دعا رئيس هيئة الاركان المشتركة في الجيش الاميركي الاميرال مايك مولين الرئيس الافغاني حميد كرزاي الى القضاء على الفساد المستشري في البلاد، وذلك في الوقت الذي تدرس واشنطن احتمال ارسال مزيد من القوات الى البلد المضطرب. وصرح مولين للصحافيين "نشعر بالقلق الشديد من مستوى الفساد ومدى شرعية هذه الحكومة"، مضيفا ان الفساد "متفشٍ بشكل واسع". وقال مولين ان الرئيس الافغاني الذي اعيد انتخابه "يجب ان يتخذ خطوات كبيرة للقضاء على الفساد". واضاف متوجها الى كرزاي "ذلك يعني ان عليك التخلص من الفاسدين، وان تعتقلهم وتحاكمهم". وتبرز تصريحات الاميرال تزايد القلق داخل ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما بشأن شرعية حكومة كرزاي بعد الانتخابات المثيرة للجدل بسبب ما احاط بها من اتهامات التزوير. وفيما يواجه اوباما قرارا حاسما بشأن ارسال مزيد من الجنود الاميركيين الى افغانستان لقتال المسلحين في افغانستان، قال مولين ان ارسال مزيد من القوات الى البلد المضطرب لن يفيد كثيرا اذا فشلت الحكومة الافغانية في اكتساب المصداقية. واوضح "اذا لم تصل الحكومة الافغانية الى المستوى المطلوب من الشرعية والحكم الجيد، فلن تفلح كافة جيوش العالم في احداث اي تغيير". واجل اوباما اتخاذ قرار بشأن طلب قائد القوات الاميركية في افغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال مزيدا من الجهود ويعود ذلك في جزء منه الى حالة عدم الاستقرار السياسي التي احاطت بانتخابات اب/اغسطس. غير ان وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس صرح الشهر الماضي انه ربما تعين على اوباما اتخاذ قرار بهذا الشان حتى لو بقيت شرعية الحكومة الافغانية موضع شك. ولم تخفِ الادارة الاميركية مخاوفها من عمليات التزوير التي يشتبه ان كرزاي قام بها وتحالفاته مع زعماء حرب سابقين. ويواجه اوباما حاليا مهمة صعبة تتلخص في دفع كرزاي للتحرك، مع تجنب عزله حيث انه يتولى قيادة البلد المتحالف مع حلف الاطلسي في مواجهة متمردي طالبان. وبعث الرئيس الاميركي الاثنين بتهئنة لكرازي على اعادة انتخابه، الا انه حثه على القضاء على الفساد. وقال المتحدث باسم البيت الابيض روبرت غيبس ان اوباما يتوقع "جهدا متواصلا" لتحسين الحكم. وقال مولين انه من المهم ان تقوم الحكومة على المستويين المحلي ومستوى البلاد بخدمة الشعب الافغاني. وقال مولين "يجب ان تكون لديك حكومة جيدة ليس فقط في كابول بل كذلك في الولايات والاقاليم" مضيفا ان "الشعب الافغاني هو الذي يجب ان يرى الشرعية في الحكم". واضاف ان على كرزاي ان "يتولى المسؤولية عن بلاده". وعقب حصوله على ولاية ثانية، تعهد كرزاي الثلاثاء بالعمل على القضاء على الفساد. واتهم احمد والي كرزاي شقيق كرزاي ورئيس ولاية قندهار بعلاقته بتجارة الافيون غير القانونية والمربحة. وكانت العلاقات بين الرئيس الافغاني والرئيس الاميركي السابق جورج بوش حميمة بعد ان اطاحت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها بنظام طالبان المتطرف وعينته رئيسا للبلاد في اعقاب هجمات 11 ايلول/سبتمبر على الولاياتالمتحدة. الا ان علاقة اوباما بكرزاي لم تكن على نفس المستوى. وتعاني افغانستان من تصاعد عنف المسلحين الاسلاميين رغم وجود اكثر من 100 الف جندي يعملون بقيادة حلف الاطلسي من بينهم 68 الف جندي اميركي. وتسببت هجمات المتمردين في جعل عام 2009 الاكثر دموية منذ الاطاحة بنظام طالبان في 2001 بالنسبة للقوات الاجنبية اضافة الى القوات الافغانية والمدنيين. الى ذلك قال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ان الرئيس الافغاني حميد كرزاي متورط في "الفساد" لكن على الغربيين اعتباره "شرعيا"، وفق ما نقلت عنه صحيفة نيويورك تايمز امس. وقال كوشنير ان ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما تضع استراتيجية جديدة في افغانستان بدون التشاور مع حلفائها الاوروبيين في الحلف الاطلسي. وتساءل كوشنير بحسب الصحيفة "ما هو الهدف؟ ما هي الطريق؟ وباسم ماذا؟" مضيفا "اين الاميركيون؟ بات الامر يطرح مشكلة.. اننا بحاجة الى التشاور مع بعضنا البعض كحلفاء". وفاز حامد كرزاي بولاية رئاسية ثانية بالتزكية بعد انسحاب خصمه عبدالله عبدالله من الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررت في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر على اثر دورة اولى شابتها عمليات تزوير كثيفة. غير ان كوشنير اعتبر ان لا خيار امام الحلف الاطلسي سوى التعامل معه لانجاز مهمته في افغانستان والشروع في بناء دولة قادرة على حماية شعبها والتصدي لطالبان. وقال كوشنير "كرزاي متورط في الفساد، حسنا (لكن) علينا اعتباره شرعيا". كذلك اسف كوشنير بحسب الصحيفة لعدم حصول مشاورات حتى بين دول الاتحاد الاوروبي التي تنشر قوات في افغانستان. وقال "نحن في اوروبا نتحرك، نقاتل، نذهب الى الحرب، لكننا لا نتحادث، وهذا امر مؤسف".