تعتقد الكثير من الفتيات بأن الزواج هو الحل الأمثل في الخلاص من مشاكلهن الأسرية على إختلافها،وأنه الفرج الذي يحقق لهن الغايات الذاتية والإجتماعية بعيداً عن الهدف الحقيقي له من الراحة النفسية والإجتماعيه وتكوين الأسرة ، بل يرونه ويجدونه الوسيلة الوحيدة في الهروب من القيود الأسرية التي قد تفرض عليهن أنماطا من المفاهيم الحياتية وقوننة الاسلوب في التعاملات الاجتماعية .والبحث عن موقع يكون لهن الرأي في التصرف وفرض الاسلوب. هناك أسباب عديدة ووجيهة في نظر هؤلاء الفتيات ينتظرحلها بالزواج، لكن هل تنجح جميع هذه الزيجات المبينة على تلك الأسباب ؟ أم أنها حلم ممكن أن يصطدم بعد تحققه بواقع أمر وأسوأ ؟ إحساس الأنوثة في البداية تحدثنا ضحى عبدالله 22 سنة، هي إحدى الفتيات التي تسعى وتتمنى الزواج بأسرع وقت للتخلص من منزل أسرتها، وسببها يرجع للقيود والأوامر والنواهي التي تفرضها عائلتها عليها حتى في أبسط التفاصيل، والسلطة الذكورية التي تمارس عليها دون مسوغات أو مبررات أحيانا وترسخ حاجتها في الارتباط، فعلى الرغم من أنها تدرس بإحدى كليات المنطقة بشكل منتظم، إلا أنها محرومة من وضع أي لمسات ماكياج على وجهها وفي أي مكان كان، تحكي في حسرة "لا أستطيع وضع أي شيء من مساحيق الماكياج ولو كان بسيطاً فأمي تمنعني من ذلك وتعتبر وضعه عيبا ومخلا بالفتاة غير المتزوجة، ليس لذلك فحسب، بل إني لا أخرج لأي مكان للسوق أو غيره، ولا أشتري مستلزماتي أو حاجاتي من المكتبة إلا بعد إنتظار وأخذ مواعيد من أخواني الشباب وموافقتهم على ايصالي للاماكن التي قليلاً ما يتم التجاوب معها، وهذا يزعزع ثقتي في نفسي ويمنحني احباطا في مدي قدرتي على اتخاذ قرارات ذاتية. البحث عن الاستقلالية أما بشاير محمد خريجة ثانوية عامة ترى أن الإستقلالية والتصرف بمقر سكنها بحرية أهم الأسباب التي تدفعها للإرتباط، فهي تفتقد لذلك في منزل أسرتها وترجع السبب لوالدتها التي لا تسمح لها بعمل أي شيء بالمنزل دون أخذ الموافقه منها، موضحة والدمعة بعينها "أعيش فترة أعتبرها مؤقتة من داخل نفسي فمنزلنا لا أستطيع أن أعمل به أي شيء، وكأنني غريبة فيه، ووالدتي ترفض وتكرر لي دائماً " هذا منزلي وأنا حره في ترتيبه وتنظيمه " ومن لا يعجبه يبحث عن مكان آخر ! كما لا يمكنني أن أدعو أي صديقة لي دون أخذ موافقة أمي شخصياً ولا أستطيع ان أجتهد في عمل أي مأكولات لمن يأت لبيتنا بسبب تحكم والدتي بالشاردة والواردة !لاسيما بالأطعمه بالبيت وإن وافقت على دعوتي لصديقاتي، فأنا ملزمه بشراء حاجيات ماأريد عمله من أطعمه وأشربه ، تمنيت الزواج لأستطيع أن يكون لي قراردعوة صديقاتي متى شئت وتناول ماأريد من الأطعمه وترتيب بيتي بالطريقة التي تعجبني. المسؤولية المبكرة بينما ترجع الفتاة نوف بدر 20 سنة سبب موافقتها على أي عريس يتقدم لها لتحملها المسؤوليه التي وقعت على عاتقها منذ طفولتها فهي الأخت الكبرى والمسؤوله عن أخوانها وأخواتها الخمسة الأصغر منها من جميع النواحي، موضحة "والدتي تخرج يومياً لتقوم بمسيار على معارفها وقريباتها يومياً منذ وعيت على الدنيا،كرهت الأطفال بسبب إعتنائي بأخوتي، ممنوع علي الخروج لأي بيت كان من صديقاتي، لم أعش مرحلة المراهقة أبداً، أشعر نفسي وكأنني أم لخمسة أبناء لدرجة أن أخي الصغير يناديني ماما، وتواصل بنبرة صوت حزينه "وفوق ذلك ليس لدي صلاحيات في معاقبة أياً كان منهم فوالدتي لا تقبل أبداً أن أتدخل بمعاقبتهم مهما عملوا من فوضى ومشاغبه". تجارب الزواج السيدة لولوه سعود متزوجة منذ أربع سنوات عانت الكثير قبل زواجها ومرت بمشاكل عدة وهي الآن تعيش بالدمام، وأهلها بشقرا تخبرنا " لم أتردد لحظه حين تقدم لي زوجي الحالي، ولم أحترعند علمي بأني سأسكن بمنطقه غيرالتي تربيت بها بين أفراد عائلتي، فالأهم لدي هو الراحة النفسية قبل المكان، أسرتي لاسيما والدتي حرمتني من أي شيء ممكن أن تمتلكه فتيات العصر كالجهاز المحمول اللاب توب " ولا أي طريق للرفاهية حتى الحنان كنت أفتقده مشكلتي كانت في مراقبة والدتي وتفتيشها المستمر أغراض غرفتي بشكل شبه يومي خاصة عندما كنت أدرس المرحلة المتوسطة ، وبعد تخرجي زادت معاناتي وإحساسي بالظلم حينما رفض أهلي مواصلة تعليمي بحجة أن الفتاة كلما زاد تعليمها تكبرت وتغيرت للأسوء ! أنتظرت لحين تقدم لي العريس وافقت بلا تردد والآن أواصل دراستي مع زوجي الذي عوضني الله به عن أهلي خيراً ". ولكن الأمر حصل للأسوء مع السيدة ريم منير من إحدى العوائل المعروفة بالمنطقه، فهي هربت الى الزواج بسبب بخل والدها ووقعت ببخل أعظم وهو بخل الزوج، الذي أكتشفت معه أنه أمر أقسى من بخل ذويها، لم تكن تتوقع ريم أن حظها سيكون سيئا بعد صبرها سنوات في منزل أسرتها، وهي حالياً تعيش بقلق وحالة من الاكتئاب. الرأي النفسي الأخصائية النفسية نورة سعد السهلي تشاركنا بالموضوع وتقول:بشكل عام كل الفتيات يحلمن بالزواج على اختلاف جميع المستويات والطبقات الاجتماعية والثقافية وهو حلم للغنية والفقيرة والمثقفة والأمية قد تختلف الأهداف نسبيا ما بين فتاة وأخرى ولكن يبقى حلم السكن للنصف الآخر ووجود شخص يهتم بها وحدها وتكون محط عنايته واهتمامه هوالأغلب. وتشير "على أن الفتاة قد تختلف أهدافها بتغير المرحلة العمرية والظروف المحيطة بها فالمراهقة قد تطمح في تحقيق أهداف لا تكون مهمة بالنسبة للفتاة الناضجة والعكس صحيح". وفيما يتعلق بمدى نجاح الزيجات التي تبنى بعيدة عن الهدف الحقيقي من الزواج توضح السهلي "أعتبرها مسألة نسبية تختلف من شخص لآخر ومن بيئة لأخرى التوفيق أولا وقبل كل شي من الله سبحانه وتعالى فليس بالضرورة أن من تهدف إلى الخلاص من بيت أهلها لبخل أو تشدد أنها لا توفق بل هناك من زادت لديها الدوافع النفسية لبناء أسرة تشبع فيها أبنائها من كل ما حرمت منه وتتمسك بهذه الأسرة وتحاول التعديل قدرالإمكان في ظروف الزوج وذلك حسب شخصيتها ومدى تحملها لتبعات اختيارها، وقد تصدم بعض الفتيات بواقع مختلف تماما عما حلمت به ويكون أكبرمن طاقتها وقدرتها على التحمل، إما لشدة صعوبة ظروف الزوج أو مستوى تفكيره غير القابلة للتأقلم مع شخصية هذه الفتاة الحساسة التي لا تتحمل ضغط آخر يضاف إلى متاعبها السابقة". ومن المشاكل النفسية التي ممكن أن تنتج عن عدم التحمل لدى الفتاة تبين "الإحباط ثم الاضطرابات النفسية أولا قدرالله الانحرافات التي لا تدفع هي وحدها ثمنها بل حتى الأطفال والمجتمع بأكمله". وتشير على أن سلوكيات الفتاة قد تضطرب لكبتها لمشاعرها ورغباتها وتخزينها في اللاشعور وحسب ما تعتمد عليه نظرية التحليل النفسي في فهمها وتفسيرها للسلوك إلى عناصر،وهي الاهتمام بالجانب اللاشعوري في الحياة النفسية وتركز على الدوافع اللاشعورية وكذلك تهتم بفكرة الصراع النفسي؛ وبفكرة الغرضية في تفسير( السلوك ) بمعنى كل سلوك له مغزاه ودلالته مهما كان متناقضا. فان حرمت الفتاة من رغباتها في صغرها وعاشت صراعا بكبتها فستعاني عند الكبر وقد تتكون لديها ما يسمى بعقدة النقص. في ختام حديثها ل " الرياض " أكدت الأخصائية بضرورة أن يعي الوالدين أهمية خصائص النمو لدى أبنائهم والرغبات والدوافع الموجودة لديهم في كل مرحلة ومحاولة إشباعها أو توضيح الظروف لهم إن وجد ما يحول دون ذلك وبالسعي دوما إلى الحوار مع الأبناء لضرورة سماع صوت الطرف الآخر حتى لا يبقى الصوت مكبوتا بداخلهم.