين باختلاف وظائفهم وانتماءاتهم؛ بدليل أن كل قضية مهما كبرت أو صغرت، محلية كانت أو دولية، لا يمكن أن تمر في حال سبيلها قبل أن يتم إيقافها في جمرك التفتيش المؤامراتي. في قضية نجمنا الكبير محمد نور وخروجه من مضمار السباق على جائزة أفضل لاعب آسيوي تجلت هذه الثقافة بوضوح، كما تجلت قبل ذلك في أحداث مماثلة، إذ لم يسلم الأمر من نصب محكمة للتفتيش في ضمير الاتحاد الآسيوي، لسبر أغوار القرار وخلفياته، حتى قبل أن ينطق أو يستنطق المعنيون بالأمر في الاتحاد القاري، لمعرفة مبرراتهم إزاء القرار، حيث جاءت الاتهامات تترى من كل حدب وصوب، سواء من الإدارة الاتحادية أو أنصار النادي، بل وحتى من المؤسسة الرسمية الأم، وأعني بها اتحاد الكرة، الذي يفترض أنه الوحيد الذي لا يبني آرائه ولا يصدر أحكامه عطفاً على ردود فعل الشارع ورغباته؛ بيد أن ذلك ما أفرزه القرار، إن من خلال بيان إدارة المرزوقي، أو ردة فعل المنتديات الاتحادية، وهو ما يعتبر طبيعياً في هذه الحالة التي هي بمثابة الصدمة غير المتوقعة؛ لكن ما ليس طبيعياً هو تصريح الأمين العام لاتحاد الكرة فيصل العبدالهادي، الذي يعتبر صوت الاتحاد وموقفه الرسمي، إذ ذهب بعيداً في تعليقه على عملية خروج نور من القائمة، حينما علق الأمر على شماعة المؤامرة، التي يرى أنها تحاك في الاتحاد الآسيوي ضد كل ما هو سعودي، مدعماً رأيه بحكم انطباعي بأن "نور هو أفضل لاعب في القارة دون جدال"، وكأني به قد ركب موجة "الجمهور عاوز كده" بطريقة لا تليق برجل يحمل أهم حقيبة في أكبر اتحاد رياضي محلي. في الأثناء كان عضو اتحاد الكرة حافظ المدلج يرجع السبب في استبعاد نور إلى أمور تتعلق بنظام الجائزة نفسها، الذي يعتمد طريقة تجميع النقاط، وباعتبار أن المنتخب السعودي لا يشارك في تصفيات كأس آسيا لتأهله المباشر، فإن ذلك قد تسبب في فقدان لاعبنا المميز لفرصة الوصول لخط النهاية في سباق الجائزة، والمدلج لم يأت بهذا الحكم من جيبه، وإنما من جيب الأمين العام للاتحاد الأسيوي الماليزي أليكس سوساي. شخصياً.. وبقدر استيائي من موقف العبدالهادي، وإعجابي بموقف المدلج، إلا أن المؤسف في الأمر أن عضوي اتحاد الكرة قد خرج علينا بخطابين متباينين لاتحادنا الكروي، في وقت كنا نتمنى لو أنهما تفاعلا مع الخبر الصادم، بأن بادرا باتخاذ موقف رسمي بمخاطبة الاتحاد الآسيوي وهما العضوان فيه، للاحتجاج على لوائح الجائزة الظالمة، التي سلبت من نور حقه الشرعي في البقاء منافساً عليها، كونه لا يمثل ناديه الاتحاد، وإنما يمثل الكرة السعودية، فهل يفعلان الآن؟!.