تكريس الأنماط المعرفية، والتوجهات نحو صياغة المجتمعات، وصناعة المستقبلات، وبناء الإنسان هو هدف تسعى إليه القيادات التاريخية التي تبرز في حياة الشعوب، والأمم كما الشهب المضيئة تنير دروبها ومسالكها، وتحدد أماكن السموّ فيها، وتعرفها بمكامن الخطر، وطرق المنزلقات، والانتكاسات لكي تكون على وعي بها فتعمل على ردمها تماماً. هذه القيادات التي تؤسس لقيام شعوب خلاقة، مبدعة، منتجة، تمارس فعل المعرفة والتنوير، وتوظيف العقل لا تأتي كثيراً في حياة الأمم والشعوب، بل هي تبزغ كما الكواكب المنيرة، كما الحلم الذي تعمل الأمم على أن تطاله لكن الزمن والأقدار لا يجودان به. المعرفة، والتنوير، والانعتاق من البلادة، والركود، والخمول، كلها أهداف تصنعها القيادة التاريخية التي تكتب التاريخ ولا تستجدي أن يكتبها، وتضع خطوطه، ومفرداته، ورؤيته لا أن تنتظر ماذا ستكون عليه حالة التقويم، ومسار الرؤية التاريخية. والمعرفة - أيضاً - إيمان ورؤية من قيادات المملكة منذ أن وضعها الملك عبدالعزيز - رحمه الله - مؤسس الكيان، وصانعه، هدفاً من أهدافه، وأولوية من أولوياته، ليتناغم توحيد الجغرافيا، والإنسان، بالتنمية البشرية، ووضع مداميك المعرفة عند الإنسان. فقد عمل - رحمه الله - على أن تكون المعرفة، والعلم أساساً من أساسيات بناء الوطن. وكرّس مفهوم التجمعات البشرية، أو ما أطلق عليه الهِجر لكي يستقر الإنسان ويكون في مقدوره التعاطي مع المدرسة، والمستشفى، وأدوات التحضر، والحياة الجديدة. وإذا كان الملك عبدالله بن عبدالعزيز يسعى - الآن - لتكريس هذا التوجه، وتحويله إلى ممارسة يومية في حياة المجتمع فذلك إيمان مطلق منه بأن المعرفة هي سرّ تقدم الشعوب، ودخولها إلى صناعة التاريخ، واستشراف المستقبلات بوعي وإدراك وأدوات فكرية وثقافية تسهم في الإنتاج والعطاء، والخلق من أجل فضاءات حضارية مهيبة. الفعل الذي يقدمه الملك عبدالله في صناعة الإنسان، وصياغة عقله هو فعل رؤية بعيدة وعميقة، ستغير وجه المجتمع والوطن من حالات الانغلاق، والابتعاد عن التأثير إلى دخول العملية الإنتاجية المحصنة بالوعي والفكر، والعقل. على المجتمع، والإنسان أن يتواكبا جيداً مع الرؤية الاستشرافية لنسهم في البناء جميعاً. ولنكن في مكان مميز في القمة.