أحياناً تنشغل بالبحث عن نفسك ... تشعر أنها غائبة ... بل بعيدة ....وأحياناً مهاجرة دون أن تأخذ الإذن منك ...! نفسك هي وجودك الحقيقي ... هي أسرك للحياة بتفاصيلها ... واكتشاف وتيرتها...! مرت لحظات عديدة كنت فيها عاجزاً عن معرفة نفسك ... بليداً في فك حروفها ... توقفت كثيراً للوصول إلى دروب توصلك إليها ... وكثيراً ما عجزت ...! بدت أحيانا لك كالظل الذي يصعب ملاحقته ...! وبدت أحياناً كالبحر الهائج الذي عليك أن تقاوم جنونه لتعيش ...! تحققت لحظات التقيتها بحب ومودة ...! رافقتها ورافقتك إلى كل الأمكنة التي بدت أمامكما مدججة بوهجها ...! ومع ذلك بدت لك كالوهم التي تجيء قوافله محمّلة بالمحبة ...! أو الحياة الزائفة التي اعتادت ان تشيع الحب والجمال كل لحظة ...! تسعى دائما إلى معرفة نفسك بعيداً عن مقولة ذلك الفيلسوف ( اعرف نفسك ) ...! يظل البحث هو أرضك قاعدتك، يضخ كل لحظة اسئلته في أوردة الليل وشرايين النهار...! تريد ان تعرف نفسك إن كنت سوياً .. قبل أن تتفلسف وتصرّح أنك على معرفة بفلان وفلان .. أو أنك على معرفة بقبيلة من البشر...! تصر على استجواب ما حولك لتصل إلى نفسك لأنها زمنك الذي يخصك ...! ولأن القفز على هذا الزمن مهما كانت الطرق معبدة سيأخذك وسيعيدك إلى أرض سماؤها مفتوحة ... لكنها لا تسمح بمحاكاة الأشياء الجامدة.. أو تجاوز تلك الخطوط الحمراء التي تحد من رؤية السماء المفتوحة ...! تريد ان تعرف نفسك .. لكنك تنفرد بإحساس من أين تبدأ ؟ خطوط البداية .... تحاول على قدر الاستطاعة أن تتواجد داخلها برغبة تبدأ ولا تكاد تنتهي ...! تثق تماماً أنك ما دمت قادراً على الوصول إلى منافذ تلك الرغبة المعرفية .. فإنك قادر على الوصول إلى حقيقتك .! يتسع الزمان أمامك لتحقيق هذه الرغبة ... لكن أنت تريد ان تقبض عليها بعيداً عن زمن متسع اعتاد أن يفتح ابوابه لكل الأحلام مهما كانت هشاشتها ...! تريد أن تلامس نفسك دائماً وليس أحياناً ... تريد أن تلتقيها ..تريد أن تلتقي بها .. وترى الصورة الداخلية لها واضحة ... مضيئة ... بإمكانك أن تقرأ صفحاتها .... وأن تتواصل معها من المسافة إلى المسافة ... تريد أن تحتويك نصوصها .. وتتعمق بها ...! تريد أن تكون عند حسن ظن نفسك بك ...! وأن تملك ما تقوله لها ...! ستصل إليها ذات يوم ... وربما اللحظة ... وستعيد كتابة تفاصيلها من جديد .. وستسعد بذلك ... لكن عليك أن تتمسك بلحظة الوصول .. وأن لا تغادرها أبداً ... وأن تعتبرها محطة النهاية ...! وأن الصورة التي اردتها هي التي تمسك بها الآن .. ولن تحتاج بعدها إلى إعادة تركيبها مرة أخرى ...! وأن تقضي معها وقتاً ممتعاً .. وأن تحبها .. وأن لا تعتقد أن حبك لها مغامرة ... بل إحساس آسر بصدق الحياة واستيعابها ومحاولة اكتشافها للوصول إلى الآخرين بخطوات لا ترتبك عندما تتجرأ على كسر مفاتيح دهشة الآخرين المعتادة ...!