كشفت دراسة حديثة أن قطاع المقاولات الملاذ الآمن ل 50 بالمائة من العمالة الهاربة , لأنه الأكثر تشغيلا للعمالة الوافدة في المملكة من جانب , ومن جانب آخر أغلب العمالة في هذا القطاع من المستويات المهنية والعلمية الدنيا ذات الأجور المنخفضة, وتعمل في ظل بيئة عمل متواضعة مما يجعلها أكثر ميلا للهرب من كفلائها عند أول فرصة تتاح لها , موضحة الدراسة بأن لهروب العمالة آثار سلبية على الأسرة السعودية وتهديداً لأمنها الاجتماعي. وأوصت الدراسة التي أصدرتها غرفة الشرقية بعنوان " ظاهرة هروب العمالة الأجنبية من كفلائها في قطاع الأعمال الخاص والقطاع المنزلي , الأسباب والمعالجات " بضرورة إجراء معالجة جوهرية لظاهرة هروب العمالة الوافدة من كفلائها, مؤكدة أنه لا بديل عن توطين الوظائف (السعودة)، كأسلوب وحيد لهذه المعالجة، واقترحت الدراسة إحلال العمالة المواطنة تدريجيا بدلا من العمالة الأجنبية , لافتة إلى أن ذلك يتطلب جملة قرارات يتخذها مجلس الوزراء الموقر واتخاذ حزمة من الإجراءات أبرزها: منح القطاع الخاص المزيد من المزايا والتسهيلات مقابل التوسع في سعودة الوظائف، وتحمل نسبة من رواتب وأجور العمالة الوطنية الموظفة لدى القطاع الخاص وكلف تدريبها خلال السنوات الثلاث الأولى بحيث تكون منافسة فيما يتعلق بالأجور للعمالة الأجنبية الوافدة . واقترحت الدراسة إيجاد صندوق خاص لتمويل هذه الإجراءات، وتكون رسوم استقدام العمالة الأجنبية والغرامات التي تفرض عليها جزءا منه, فضلا عن مصادر تمويلية أخرى، وبحيث لا يكون الصندوق عبئا على ميزانية الدولة. وأشارت الدراسة إلى أهمية فرض رسوم على استقدام العمالة الأجنبية التي لها بدائل محلية كافية. واستعرضت الدراسة جنسيات العمالة الوافدة، مشيرة إلى أن معظم العمال الهاربين من الجنسيات الآسيوية وفي مقدمتهم البنغاليون , يليهم الباكستانيون ثم الهنود ثم الفلبينيون . والمجموعة الثانية من العمالة الهاربة هي الجنسيات العربية وفي مقدمتهم المصريون يليهم السودانيون, ثم اليمنيون. والمجموعة الثالثة هي الجنسيات الأفريقية في مقدمتهم النيجيريون ثم الإثيوبيون. وتناولت الأسباب التى تدفع العمالة الوافدة إلى الهرب من كفلائها، ومنها: سعى العامل لتحسين دخله إلى الممارسات الخاطئة من قسم من الكفلاء, فضلا عن القصور في إنفاذ التشريعات والنظم , ووجود ثغرات في النظم والتشريعات السائدة نفسها, إضافة إلى التعقيد والسلبية في إجراءات الاستقدام , والدور السلبي لقسم من المواطنين وتسترهم على هذه الظاهرة. والدور المشجع للظاهرة من بعض سفارات دول العمالة الوافدة. وقالت الدراسة إن ظاهرة هروب العمالة من كفلائها تؤدي إلى آثار سلبية عديدة وعلى مستويات متعددة . فعلى صعيد اقتصاد المملكة، تؤدي إلى تضخم أعداد العمالة الوافدة, ومنافسة المواطنين في سوق العمل وتعميق الخلل فيه، واتساع حجم الأنشطة الموازية والهامشية, فضلا عن زيادة التحويلات المالية خارج البلاد، والضغط على السلع والخدمات، وإيجاد سوق سوداء للاتجار بالعمالة الهاربة. وأهم آثارها على صعيد المنشآت أنها تؤدي إلى زيادة الأعباء المالية لقطاع الأعمال, ومنافسة المشروعات الصغيرة، والتأثير سلبا على الإنتاج والإنتاجية في مشروعات كفلائها, وزيادة مخصص مصاريف التدريب والتأهيل في تلك المشروعات، كما تؤدي إلى تكليف العمال الوافدين الملتزمين بالعمل مع كفلائهم أعمالا إضافية قد ترهقهم وتدفع بهم إلى الهرب أيضا. ودعت إلى الإسراع بإشهار شركات كبيرة للاستقدام ترتبط بها مراكز لتدريب العمالة الأجنبية الوافدة وضم مكاتب الاستقدام الحالية إليها, وأوصت بتشكيل هيئة عليا للحد من ظاهرة العمالة السائبة(بما فيها هروب العمالة الأجنبية )برئاسة وزير العمل وعضوية وكلاء وزارات الداخلية والتجارة والصناعة والعدل والإعلام , ووزارة الأوقاف والشئون الدينية , ورئيس مجلس الغرف التجارية والصناعية السعودية , ورئيس لجنة حقوق الإنسان, وممثلين للجمعيات الدعوية الخاصة بالجاليات , وعدد من علماء الدين , و أكاديميين وباحثين اجتماعيين , تقوم بدراسة أفضل السبل للحد من الظاهرة واقتراح النظم والتشريعات ومتابعة تنفيذ الاجراءات التي يتطلبها الحد من الظاهرة. كما أوصت بدراسة إصدار قرار من وزارة الداخلية، بالتعاون مع الجهات التشريعية المختصة بتشديد العقوبات الخاصة بالمخالفات المتعلقة بنظام الإقامة , مؤكدة أهمية إتاحة البيانات والمعلومات المتعلقة بظاهرة هروب العمالة الوافدة بما ييسر دراستها ووضع الحلول والمقترحات للحد منها، والإسراع بإصدار نظام أو تشريع ينظم عمل العمالة في المملكة العربية السعودية.