في شهر شوال ومع انقضاء شهر رمضان المبارك وخلال ايام عيد الفطر المبارك وما بعدها، تبدأ مواسم الأعراس، كثير من الناس يُفضّلون الأعراس بعد شهر رمضان، خاصةً خلال عطلة عيد الفطر المبارك. للأسف الشديد فإن نسبة نجاح الزواجات هذه الأيام ليست كبيرة. كثير من الأزواج يتطلّقون بعد فترةٍ وجيزة. ليس هناك دراسات اجتماعية أو معهد مُتخصص في الشؤون الاجتماعية، مثل معظم الدول التي لديها مثل هذه المعاهد لتدرس تطوّر المجتمع في مناحٍ متعددة، خاصة جوانب الزواج والطلاق وإنجاب الأطفال وتربيهم ، والطلاق وأثره على الأبناء أو قبل ذلك أسباب الطلاق. إن وجود معهد مُتخصص للأبحاث الاجتماعية (ربما يكون موجوداً ولكن لم أسمع بأي دراسات صدرت عنه وليس معروفاً للباحثين)، أمر مهم جداً، فمعظم الدول يراقب المجتمع من خلال الدراسات التي تصدر عن هذا المعهد. أعود إلى موضوع الزواج، فأكثر الرجال يريدون فتيات أصغر سناً، وهذا أمر قد يكون معقولاً إذا كان فارق العمر لا يتعدى خمساً أو كحد أعلى 10 سنوات. ففارق السن يلعب دوراً مهماً في نجاح الزواج أو فشله. العقلية التي يُفكّر بها الرجل وهو في الثلاثين قد تتناسب مع فتاة في الخامسة والعشرين أو حتى في العشرين، لكن تكون هناك صعوبة كبيرة في أن يتفاهم رجل في الخمسين مع فتاة في الخامسة عشرة. في العيادة تمر علينا حالاتٍ فارق العمر كبير بين الزوج والزوجة، أحياناً يكون الفارق أكثر من ثلاثين عاماً، أغلب مثل هذه الزواجات تكون عبارة عن صفقة بين والد الفتاة والرجل الذي يتزوجها، فإما أن يكون الزوج الكبير في السن ثرياً أو صاحب جاه ويطمع والد الفتاة الصغيرة في أن يستفيد من ثراء الزوج ومنصبه. أكثر هذه الزواجات تكون غير سعيدة والفتاة قد تسعد في البدء بالأمور المادية التي يغرقها بها الزوج ثم تمل عندما تشعر بأنها ليست سوى قطعة متاع اشتراها الزوج للمتعة وليس لأكثر من ذلك. أغلب هذه الزواجات قد تكون من فتيات غير سعوديات ورجال سعوديين، فكثير من الرجال السعوديين الذين يرغبون بالزواج بفتيات صغيرات يذهبون إلى بعض الدول العربية ، و إلى المجتمعات الفقيرة ويتزوجون فتيات صغيرات بعضهن في الثانية عشرة من العمر. هنا يكون الزواج عبارة عن صفقة بحتة، فالأب الفقير الذي يئن تحت وطأة الفقر ورعاية عائلة قد تكون كبيرة، وفي الأصل يكون الأب غير متعلم يعيش في قرية فقيرة، فيرى في هذا الزواج صفقةٍ مُربحة، يزّوج ابنته ويتقاضى مبلغاً كبيراً من وجهة نظر الأب الفقير حسب مواصفات الثراء عندهم في قراهم الفقيرة. ويعتقد ثانياً بأنه بزواج ابنته من رجل ثري قد يُساعده على مصاريف الحياة للعائلة جميعاً. مثل هذا الأب والأم وبقية أفراد العائلة لا يفُكرون في كيفية الحياة التي تعيشها ابنتهم الصغير في مجتمع غريب، وكيف يعامل هذا الرجل المسن ابنتهم وهي بعيدة عنهم، وربما كان له أولاد أو ربما أحفاد في سن هذه العروس التي جلبها من بلدةٍ فقيرة، والحقيقة هذا ليس زواجاً بكل معانيه وإنما هو صفقة تمت بموجبها تزويج (بيع) فتاة غضة صغيرة إلى رجل مسن دون التفكير في عواقب مثل هذا الزواج، وكيف هي البئية التي سوف تعيش فيها ابنتهم!. أكثر هذه الزواجات تكون غير سعيدة فقير ولديه أولاد كثيرون لقد مرّ عليّ قصص كثيرة خلال عملي في حكايات الفتيات الصغيرات وزواجهن من رجال كبار في السن، كما قلت أحياناً تكون هؤلاء الفتيات في سن الأحفاد بالنسبة لهذا الرجل. فتاة لا يتجاوز عمرها الثالثة عشرة، تزوجت من رجل أكبر من والدها، وقد زوّجها والدها لرجلٍ متزوج من امرأتين وهو فقير ولديه أولاد كثيرون من زوجتيه ولا يستطيع توفير الأكل لأبنائه وزوجاته، والمشكلة أن زوجها الفقير، أصبح عنده ثلاث نساء، فقد تزوج الزوجة الأخيرة لكي يقوم الزوج بتحمل أقساط لبنك هي ديون على والد الفتاة، وبهذا زاد العبء المادي عليه وأصبحت الفتاة بعد الزواج لا تستطيع الحصول على الأكل، فالزوج يأتي بأكل بقدر ما يتبقى له بعد أن يدفع أقساط ديونه وديون والد زوجته التي تزوج بها لكي يُسدد ديون والدها. حملت وأنجبت طفلاً ولكن لم يكن ينزل منها حليب لأنها ببساطة لا تأكل.. لا يوجد من الأكل ما يكفي، فعندما يحضر الأكل إلى المنزل يتخطفه الأبناء والزوجتان السابقتان وتبقى هي بجسدها الهزيل لا تستطيع أن تستخلص لنفسها بضع لقيمات كي تتغذى لكي تُرضع طفلها، وعندما تشتكي لزوجها يكون الرد : هذا ما أستطيع فعله. مُرتبي بسيط وعليّ أقساط أسددها وأجرة منزل وأجرة نقل من المنزل إلى مقر عملي وبالكاد أدّبر هذا الأكل الذي يأكله كل مَنْ في البيت. هذه مشكلة حقيقية واقعية جميع أطرافها من هذا البلد ولكن تفكير الرجل الذي يتزوج بثلاث نساء، إحداهن لم تبلغ من العمر إلا ثلاثة عشر عاماً، ويتزوجها مقابل أن يُسدد ديون والدها، وهو أساساً فقير، مرتبه ضئيل جداً، ومع ذلك كان تفكيره بدائياً يعتمد على التفكير في اللحظة الآنية، ولا يفكر في عواقب الأمور وكذلك لا يحسب حساب الزمن.. إن هذه السمات الثلاث هي سمات التفكير البدائي. الفتاة لم تحبه شخص آخر في العقد السادس من العمر، تزوج بفتاة غير سعودية في الخامسة عشرة من العمر، كان كريماً مع أهلها، لكن الفتاة لم تحبه. أحضرها إلى المملكة وسكنّها في فلا وأحضر لها خادمة، بينما كانت هي تعيش في قريتها في إحدى الدول العربية في منزلٍ بدائي، تستيقظ الصباح لتذهب وتجلب الماء في أوان فوق رأسها ثم تذهب لتُطعم الحيوانات التي تعيش معهم في المنزل نفسه. لم تعجبها العيشة في المملكة، والفيلا الفخمة التي أسكنها فيها زوجها والعاملة المنزلية التي جلبها زوجها .. كل هذا لم يشفع له، فبقيت رافضة العيش معه وتطلب منه أن يعيدها إلى بلدها وأهلها، وهو يصف لها التغيير الذي نقلها منه إلى حياةٍ مرفّهة. وأصبحت تنغص عليه حياته ولم تترك له أي مجال لأن يحقق المأرب الذي تزوجها من أجله. ما يُثير استغرابي هو هذا الكم من الرجال الكبار في السن الذين يرغبون في الزواج بفتيات صغار، أقل ما يقال عنهن أنهن طفلات. وقد وردت قصص عديدة في الصحف عن زواجات من هذا القبيل في المملكة وكذلك في اليمن، حيث يتم تزويج الفتيات وهن في سن الطفولة، وآخرها تلك الفتاة اليمنية التي انتقلت إلى رحمة الله هي والجنين نظراً لصغر سنها، حيث كانت في الثانية عشرة من عمرها. إن حب الزواج من الفتيات الصغيرات، ليس زواجاً، وإنما هي مشكلة نفسية. ففي الغرب الذين يفّضلون أن يمارسوا الجنس مع فتيات صغيرات (طفلة) يطلق على هؤلاء الرجال الذين يمارسون هذا النوع من العلاقات الحميمة بأنهم مرضى باضطراب جنسي يسمى ممارسة الجنس من الأطفال، وهو ممنوع في الدول الغربية ولا يجيزه القانون. هل نطمع في أن يصدر قانون يمنع زواج الفتاة دون الثامنة عشرة، أو حتى السادسة عشرة وكذلك أن لا يكون فارق العمر كبيراً جداً، فتزويج فتاة في الخامسة عشرة من عمرها إلى شيخ في الثمانين أو السبعين، تكون هذه الزوجة في سن أحفاده، فكيف تتفاعل فتاة في هذا السن مع شيخ في سن والدها أو جدها؟ هناك صدمات نفسية تواجهها Wالفتاة التي تتزوج بمثل هذا الرجل ؟ واستغرب جداً كيف يرضى والدا طفلة ببيعها فربما يمنع ذلك بعض مشاكل الزواج في مجتمعنا. وجود معهد متخصص للأبحاث الاجتماعية أمر مهم جداً تقارب السن من أسباب نجاح الزواج