عبر معالي محافظ مؤسسة النقد الدكتور محمد الجاسر وبذكاء واضح -على هامش اجتماع محافظي البنوك المركزية العربية - عن ترحيبه بالتسوية التي تمت بين مجموعة سعد وبعض البنوك المحلية وذكر "بأنه على حد علمه تم الاتفاق على تسوية لم تشرف عليها مؤسسة النقد ولذا لم تشارك فيها" وعلى الرغم من أن تصريح معاليه لايتناسب ظاهرياً مع حجم وأهمية تلك الديون ل(120) بنكا عالميا إلا أن ذلك كان رسالة واضحة لجميع محافظي البنوك المركزية الخليجية والعربية ومسئولي البنوك الدائنة (الخليجية والأجنبية) للمجموعة، وبأن على كل بنك أن يسوي وضعه مع المجموعة ويتحمل تبعات الإفراط في تلك القروض، ووفقا لمانشر عن تلك التسوية التي تمت بتحويل ملكية أسهم كبيرة من معن الصانع ومجموعته في بنك سامبا وبعض الشركات الأخرى إلى البنوك، فإنه يجب أن نعترف بأن تملك البنوك لأسهم شركات يتم تداولها بالسوق يمثل معالجة "مؤقتة" نجحت بنوكنا بها للوصول إلى حل سريع وبأقل الخسائر الممكنة بدلا من الدخول في "إحراجات" مع بنوك شقيقه او في نفق الأحكام الدولية وقسمة الغرماء، ومايهمنا في تلك التسوية هو أن نجاح ماتم التوصل إليه مرهون بتجاوزنا لمرحلة تحويل البنوك تلك الأسهم لسيولة نقدية، والغريب أن تتملك البنوك تلك الأسهم بموجب التسوية بدون موافقة مؤسسة النقد طبقا لنظام مراقبة البنوك، كما انه بسبب الغموض فيها يطرح تساؤل: هل مكنت التسوية بنك سامبا من تملك أسهمه وهو مايخالف نظام الشركات؟ والمهم أليس من الواجب أن تتدخل مؤسسة النقد وتحقق في التجاوزات التي أجبرت البنوك على تخصيص مبالغ لتغطية الخسائر؟ فمن الواضح أن هناك قروضاً كبيرة تمت بدون ضمانات كافية، إن الذي يجب أن تتفهمه مؤسسة النقد وهيئة السوق المالية هو أن تملك البنوك لأسهم متداولة بالسوق مقابل قروضها يتطلب أن تُتخذ الوسائل لحماية السوق وليس لدعم البنوك كما اعتدنا على ذلك منذ سنوات، فلايجب أن ننظر بعد تملك البنوك للأسهم بأن المشكلة انتهت ونترك البنوك تتصرف وحدها في تصحيح أخطائها وتعويض خسائرها برفع أسعار أسهمها بالمضاربات مع محافظ تتفق بينهم المصالح خاصة وان الثقل الأكبر بالمؤشر هو لقطاع البنوك، فالبنوك لايعنيها ماسيحدث بالسوق وباقي اسهم المستثمرين، ففي جميع انهيارات السوق كان للبنوك دور كبير في التسبب في الانهيار او استمراره، فانهيار مايو 2004م حدث بعد اتخاذ البنوك لقرارات مفاجئة بتخفيض نسب التسهيلات والإلغاء لبعض أسهم الشركات مما أجبر المستثمرين على البيع وحدوث الانهيار، كما تسببت سياسات البنوك المفرطة بالقروض على الاستعجال في تسييل المحافظ لاستعادة أموالها في استمرار الانهيارات الأخيرة بالسوق عدة أسابيع، ومع ذلك مازالت البنوك تستأثر بمزايا السوق بتملك شركات الوساطة وأخذ العمولات من صناديق الاستثمار. إن الرفع السريع لمؤشر السوق باسهم البنوك فور إتمام تلك التسوية لم يكن مريحا للمتداولين بالسوق على الرغم من إيجابية النتائج المتوقعة لقطاعات السوق، فمثلاً سهم سامبا تملكته البنوك وفق المصادر بسعر (44) ريالا وتم رفع السعر إلى (59) ريالا أي (30%) خلال أربعة أيام وبنسب عليا، فمن المستفيد من رفع سعر سهم يجب على كل بنك بيعه خلال فترة محددة؟ هل هم مستثمرون أم للبنوك مصلحة في ذلك قبل نهاية الربع الثالث لكون تلك الأسهم تعتبر استثمارات قصيرة الأجل تقيم طبقا للمعايير المحاسبية بالسعر السوقي؟ فالارتفاعات الكبيرة لأسهم البنوك وسهم سامبا فور إتمام التسوية يؤكد بان هناك من استفاد من معلومة داخلية فهل ستتم معاقبته بالسجن؟ وهل يتم فعلا تتبع عمليات التدوير؟ وإذا كنت قد طالبت الأسبوع الماضي بدور رئيس لصناديق الحكومة في استقرار السوق فإن المصلحة تتطلب أيضا تضافر جهود مؤسسة النقد وهيئة السوق لحماية السوق خلال الأزمات، فهيئة السوق ومؤسسة النقد مطالبة بالتدخل لإيقاف ممارسات مضاربية على أسهم قد تضر بكامل السوق، فالحقيقة أن الوصول الى تلك التسوية وانعكاس ذلك بالقوائم المالية للبنوك كخسائر محققة او تخفيضا لما سبق تخصيصه لمقابلة تلك الديون لايعني انتهاء المشكلة بل إنه قد تم نقل المشكلة لسوق الأسهم وهو مايستوجب العمل لحلها بصفقات خاصة تبعد عن السوق بنوك لايهمها إلا رفع أرباحها لإخفاء تجاوزات مسؤوليها.