لم يعد الاحتفال في المناسبات الخاصة داخل المجتمع السعودي رخيصاً كما كان قبل عامين ،وعيد الفطر ليس استثناء، خاصة بعد أن ارتفعت فاتورة شراء مستلزمات العيد إلى نحو 30 في المائة وفقاً لمراقبين واقتصاديين. وبشكل متزايد، ازدحمت الأسواق والمحال التجارية في الثلاثة أيام الأخيرة من شهر رمضان بالمتسوقين الذين سارعوا لشراء احتياجات العيد قبل وقت كاف . ومن غير المستغرب في هذه الأيام ، أن يواجه المتجول في شوارع العاصمة الرياض مشاكل في الوصول إلى مبتغاه بوقت قصير، حيث تعج جميع شوارع المدينة بالمركبات التي تتنقل بين محل تجاري وآخر لشراء مستلزمات عيد الفطر. وتشهد الأسواق التجارية التي تزدحم بها الرياض ، حراكاً موسمياً لا يتكرر في العام كثيراً ، حيث إن الأخبار الجيدة بالنسبة للمستثمرين هي أن مبيعات التجزئة في مراكز التسوق ارتفعت بنسبة 30 في المائة ، فيما قدرها البعض بنحو 50 في المائة ، وذلك خلال العشر الأخيرة من شهر رمضان . وهنا ،اعتبر اقتصاديون أن غياب ثقافة الشراء الاستهلاكية ،وتدافع المتسوقين إلى المولات في اللحظات الأخيرة ، رفع فاتورة الشراء بواقع 30 في المائة. ووصف هؤلاء ثقافة الشراء عند الأسر السعودية ب" الثقافة المفقودة "، لافتين إلى أن قرار شراء المستلزمات قبل حلول العيد بساعات يعدّ قرار عاطفي. وقال خلف الشمري عضو غرفة الرياض رئيس لجنة تنمية المنشات الصغيرة والمتوسطة ، أن غياب الثقافة الاستهلاكية لدى المتسوقين السعوديين تتسبب في تفكيك ميزانيات الأسر. وأضاف :" شراء المستلزمات قبل حلول العيد ب48 ساعة قرار عاطفي، ولابد أن يكون قرار الشراء عقليا وعاطفيا ، مبيناً أن تدافع المتسوقين في اللحظات الأخيرة لشراء المستلزمات يهيئ الفرصة أمام المستثمرين لاستغلال قرار الشراء في رفع تسعيرة السلع . وقال :"المستثمرون يوفرون المستلزمات في المولات والأسواق الكبرى قبل حلول أي موسم بوقت كاف، لكسب اكبر شريحة من المتسوقين، وقرار تأخير الشراء يربك المتسوقين". وأشار رئيس لجنة تنمية المنشات الصغيرة والمتوسطة إلى أن وباء أنفلونزا الخنازير تسبب في تقليص حجم المسافرين إلى خارج البلاد ، وأدى إلى زيادة مصروفات المتسوقين بواقع 30%، بعد أن تقلص حجم المسافرين في العيد إلى الخارج بسبب الوباء. إلى ذلك ، قال الدكتور خالد المانع المستشار الاقتصادي إن اتخاذ قرار الشراء في اللحظات الأخيرة يؤدي إلى زيادة الطلب على السلع بشكل مفاجئ وبالتالي ارتفاع أسعارها بشكل كبير ،معتبرا أن موسمية الطلب عامل رئيسي في ارتفاع فاتورة الشراء بنسبة قد تصل إلى 50% على حدّ قوله. وتابع المانع :" في رمضان يزيد إنفاق الأسر بنسبة 30% عن الشهور الأخرى حسب دراسات اقتصادية حديثة..ومن الأنماط السلوكية للأسر أنه كلما زاد دخل الأسرة زاد الهدر والإنفاق ومثل هذه السلوكيات لها دور كبير في ارتفاع الأسعار على شرائح المجتمع ذات المداخيل المتوسطة والمحدودة . وأوضح أنه كلما قل دخل الأسرة استلزم ذلك وجود خطة علمية للإنفاق لمواجهة الالتزامات الحياتية المتعددة، لافتاً إلى أن الأسر ذات الدخل المتوسط بالدول المتقدمة تخصص ما نسبته 5% من الدخل لمواجهة الالتزامات والظروف الطارئة غير المجدولة بميزانية الأسرة. واعتبر المستشار الاقتصادي أن عدم وجود مثل هذا البند لدى الكثير من الأسر السعودية يسبب خللاً كبيراً ومشاكل مالية واجتماعية لا حصر لها ، وذلك عائد بحسب قوله لعدم إيمان غالبية الأسر بمبدأ التخطيط والتنظيم لميزانياتها واعتماد الكثير من الأسر بعمليات الشراء على نمط المحاكاة وتقليد الآخرين ،موضحا" ذلك سلوك غير اقتصادي". وأضاف : "على المستهلك أن يتعامل مع عمليات الشراء بحسب دخله الشهري لا بحسب رغبته الشرائية"، كما يجب أن تقوم الأسر قبل ذهابها للتسوق بتحديد احتياجاتها حتى لا تقع بمصيدة التسوق فتشتري مالا تحتاجه فعلياً ،إضافة إلى استقراء الأسعار والذهاب إلى أكثر من منفذ بيع لتكوين معلومات كاملة عن السلعة ومن ثم المقارنة ما بين الجودة والسعر،مبينا أن هذه الخطوات تساهم باتخاذ عملية القرار بشكل صحيح لدى المستهلك . وقال" على المستهلكين الذين يتجهون للسلع ذات العلامات التجارية التأكد من أن السلعة المراد شراؤها تستحق الاحترام والسمعة،لافتا إلى أن بعض السلع لدينا ذات العلامة التجارية ليست معروفة بالغرب ولكن عملية الدعاية والتسويق البراقة جعلتها مهمة بينما هي بالخارج لا تحظى بنفس القيمة التي تحظى بها بالأسواق المحلية.