** أمتعني كثيراً معالي الأخ الدكتور نزار عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية بكتابه المتميز (كصاحبه) (دبلوماسي من طيبة: محطات في رحلة العمر).. ** فقد تفضل مشكوراً بزيارتي بعد عودتي من رحلتي العلاجية وأهداني نسخة من هذا الكتاب القيم..وتركني ألتهمه أكثر من مرة لأجد فيه نمطاً جديداً من المؤلفات التي تُكتب بعناية وبفكر يجمع بين الرُقي..والاتزان..وعمق المضمون..وبالوقفات الذكية والخاطفة..والغنية بالإشارات اللماحة والمهذبة في نفس الوقت.. ** وللذين لا يعرفون معاليه عن قرب أقول..فإن زمالتنا في عضوية مجلس الشورى لأكثر من أربع سنوات.. وتجاورنا بحكم تقارب حروفنا الهجائية (ن.ه)..قد كشفا لي عن إنسان يجمع بين أدب النفس ودماثة الخلق وحسن المعشر ، وبين حصافة الدبلوماسي ومهارة الإنسان الذي خبر الحياة..وعرف كيف يتعامل معها..وأين يضع نفسه منها وكيف يفرض احترامه على الجميع في النهاية بما توفر له من خصال تجمع بين الطيبة والدهاء..وبين السماحة وعمق الرؤية.. ** هذه المقدمة كان لابد منها قبل الحديث عن مصنفه الذي بين يدي.. ** ومنذ البداية فإن الدكتور نزار مدني لم يسجل في هذا الكتاب سيرة حياته وبعض ذكرياته –كما تعارف على كتابتها الساسة ورجال الأعمال وكبار الشخصيات- وإنما جسد بذلك عمق تجربته..وسعة ثقافته..وقدرته على التحليل السياسي لبعض المواقف..والأزمات..والتوترات التي شهدتها المنطقة والعالم.. ** وأنا وإن كنت أختلف معه في لغته الدبلوماسية شديدة الحذر عند التعليق على بعض الأحداث مما جعلها أقل شفافية..إلا أن معرفتي بطبيعة تفكيره..وحساسيته تجاه كل كلمة.. ووزنه لجمل الكتاب.. قد جعلتني أدرك مغزى سطوره الغنية بالإشارات العميقة وبالدلالات الموحية والوقفات الإنسانية والأخلاقية المعروفة عنه. ** شيء آخر لفت نظري في هذا الكتاب (السفر) هو استشهادات الدكتور نزار بآراء وأفكار وتحليلات وتفسيرات بعض عمالقة الفكر والسياسة في عالمنا العربي وفي العالم..بصورة جعلتني غير قادر على الفصل بين آرائه وبين استشهاداته وهي قدرة غير عادية لا يمتلكها إلا من تشبعت روحه بالقيم والمثل الفكرية العليا..ومن اتسعت رؤيته ليعطينا خلاصة ما في هذا العالم في (كبسولة) راقية..وأنيقة..وثمينة..كما فعل هو..وذلك فضلاً عن أنه عكس بذلك فكراً أكاديمياً متميزاً وقدرة أدبية فائقة في توظيف النصوص وفي ذلك إضافة جديدة غير مسبوقة في حالة كتابة المذكرات التي لا تخرج عن دائرة الإنسان وتجاربه وسجل حياته. ** وغداً نكمل إن شاء الله.. *** ضمير مستتر: **(العقول الكبيرة..ينصفها التاريخ..ولا يهضم حقوقها).