ثول، البلدة الصغيرة الواقعة على ساحل البحر الأحمر، الناظرة على استحياء إلى الحركة الصاخبة في جدة على بعد(90) كيلو متر فقط ، تنسل عنها ثياب الوداعة، وتقفز إلى مصاف المدن السعودية قفزة سيذكرها التاريخ وتخلدها كتب الحضارة في المملكة، فبعد صيد الأسماك ومواويل البحر، وحركة المراكب البحرية الخجولة، تحتضن ثول أضخم المنجزات التقنية، وأمهر المختصين في بحوث العلوم التطبيقية، وتتهيأ لتكون مقصد طلاب المعرفة، وناشدي التعليم المتطور، ولا غرور، فبين جنباتها جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، وهكذا تحول سكون ثول إلى صخب معرفي لا يدانيه فيها أحد. ويتابع أهالي البلدة بشغف مسار عملية التطوير التي بدأت قبل فترة، منتظرين لحظة تدشين الجامعة مع إشراقة اليوم الوطني، وتعد المرحلة الأولى من مخطط تطوير البلدة في حكم المنتهية، فمشروع التنمية يتزامن مع إنشاء الجامعة، حيث أوشك العمل على الانتهاء من المرحلة الأولى من تطوير سريع شمل الكورنيش ومرافئ الصيادين، ومقر الحرس الوطني، وحرس الحدود، وبعض المرافق الترفيهية على البحر. وأخذ في الحسبان عند التخطيط لمشروع التطوير التركيبة الاجتماعية للمنطقة والتطور السكاني، وتمدد مدينة جدة باتجاه ثول، إضافة إلى التركيز على توفير فرص العمل لأهالي المنطقة، حيث كان ذلك في مقدمة الأهداف إبان الدراسة التي أجريت لتنفيذ المشاريع، وثمة توصيات تأخذ في الحسبان رغبات سكان المنطقة، وتلبي احتياجاتهم، وقد تمت الموافقة على جميع هذه التوصيات، وستنتهي المرحلة الأولى من المشروع خلال الشهرين المقبلين، بينما تشمل المرحلة التالية تطوير البنية التحتية مثل: الصرف الصحي وشبكة مياه الشرب والطرق والمدارس والمساجد، وبناء مستوصف ومركز تاريخي بغرض المساهمة بشكل كبير في تنشيط الحركة السياحية والاقتصادية في المنطقة، مؤكداً على توفر فرص استثمارية كبيرة في ثول وما حولها، حيث يتسع مرفأ الصيادين إلى نحو 180 قارباً، بينما تتسع مرافئ الترفيه البحري إلى قرابة 120 قارباً. ولا ريب في قدرة المشروع التنموي على تحويل بلدة ثول إلى مركز استثماري مهم، سينعكس أداؤه على مستوى حياة السكان، ويؤدي إلى رفع مستوى المعيشة، خاصة أن معظم السكان يعملون في مهنة صيد الأسماك ، وقد اعتمدت شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني، وهي شركة تملكها أمانة جدة، مساحات كبيرة من الأراضي لاستثمارها وإقامة مشاريع تنموية ذات أثر ملموس تنفيذاً لتوجيهات أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل من خلال مبادرته لتقدم مدننا نحو العالم الأول، وقد بدأت أمانة جدة بالفعل في العمل على تحديد بعض هذه الأراضي وتسويرها وتهيئتها لإطلاق المشاريع التي ستقوم عليها بمساحة مليون متر مربع مجاورة للكورنيش، حيث ستقام عليها ضاحية معرفية ومدينة سياحية بمرسى خاص للرحلات البحرية. وتعمل أمانة جدة على إنشاء وحدات سكنية متكاملة الخدمات متوافقة مع النهضة العمرانية التي تشهدها ثول بعد إنشاء جامعة الملك عبدالله، ومن هذه المشاريع: إقامة كورنيش جديد، وسوق للصيادين وحديقة مفتوحة، وممشى بطول 2000 متر وعرض 400 متر، وسيتم بناء متحف ومركز ثقافي في موقع السوق نظراً لتوفر مبان تاريخية .. ومن أهم المشاريع التي ستقام بالقرب من " ثول"مدينة الملك عبدالله الرياضية " والتي تم اختيار موقعها بدقة بهدف تسهيل الوصول إليها من مدن المنطقة كافة، كما تدرس الأمانة إنشاء منطقة صناعية شرقي الخط السريع بثول، تقدر مساحتها ب 9 ملايين متر مربع، بهدف جذب الاستثمارات الصناعية، والتي ستمكن سكان المنطقة من إيجاد فرص عمل متعددة. ويعم أهالي ثول التفاؤل بمستقبل مشرق واعد، مستبشرين بالإنجازات الكبيرة التي تحققت في منطقتهم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وعلى سبيل المثال شهدت البلدة عودة المئات من أبنائها بعد رحيلهم عنها طلبا للعمل. والجامعة الجديدة بمشاريعها التي تحف بها في المنطقة تمثل تحولاً اقتصادياً وتاريخياً سيحول قرية الصيادين سابقا إلى واحدة من أهم المناطق في المملكة، حتى أن مهنة الصيد التي مارسها السكان عبر التاريخ ستشهد هي الأخرى ازدهاراً كبيراً في ظل المرحلة القادمة، كما أن المشاريع قد أنعشت البلدة اقتصاديا بشكل لافت، فأسعار العقارات ارتفعت بما يزيد على 200 %، وهو ما مكن سكان البلدة من الاستفادة الفعلية من عقاراتهم القائمة، سواء كان ذلك عن طريق التأجير أو افتتاح المشاريع التي يحتاج إليها القادمون للبلدة من كل حدب وصوب، والوضع المعيشي للأهالي بدأ بالانتعاش منذ الإعلان عن إنشاء جامعة الملك عبدالله والكثير من شباب البلدة وجدوا الفرص العملية التي أتاحها وجود عشرات آلاف العمال إبان مرحلة الإنشاء، حيث امتهن بعض الشباب العديد من المهن، أقلها تأجير المنازل وافتتاح مراكز بيع المواد الاستهلاكية، إلى جنب تأجير المعدات وتشغيل العربات والسيارات وافتتاح المطاعم.