رغم أني لا أميل إلى فكرة أن التاريخ يُعيد نفسه ، إلا أن ظهور جماعة الحوثيين والدور المريب الذي تقوم به هذه الجماعة ، ومحاولتها الأخيرة جر المملكة للنزاع القائم بينها وبين السلطة الشرعية في اليمن الشقيق ، والتقائها بالقاعدة رغم اختلاف الأيديولوجيا وفق ما كشف عنه المطلوب أمنيا محمد العوفي ، كل هذا يُعيدنا مجددا إلى فرقة الحشاشين التي ظهرت في فارس ما بين القرن الثامن والرابع عشر الميلادي وامتدت ما بين أفغانستان وسواحل المتوسط ، بزعامة حسن الصبّاح ، والتي كان يقوم منهجها العقائدي على الإرهاب والاغتيال السياسي لتصفية القادة السلاجقة والأيوبيين ، إلى حد الإيقاع ما بين الأخوين السلجوقيين دقاق حاكم دمشق ورضوان حاكم حلب وتصفيتهما الواحد تلو الآخر .. حينما كان رجال هذه الفرقة يضحون بأنفسهم من أجل إمامهم .. ما دفع البعض لتسميتهم ب ( الفداوية ) ، ولكن ( فداوية ) لمن ؟ .. لا أحد يعرف !! . هذه الفرقة التي قيل إنها كانت تتربص بالقائد صلاح الدين ، والتي نالت أيضا من بعض القادة الصليبيين ، قبل أن تتلاشى إثر الغزو المغولي على يد هولاكو، بأدوارها المركبة والغامضة ، لا تلتقي مع الحوثيين في المآرب الغامضة وحسب ، وإنما تلتقي معهم حتى في المصدر الأيديولوجي . فالحوثيون الذين يزعمون وفق بعض أدبياتهم المعلنة أنهم يدافعون عن حقوق الشيعة يتحالفون بنفس الوقت مع القاعدة ! ، فيما كان الحشاشون يذبحون السلاجقة والأيوبيين ، وبنفس الوقت أيضا امتدت اغتيالاتهم إلى بعض القادة الصليبيين .. حتى أن بعض الروايات التاريخية تضع ريتشارد قلب الأسد في عداد استهدافاتهم !! . وهذه التقاطعات المنهجية بين الفرقتين ، وإن اختلف تاريخ ظهورها إلا أنها تأخذ نفس الملامح متعددة الرؤوس ، مما يثير الكثير من الشبهات إلى أن جماعة الحوثي وحينما افتعلت هذا النزاع مع المملكة فإنما لتحاول فتح بعض الثغرات لتمرير عناصر القاعدة إلى داخل المملكة بعدما استطاع الأمن السعودي وبكثير من الجدارة أن يسحق القاعدة ، وينفض الأرض من تحت أقدامهم ، والذي شاهد الصور التي بثتها وسائل الإعلام المحلي لبعض المتسللين ما بين شيخ طاعن في السن بلحية بيضاء ، وصبية لم تسودّ شواربهم .. مما يُشير إلى استخدام هذه الفئات الأقل مناعة فكرية في تمرير مخططاتهم ، لا بد وأن تعيده ذاكرة التاريخ إلى جنة حسن الصبّاح في قلعة أل موت التي كان يُحقن فيها عناصر الفرقة بالحشيش المخدر قبل أن يُرسلوا للموت بأوهام جنة القلعة الشهيرة ! . لكن إذا كانت كتب التاريخ لم ترو لنا عمن كان يقف خلف الحشاشين ، فإن معطيات العبث السياسي الإيراني القائم على نظرية إشعال الحرائق تحت ضوء الإعلام وسمعه وبصره وتحليلاته ، لا تدع مجالا للشك فيمن يُحرك الحوثيين ويلهو بدمائهم في لعبة نظام الملالي التي تتغطى بتفخيخ مثل هذه الجماعات في أكثر من موقع في العراق ولبنان وفلسطين والسودان والمغرب وغيرها .. للهرب من أزماتها .