أوضح خبير في الشؤون الغذائية أن توفير وتأمين الغذاء لمواطني الدول العربية يعد بمثابة أهم الإشكاليات البارزة التي تؤثر بقوة على اقتصاديات دول المنطقة في ظل ماشهده العالم خلال العقد الأخير من تغيرات كبيرة ومتسارعة في إنتاج وعرض الغذاء من جهة، والطلب عليه وارتفاع أسعاره بنسب كبيرة من جهة أخرى وبالتالي تبذل الحكومات العربية جهوداً كبيرة لسد الفجوة الغذائية الناتجة عن عدم كفاية الإنتاج المحلي من السلع الغذائية بالنسبة للاستهلاك الفعلي، فيتم الاعتماد على الإستيراد من الخارج لإحداث التوازن بين المطلوب والمتوفر من أنواع الأغذية وفق الدكتور عبدالله الثنيان الذي يضيف في حديثه أن معدلات استهلاك الغذاء في العالم العربي تنمو بوتيرة متزايدة تتجاوز قدره الدول العربية الإنتاجية الحالية، حيث استوردت مجتمعة عام 2000م ما قيمته 23 مليار دولار مواد غذائية، فى حين شهدت قيمة الفجوة الكلية لمجموعات السلع الغذائية الرئيسية إستقرارا نسبيا عام 2005م وعام2006م عند حوالي 18.1 مليار دولار، ومع بداية أزمة الغذاء وارتفاع الأسعار العالمية للسلع الغذائية إرتفعت قيمة الفجوة لنحو 19.7 مليار دولار عام2007م،وبلغت قيمة الفجوة الغذائية عام 2008م ما يزيد عن 25 مليار دولار. ويتابع حديثه ل"الرياض" أن زيادة إستهلاك الغذاء بالمنطقة العربية والإرتفاع المستمر للفجوة الغذائية يرجع لعدة أسباب من أهمها انخفاض مساهمة القطاع الزراعي العربي في تكوين الناتج المحلي حيث أن مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في حدود 5٪ من المساحة الكلية للوطن العربي ، وبلغ متوسط الناتج الزراعي للفترة (2005-2007م) نحو6.2٪من إجمالى الناتج المحلى ، وكان نصيب الفرد من الناتج الزراعي لايتعدى (273) دولار علما بان نصيبه من إجمالى الناتج المحلى نحو (4401) دولار خلال نفس الفترة ، وأيضاً إنخفاض أعداد الأيدي العاملة بهذا القطاع حيث بلغت نحو 28٪ من القوى العاملة الإجمالية عام 2005م مقارنة بنسبة 34٪ عام 1995م ،في حين انخفضت هذه النسبة إلى27.5٪كمتوسط للفترة (2005-2007م). قلق متزايد لسد الفجوة الغذائية الزيادة السكانية المطردة في دول المنطقة خاصة بعد زيادة الإهتمام الذى أولته حكوماتها في المجالات الصحية حيث بلغ متوسط معدل النمو السكاني السنوي في الفترة ( 1995-2007م ) 2.4٪ سنوياً . النسبة الكبيرة للشباب في المجتمعات العربية التي قد تزيد عن 60٪ في بعض الدول العربية طبقاً لتقرير التنمية البشرية لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي حيث أن هذه الفئة العمرية في حاجة إلى الاهتمام بالتغذية الصحية السليمة كماً ونوعاً لأنها تمثل عصب القوى العاملة المؤثرة في الاقتصاد القومي . ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالمياً خلال الأعوام القليلة الأخيرة حيث ارتفعت أسعار القمح (على سبيل المثال) بنسبة 83٪ عام 2008م مقارنة بعام 2007م. ويدق الدكتور الثنيان ناقوس الخطر تجاه الفجوة الغذائية في العالم العربي, فنمو إنتاج الغذاء بالمنطقة يتراوح بين 1.5 2.5٪ سنوياً , بينما الطلب على المواد الغذائية وإستهلاكها يتزايد بمعدل 4 5٪ سنوياً ، وحسب تحذيرات منظمة الأغذية والزراعة فإن الإرتفاع في أسعار الغذاء سيتواصل حتى عام2011م وظهر ذلك جليا في أزمة السكر مؤخرا حيث إرتفع سعره بنسبة كبيرة . ويوصى الدكتور الثنيان بإتباع إستراتيجية عربية تبني على التكامل بين الدول العربية من جميع الجوانب ، واستغلال كافة الإمكانيات المتاحة سواء كانت مادية أو طبيعية , والإستفادة من المميزات النسبية لكل دولة من مناخ وأراضي وثروات حيوانية وزراعية ومياه ، مع الاستعانة بالأبحاث العلمية التطبيقية لزيادة الإنتاج الوطني العربي من المواد الغذائية لتقليل الفجوة الغذائية وما يتبعه ذلك من انخفاض للاستيراد.