باريس مدينة ذات أوجه عديدة يجد فيها كل سائح ما يلبي ميوله ورغباته، وذلك وفقا لمزاجه ومكتسباته الثقافية، فهناك السواح الذين يأتون للتبضع، ولذلك يتجمعون في منطقة الشانزليزيه وجورج سانك والمونتاي والفوبور سانت أونوريه، وهناك من يأتي للتعرف على المدينة وخاصة أحياءها التاريخية القديمة كمنطقة الماريه وميدان فوج ومونمارتر، وهناك من يأتي للتعرف على القصور التاريخية كقصر فرساي والفونتابلو، وهناك من يأتي للتعرف على الوجه الثقافي لباريس، فيقوم بزيارة المتاحف وما أكثرها في باريس، بل هناك متاحف خاصة لبعض كبار الفنانين كمتحف بيكاسو وديلاكروا، وهؤلاء ايضا يزورون البيوت والشقق التي عاش فيها كبار الكتاب مثل فكتور هوجو وبلزاك، وقد يزورون قسم المخطوطات في المكتبة الوطنية وفيها قسم كبير للمخطوطات العربية، وفيه أقدم نسخة خطية لكتاب ألف ليلة وليلة، ثم أيضا هناك من يأتي لحضور فصل دراسي أو أكثر في الكوليج دي فرانس التي يحاضر فيها كبار رجال الفكر في فرنسا وأوروبا وكان منهم رولاند بارت ولاكان وفوكوه وامبرتو أكو، وقد واظبت شخصيا على حضور هذه المحاضرات لمدة عامين، ثم هناك الأوبرا والمسارح الأخرى أما أبناء وبنات الخليج فيتجمعون في الفوكوه وهو مقهى سياحي خمس نجوم، وميزته أنه يقع في قلب الشانزليزيه امام لوي فيتون وقريب من مجلات الأزياء الكبرى وملهى الليدو ومطعم العجمي ومطعم الديوان، وفي الصيف تمتد سهراتهم فيه إلى الصباح، وقد قام أخيرا وفد من الصحفيين والمثقفين السعوديين بزيارة باريس بدعوة من الخطوط السعودية، وقد قرأت ما كتبوه بعد عودتهم، وقد لاحظت أن همهم الأكبر كان العثور على مقهى الفوكوه والجلوس فيه، ولم أقرأ أن أحدهم زار المتاحف أو الأماكن التاريخية، وأترك التعليق للقارئ.