لقد شرع الله سبحانه وتعالى الطلاق وورد في الحديث الشريف (( أبغض الحلال إلى الله الطلاق )) وقد ضبطه الشرع الحكيم بضوابط تضمن حفظ حقوق الزوجين وأبنائهما إن كان بينهما أطفال ، وعلى مر الزمان لم تختلف نظرة المجتمع إلى المطلقين فالثابت والمعروف والمنتشر في مجتمعنا النظرة المشككة والظالمة للمرأة المطلقة والتي قد تصل لرفض المجتمع وغلق الأبواب في وجهها ، في حين يرحب بالرجل المطلق ويعامل بأنه الزوج المغدور والمظلوم وتفتح له الأبواب ، ومع التطور وانتشار العلم وتثقف الناس بدأت هذه النظرة في التغيير مع أنها مازالت موجودة ولم تختف تماماً وأصبحت المطلقة التي كانت تخفي نفسها بالأمس خوفاً من نظرات الناس المؤلمة وأسئلتهم التي لاتهدف لشيء إلا للفضول والنميمة ، اليوم أصبحت المطلقة تسمي نفسها المنطلقة قاصدة انطلاقتها في الحياة بجد واجتهاد واثبات نفسها وقوتها وأنها لم تعد تعبء بتلك النظرات الظالمة بل استطاعت أن تتفوق على قريناتها في شتى المجالات ، واستطاعت أن تربي أبناءها وتجعل منهم رجالاً يفخر بهم الوطن كما تفخر هي بهم ، ولكن .. وأي لكن فهناك عقبة وقفت في طريق الكثير من المطلقات اللاتي ظلمن في البداية بزواجهن من رجال غير مسؤولين مما أدى لتعذر الحياة بينهما وفشلها ووقوع الطلاق ولكن ظلم اولئك غير المسؤولين لم يتوقف عند الطلاق وإنما تمادى ليصل لأطفالهم فكم من مطلق احتفظ بأبنائه لديه وقام بتعذيبهم وتفريغ جام غضبه على والدتهم بهم وكثيراً مارأينا من حوداث مؤلمة حدثت لهم وانتهت بوفاة البعض أو بإعاقة مستديمة بسبب ظلم الآباء على أبنائهم ، وأمام تعدي هؤلاء الآباء أصبحت الأم حريصة على أن تربي فلذة كبدها أمام عينها خوفاً عليه من أنياب بعض المسمين للأسف بالآباء ، وأمام حرصها هذا واجهت المطلقة مشكلة اكبر واشد ظلماً من الطلاق ألا وهي مشكلة الحفاظ على حقوق أبنائها ، فتلك الأم التي قررت تربية ابنها والحفاظ عليه وتعليمه والقيام بمسؤولياتها كاملة تجاهه بل قد تقوم بدور الأم والأب معاً أمام ذلك الطفل ناسية أن لنفسها عليها حق في سبيل أن تربي ابنها وتحسن تربيته إلا أنها تواجه العقبة الأصعب وهي رفض الأب إعطاء ذلك الطفل أوراقه الرسمية والتي تحتاجها الأم لمراجعة المستشفيات واستيفاء التطعيمات وإدخاله الروضه والمدرسة ...الخ بل لقد وصل ببعض الآباء حتى رفض إدخال ابنه المدرسة وكأنه بذلك ينتقم من أمه ، ناسياً أن لاذنب لذلك الطفل في ماحصل بينهما وناسياً بل متجاهلاً دور الأم في تربيته ، بل إن بعض الآباء ترك ابنه ولم يقم بزيارته طوال سنوات طفولته الأولى والتي يحتاج الطفل فيها إلى وجود والداه بقربه ، ولانعلم سبب انشغاله وتلاهيه عن زيارة طفله والقيام بواجباته نحو ابنه والتي كفلها له الشرع لانعلم سبب ظلمه هل هو انتقام أم كره ؟، وفي ظل غياب الأب المتعمد من قبله نرى الأم سعيدة بوجود ابنها بقربها بل إنها تحمد الله كثيراً أن والده نسيه خوفاً على نفسية طفلها من عدم الاستقرار وخوفاً عليه من أن يكتسب طبع والده المخل فنراها تسعى لتعليمه قيم دينه وتربيته وتوفير كل مايطلبه ويحتاجه في هذه الحياة ولكن عقبة الأوراق الثبوتية للطفل وصعوبة إثبات هويته في أماكن كثيرة كالمستشفيات والمدارس فيها من الظلم مايكفي ، فأمام رفض الأب إعطاء الأم شهادة الميلاد وكرت لعائلة ورفض الجهات الحكومية التعامل مع هذا الطفل بدون إثباتاته تقف الأم عاجزة فالمستشفيات الحكومية ترفض استقبال الطفل مالم تبرز الهوية الوطنية للطفل والمتمثلة في كرت العائلة الخاص بوالده والمسجل به اسم الطفل ، وحتى وان أبرزت الأم بطاقتها الوطنية كمواطنة سعودية لها الحق في أن يتلقى ابنها العلاج مثله مثل أي مواطن آخر نراهم يرفضون استقبال الطفل معززين السبب إلى عدم وجود إثبات والده ! وكيف تبرز إثبات والده إن كان والده يرفض إعطاءه أي إثبات ، وتضطر الأم عندها للذهاب إلى المستشفيات الخاصة ليس فقط للعلاج وإنما أيضا لتلقي ابنها التطعيمات الأساسية والتي توفرها الدولة مشكورة وتصرف بالمجان في مستشفياتها العامرة و تضطر الأم المغبونة لدفع ثمنها من جيبها الخاص ليتلقاها ابنها في المستشفيات الخاصة التي نحمد الله على وجودها ، وبعد المستشفى نأتي للمدرسة التي ترفض قبول أي طالب مالم يوافق ولي الأمر ومن هو ولي الأمر ؟ أليس ولي الأمر من يقوم بكافة المسؤوليات والمهام والتربية لذلك الصغير ؟ فإن كان الأب المقصود هنا – بولي أمر الطفل – قد تلاهى عنه وتنصل من كل واجباته واقلها النفقة والزيارة ، إن كان هذا هو الأب فبأي حق يسمى ولي الأمر ، ولماذا يهضم حق الأم التي قامت بالتربية والإنفاق ومراجعة المستشفيات وتوفير كل مايحتاجه الطفل وأعطته كل وقتها واهتمامها وحرصت على تعليمه ، لماذا تحرم من حق الولاية وحق الحضانة ؟؟ الم يضمن الشرع لها حقوقها ؟ وألم يكفل حق الطفل ؟ إذن إلى متى سنظل نعاني من تسلط هؤلاء الآباء الذين غابوا عن أبنائهم سنوات وسنوات ولم يسألوا عنهم إلا إذا علموا أن الأم ستتزوج ، وسؤالهم هذا ليس حرصاً على أبنائهم وإنما تهديداً للأم وعضلاً لها حتى يحرموها حقها في تكوين أسرة جديدة مع غيرهم ، وعندما يضمن عدم زواجها يعود لعالمه مهدداً بأخذ الطفل متى تزوجت ، لقد تمادى هؤلاء الظالمون وتجاوزوا كل حدود العقل والمنطق فأصبحوا يساومون على أبنائهم فبالأمس القريب نرى احدهم يرفض الموافقة على تسجيل ابنه في المدرسة ويشترط مبلغ خمسين ألف ريال ليوقع على ورقة موافقة تسجيله في المدرسة ؟؟ أي ظلم رضيه هذا المسمى بالأب أن يقع على ابنه وماذا تفعل الأم إن لم تكن تملك هذا المبلغ ؟ هل تترك ابنها بدون تعليم ؟ وهل يسمى هذا الشخص بولي أمر ؟؟ والى متى يستمر هو وأمثاله في أفعالهم بدون رقيب ولاحسيب وحجتهم الدائمة أن الشرع أعطاهم هذا الحق ! ولكنهم نسوا أن الشرع الحكيم عندما أعطاهم تلك الولاية أعطاها لهم بشروط أن يحافظوا على من تولوا أمرهم وان يحسنوا إليهم لا أن يستغلوا ذلك بتعذيبهم وحرمانهم من ابسط حقوقهم .. اليوم ومع استمرار تلك الأفعال المشينة من الآباء تجاه أبنائهم من زوجاتهم المطلقات نتساءل إلى متى سيبقى مصير هؤلاء الأطفال معلقاً بمزاج آبائهم وتحت تصرف أحقادهم الدفينة تجاه أمهاتهم ، والى متى سيظل مستقبلهم معلق برأي آبائهم الذين لم يهتموا بهم يوماً بل تركوهم وذهبوا ليلهوا في دنياهم ، إلى متى سيظل ابن المطلقة بلا إثبات هوية حيث اغلب الرجال المطلقين يرفضون إعطاء مطلقتهم كرت العائلة أو حتى صورة عنه حين تطلب منهم ذلك لحاجتها إليها في مراجعة المستشفيات أو تسجيل المدرسة والبعض الآخر قد ينسى أو يرفض حتى إضافة ابنه ، ولماذا لا يصدر لهم بطاقات شخصية تحفظ لهم حقوقهم كمواطنين سعوديين تخلى عنهم آباءهم واستخدموهم إما كأداة ابتزاز أو وسيلة انتقام .. متى سيأخذ هؤلاء الأطفال حقوقهم ومتى ستعطى الأم العائل بعد الله لذلك الطفل ولايته ؟ ولماذا لايتم إيجاد لجان رسمية تبحث في هذا الأمر وترى من أحق بتلك الولاية ، هل هو الشخص الذي تخلى وخلى ولم ينفق أو يرعى أو يعول أم تلك المرأة التي باتت تسهر الليالي رعاية لابنها وحرصاً على مصلحته .. المدينة المنورة