ما إن وصلت النسخ الأولى من كتاب مرشحة نيابة الرئاسة الأميركية السابقة عن الحزب الجمهوري سارة بيلين إلى الأسواق حتى اندلع الجدل الساخن حولها من جديد. غير أن هذا الجدل هذه المرة لم يكن بين الجمهوريين من أنصار بيلين والديمقراطيين أو المستقلين، بل بينها وبين أوساط حملة من كان سيكون رئيسها، المرشح الجمهوري السابق السناتور جون مكين . فقد رد أحد كبار مسؤولي حملة مكين بقوة على اتهامات بيلين في كتابها الجديد الذي وصلت النسخ الأولى منه إلى الأسواق ويحمل عنوان "الخروج على القانون"، والتي جاء فيها أن حملة مكين فرضت عليها بعد انتهاء الانتخابات دفع مبلغ 50,000 دولار كرسوم كانت تكلفت الحملة لإجراء عملية التمحيص في ماضيها قبل أن تُقبل مرشحة على بطاقة مكين للانتخابات الرئاسية الأميركية السابقة في صيف عام 2008. وقال أحد كبار مسؤولي حملة مكين، الذي تحدث للصحافة الأميركية من دون ذكر اسمه بسبب عدم الترخيص له باستعمال اسمه إن " ذلك قول غير صحيح بالمرة. إنه مجرد خيال لا أكثر " . ولكن بيلين تؤكد في كتابها أنها حين فاتحت حملة مكين لاسترداد مبلغ الخمسين ألف دولار بعد خسارتها ومكين الانتخابات في نوفمبر الماضي، قيل لها إن الحملة كانت ستدفع لها ذلك المبلغ في حال أن تكون البطاقة الانتخابية الجمهورية قد فازت في الانتخابات، غير أنه بسبب خسارة البطاقة الجمهورية فإن ذلك المبلغ هو مسؤوليتها. ولكن المسؤول في حملة مكين نفى ذلك بصورة قاطعة، قائلا إن مبلغ الخمسين ألف دولار كان قد تم تحصيله من بيلين لدفع النفقات القانونية التي تكبدتها الحملة للدفاع عنها في قضية "تروبرغيت" التي كانت قد انفجرت على الملأ بعد فترة قصيرة من إعلان مكين اختياره لبيلين كمرشحة لنيابة الرئاسة على البطاقة الجمهورية. وفضيحة تروبرغيت تتعلق بزوج شقيقة بيلين السابق الذي كان يعمل ضابط شرطة في ولاية ألاسكا، والذي اتهم بيلين في وسائل الإعلام حينها بمحاولاتها المتكررة استغلال منصبها كحاكمة للولاية لإلحاق الأذى به وبسيرته المهنية انتقاما من طلاقه من شقيقتها. واعتبرت تلك الاتهامات حينئذ مدمرة لسمعة بيلين إذ إن ذلك يعتبر محاولة لاستغلال المنصب الحكومي لتحقيق أغراض شخصية، وهو أمر يحظره القانون. واضطرت حملة مكين حينئذ إلى توفير مبالغ طائلة وتجنيد أكبر محامي ألاسكا لتخليص بيلين من تلك الورطة القانونية التي فتح مجلس كونغرس الولاية تحقيقا رسميا فيها. وكان مساعدو حملة مكين السابقون يستعدون منذ أسابيع لصدور كتاب بيلين الجديد خشية أن تضمنه بيلين اتهامات متفجرة جديدة لهم كما فعلت في السابق. وقد فعلت بيلين بعضا من هذا. فقد اتهمت مساعدي مكين بأنهم " فرضوا عليّ نوعا من الحصار خلال الحملة الانتخابية." وقالت إن مسؤولي حملة مكين " أفرطوا في إدارتها وضيقوا قدرتي في الوصول إلى المراسلين الصحفيين ." وعن فضيحة الملابس والمجوهرات التي طاردت بيلين منذ الأسبوع الأول لاختيارها مرشحة لنائب الرئيس مع مكين، قالت حاكمة ألاسكا السابقة إنها " فوجئت بهذا الكم الكبير من الملابس والمجوهرات التي منحتها إياها الحملة، وقيل لي إن ذلك هو جزء من نفقات المؤتمر القومي للجمهوريين ." وهاجمت بيلين حملة مكين أيضا من ناحية معالجتها لقضية الإعلان عن حمل ابنتها المراهقة من صديقها دون زواج. وقالت إنها أعادت كتابة البيان التي كانت حملة مكين قد حاولت أن تشرح فيه ما حدث بالنسبة إلى حمل ابنتها، ولكنها فوجئت بأن الحملة عادت وأصدرت البيان الأصلي الذي كانت الحملة قد أصدرته سابقا. وهاجمت بيلين كذلك وسائل الإعلام الأميركية، خصوصا مذيعة أخبار شبكة " سي بي أس " كيتي كوريك التي كانت قد أجرت أول مقابلة موسعة مع بيلين وهي المقابلة التي يعتقد كثيرون أنها كانت السبب في حملة الانتقادات الواسعة التي انطلقت حينها ضد بيلين لظهورها في المقابلة بمظهر الجاهلة كليا في الأمور السياسية، المحلية منها والخارجية أيضا. وهي المقابلة التي اقتطعت أجزاء منها وتم تناقلها على موقع يوتيوب على الإنترنت وأصبحت مثار تندر وغمز السياسيين بل والناس العاديين في أميركا. ومن أبرز الجمل المثيرة للضحك في تلك المقابلة قول بيلين إنها بسبب كونها مقيمة في ولاية ألاسكا، غلاف مذكرات بيلين « غوينغ روغ:آن أميركان لايف فإنها "تستطيع رؤية الأراضي الروسية من شرفة منزلها، وهي بالتالي خبيرة في الشؤون الروسية." وتقول بيلين في كتابها في وصفها لكوريك، التي تعتبر من أفضل مقدمات البرامج الإخبارية في أميركا، إنها " تعاني من الاحترام الخفيض لذاتها ... وقد بدأت أشعر بالشفقة عليها." أحد مساعدي مكين السابقين الذي سئل عن الموضوع لم يتمالك سوى الضحك. وفي حديثها عن مقدم البرامج في شبكة " أي بي سي نيوز" تشارلي غيبسون، الذي أجرى المقابلة الثانية مع بيلين في محاولة من حملة مكين لإعادة طرحها على الجمهور الأميركي من جديد بعد حشرها لمدة أسبوع في إحدى غرف الفنادق لتدريبها على فهم قضايا السياسة الخارجية والداخلية، وصفت بيلين ذلك الصحفي بأنه "كان ضجرا من المواضيع الجوهرية... لم يكن يريدني أن أتطرق إلى تلك المواضيع المهمة." ومع التعليقات القوية التي صدرت عن بعض أعضاء حملة مكين ضد بعض ما جاء في الكتاب، فإن السناتور مكين نفسه رفض التعليق. وقال الناطق باسمه في مجلس الشيوخ إن السناتور مكين " لا يدري ما جاء في الكتاب وإنه تجاوز الحملة الانتخابية ولن يعود إلى تلك الأيام ثانية ."