لعل المشكلة التي عانينا منها طوال سنوات ولانزال هي الهجرة المكثفة من الريف الى المدن الكبرى، اما بسبب الدراسة أو بسبب العمل، أو البحث عن فضاءات تجارية وانتاجية افضل، أو لتحسين الوضع الحياتي عبر ما يتوفر في المدينة من وسائل وأنماط حياة حديثة ومريحة. وهذه الهجرة فرغت الريف من إنسانه وحولت المدن الكبيرة الى حالة صخب وفوضى وازدحام لايطاق، إلى جانب استمرار نزيف الحوادث المرورية بين المدن، وما خلفته من خسائرفي الأرواح والأموال، حيث شهدت المملكة هذا العام ما يقارب نصف مليون حادث على طرق مختلفة تسببت بوفاة 6458 شخصا وجرح ما يقارب 36486 آخرين، حيث كلفت تلك الحوادث المملكة أكثر من 26 مليارريال أي ما يكفي لبناء ثلاث محطات لتكريرالنفط، حيث يصل معدل تكلفة علاج المصابين إلى أكثر من 100الف ريال للمصاب الواحد، مما يؤدي ايضاً إلى ازدحام كبير في المستشفيات. وفي هذا التحقيق نتناول مقترح إنشاء خط سكة حديدية تربط بين محافظات كل منطقة، تمهيداً لربطها بين المناطق، وذلك للتقليل من ازدحام المدن الرئيسة، إلى جانب الحوادث المرورية القاتلة. فكرة رائدة في البداية تحدث ناجي عبد الله الغريب -يعمل مدرساً في منطقة تبعد عن مقر سكنه 270 كم- عن الخطورة الشديدة التي يتعرض لها نظرا لمزاحمة الشاحنات والمركبات في طريق مليء بالتحويلات التي تفتقد لأمور السلامة، وقال:"منذ فتره بسيطة فقدنا اثنين من زملائنا المدرسين إثر حادث مروري تعرضا له أثناء توجههما للمدرسة قادمين من منطقة بعيدة، احدهما لم يمض على زواجه أكثر من 3 شهور". ويعلق زميله المدرس رضا السنونة انه لن يتم الحد من حوادث الطرق، وخصوصاً بين المدن الا إذا أنصب اهتمام المسؤولين في وزارة النقل، إضافة للمسؤولين في مؤسسة السكة الحديدية بالشروع فوراً في ربط مدن المملكة لتحد أولاً من استعمال المركبات الصغيرة المنتشرة على الطرقات في المسافات الطويلة والتي تحتاج إلى بقاء السائق خلف مقودها لفترة طويلة ما تجعله مهدداً لأي طارئ أو حادث مفاجئ. ويصف المهندس عبدالله الخالدي -يعمل بمدينة الجبيل الصناعية- ما يراه يوميا أثناء استخدامه الطريق السريع المؤدي إلى مقر عمله بالفظيع، نظرا لكم الحوادث التي شاهدها خصوصا عندما تسوء الأحوال الجوية. ويعلق الخالدي سبب الحوادث الأول على طريق الجبيل الصناعية تهور الكثير من قائدي المركبات، إضافة لمزاحمة الشاحنات في مختلف الأوقات ما يؤكد ان القطار سيكون حلا ناجحا جدا عند ربط هذه المدينة الحيوية مع مختلف المدن خصوصا وان القطار سيعمل على نقل السلع والخدمات المصنعة وغير المصنعة من وإلى المدينة الصناعية، إضافة لاستقلاله من قبل موظفي وطلاب وأهالي هذه المدينة المتنامية يوما بعد يوم. مطالبة جماعية للتنفيذ وطالب العديد من المواطنين والمقيمين بتوفير خدمات أفضل على رحلات القطاراليتيم الذي يربط الشرقيةبالرياض، وذلك للتشجيع على استخدامه كوسيلة مواصلات إضافية، حيث تحدث عدد من الطلاب والطالبات من سكان المنطقة الشرقية عن معاناتهم أثناء تنقلهم باستخدام القطار من الشرقية إلى الرياض اوالعكس. وقال احمد الدوسري ان سرعة القطارالبطيئة والتي يزيد عليها التوقف المتكرر أثناء الرحلة يجعل الرحلة مملة جدا، خصوصا وان المسافة التي يقطعها بعض قائدي السيارات في مدة بسيطة حتى بدون تجاوز السرعة المسموح به، مقترحا ان يتم توفير بعض الوسائل الترفيهية والمفيدة كمكتبة متنوعة او شاشات عرض إضافة لإعادة النظر للوجبات المقدمة على متن القطار والتي تحتاج لمراعاة بعض الحالات كمرضى السكر والضغط وغيرهما. بينما تمنت سعاد العبد الله ان تسافر في رحلة لجميع مناطق ومدن المملكة عبر قطار سريع يمتاز بالهدوء والراحة والأمان بعيداً عن الرحلات البرية التي سببت لها الكثير من الأرق، بسبب ما شاهدته من حوادث دامية خلال سنوات قليلة قضتها في الدراسة خارج منطقتها. ويشير نعيم سواد إلى انه يستخدم القطار مجبرا في بعض رحلاته، وذلك عندما لا يستطيع السفرعن طريق الخطوط الجوية خصوصا وهو يخشى السفر عن طريق البر بسبب كثرة الحوادث المرورية. ويضيف "من المعروف ان 90% من الدول الفقيرة تعتبر القطارات الشريان الأكبر في حل مشاكل الناس، كما ان الدول المتقدمة أيضا تولي أهمية كبيرة للقطارات باعتباره وسيلة عملية جدا لتخفيف الازدحام المروري داخل المدن او خارجها والذي يتيح في نفس الوقت وسيله مفيدة للمقيمين بشكل مؤقت لقضاء حاجاتهم بشكل سريع دون الحاجة لزيادة الازدحام المروري والذي يشهد زيادة ملحوظة في الفترات الماضية ما ينبئ بكثافة عالية في المستقبل". وتحدث المهندس عبد الله البازعي "اعتقد بأنه لو تم ربط مناطق المملكة بشبكة قطارات حديثة وسريعة بإمكانها نقل أهالي الدمام إلى الرياض في ساعة ونصف ومن الرياض إلى جدة في ثلاث ساعات او أكثر قليلا، إضافة للتنقل للمدن الأخرى بنفس الطريقة، فانه بكل تأكيد ستتنشط السياحة الداخلية والتي تفتقر منذ مدة طويلة جدا الى وسائل دعم". فوائد اقتصادية وأمنية وأيد رئيس اللجنة الوطنية للنقل البري في المملكة عبد الرحمن العطيشان فكرة إنشاء شبكة خطوط حديدية لربط مدن المنطقة الشرقية والمملكة خصوصا وهي تتمتع بمساحة شاسعة تزيد على 2000 كم من الشمال إلى الجنوب بينما تصل تقريبا إلى 1800 كم من الشرق إلى الغرب، وتحتوي على 52 ألف كم مغطاة بطرق مسفلتة. وشبه العطشيان المملكة بالقارة المترامية الأطراف والتي قد تصل بحجم دولتين أوروبيتين كألمانيا وفرنسا مجتمعتين؛ ما يوضح ان اهتمام الكثير من الدول الأوروبية والأجنبية بإنشاء خطوط للسكك الحديدية لم يأت من فراغ بل لمعرفتهم ما تشكله هذه الوسيلة من دعم على المدى البعيد. وتحدث عن البداية التي انطلقت منها فكره إنشاء خطوط للسكة الحديدية على يد شركة ارامكو السعودية في فترة الستينيات من القرن الماضي والتي حملت أهدافا اقتصادية بحته من خلال نقل بضائع الشركة من ميناء الدمام لمستودعاتها في الظهران ليتطور فيما بعد ويربط بالرياض. وأكد العطيشان ان توفر شبكة من الخطوط الحديدة لربط مدن ومناطق المملكة ستعمل على الحد من الحوادث المرورية التي راح ضحيتها الكثير من أفراد الوطن، مستشهدا بطريق الجبيل السريع والذي يربط المنطقة الشرقية بمدينة صناعية تتطور يوما بعد يوم بازدياد مصانعها وإنتاجها ما يزيد عدد موظفيها الذين يعانون يوميا أثناء الذهاب والعودة من وإلى هذه المدينة نظرا لمزاحمة الشاحنات لنفس الطريق ما أدى في كثير من الحالات لحوادث مرورية شنيعة حصدت الكثير من الأرواح وتيتيم الكثير من العائلات في مختلف المناطق. واقترح ان يتم فتح المجال للشركات الأجنبية الخاصة بتقديم خدمات السكك الحديدية للاستثمار في المملكة وفق إستراتيجية تخدم المصلحة العامة وتهدف للاستفادة من الخبرات الأجنبية وتوفر الكثير من الوقت إضافة لضمان الجودة، مشدداً على ضرورة عدم توقف أي مشروع بسبب الأملاك الخاصة التي تعترض سير إنشاء المشاريع الحيوية مطالبا بالنظر للمصلحة العامة قبل مصلحة أفراد لا يهمهم إلا تعطيل مصالح مشاريع عامة وضخمة من شأنها ان تخدم أجيالا متعددة.