شهد الأسبوع الماضي مؤتمراً مهماً على صعيد الحركة النسائية في العالم العربي حيث استضاف "تجمع الباحثات اللبنانيات" حوالي ستين باحثة من العالم العربي والغربي جلهن من العربيات سواء من الداخل أو المهجر بالإضافة إلى عضوات التجمع اللبنانيات اللاتي يتكونّ من حوالي خمسين باحثة وبعض الباحثات المسلمات غير العربيات وغير المسلمات كمراقبات. وقد اخترن للمؤتمر عنوان "النسوية العربية، رؤية نقدية" وهو في الواقع يقدم النسوية العربية بشكلها المتعدد لكن اللغة لم تسعف العنوان فقُدم في اللغة الإنجليزية ب Arab Feminisms. وقد كان التمثيل الخليجي للأوراق معقولاً مقارنة بالمعتاد في هذا النوع من المؤتمرات ، فقد كانت الإمارات ممثلة في باحثتين وقطر في واحدة والكويت في واحدة والسعودية في اثنتين، كنت إحداهما. ويعمل تجمع الباحثات الذي تأسس في قلب الحرب اللبنانية عام 1986على إصدار كتاب سنوي محكّم في موضوع مشترك يحمل هموماً فكرية مختلفة ومتجددة بدأت في الصدور منذ عام 1994، أجد أن عدداً من الباحثين السعوديين قد اشتركوا معهن فيها منها: "المرأة والكتابة"، "الغرب في المجتمعات العربية: تمثلات وتفاعلات"، "الإعلام والاتصال في مجتمعاتنا"، "النساء في الخطاب العربي المعاصر"، "الصورة البصرية في الثقافة العربية"، "حفريات وتحريات: حيوات نساء عربيات"، "الرجولة والأبوة اليوم" وغيرها. وقد كان مؤتمرهن حول النسوية العربية مثيراً للجدل والاهتمام كذلك نظراً للاتجاهات المتعددة التي ضمتها جنبات قاعة مؤتمرات الكوليدج هول في الجامعة الأمريكية اللبنانية. فقد كانت هناك نساء ممثلات لمروحة من الأطياف التي تمتد من وسط اليمين إلى أقصى اليسار، وترددت طروحات قديمة وجديدة تحمل غالبها باحثات مهمات ورئيسات في هذا المبحث. منها قضايا في النظرية والمفهوم والتطبيق والتحديات والاتجاهات والتاريخ والمستقبل، الفنون والإبداع وملامح النسوية فيها، تجارب النساء مع الحرب وتحت الاحتلال. وقد أحسنت منظمات المؤتمر تقسيم جلساته ومواضيعها وإن لم يوفقن في عدد الأوراق المقدمة، والتي كانت كثيرة فوصلت إلى خمس وست أوراق في أغلب الأحيان في الجلسة الواحدة الممتدة لساعتين فقط. وقد كانت المحاور تتضمن: "الاتجاهات الجديدة للفكر النسوي، النسوية والفنون، الدراسات النسوية والتحولات الاجتماعية، النسوية والإسلام، العولمة والكولونيالية النسوية، النسوية-الإسلام-العلمانية، الحرب-الاحتلال-النسوية العربية، والنسوية في العالم". ولعل النسوية و الإسلام كانت من أكثر الجلسات حماساً ونقاشاً وكذلك جلستا الحرب والجلسة الأخيرة التي ضمت نماذج من النسويات العالمية منها نسوية إسلامية ماليزية ونسوية يابانية وهندية. وكانت أكثر الأوراق تأثيراً هي ورقة الدكتورة نادرة شلهوب كيفوركيان الفلسطينية المقدسية التي حللت وضع المرأة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال وهو يقوض بناء بيتها عن طريق ما أسمته بفيزياء القوة وثيولوجيا العنصرية. وكانت جملتها الأخيرة وهي تشكر المنظمات اللاتي بدعوتهن لها تمكنت من أن ترى أخويها لأول مرة في حياتها بعد خروجها الحديث من القدس حملتنا جميعاً إلى واقع آخر بحاجة إلى مقال آخر. وربما أكثر جلسة تعرضت للخليج والدور الخليجي كانت تلك التي حولت فيها الدكتورة موزة غباش زمن ورقتها من عرضها إلى عرض نقاط نقدية إلى النسوية العربية وإلى اتجاهات المؤتمرات بشكل عام في العالم العربي والذي تبرز فيه صورة غامضة عن الخليج وعن إنتاجه الفكري وتفاعله مع القضايا العربية المصيرية ولا سيما نسائه. وكانت هناك دعوة إلى أن تكون هناك مساهمة للمرأة في القضايا السياسية التي تتعلق بالمنطقة العربية لاسيما في الإعلام الذي لا يتحدث فيه إلا الرجل في حين أن الحرب والسلام قضية تعني المرأة كما هي تعني الرجل. * كاتبة ومؤرخة سعودية