تخلى الرئيس الاميركي باراك اوباما امس عن الخطط بنشر درع صاروخية دفاعية في جمهورية تشيكيا وبولندا وسط اوروبا واستبدلها بمشروع معدل بعد اعادة تقويمه للتهديدات الايرانية. ويهدد هذا التغيير الدراماتيكي في السياسة الخارجية الاميركية بابعاد الدول الحليفة للولايات المتحدة والتي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفياتي السابق، ولكنه سيرضي روسيا التي عارضت خطط نشر الدرع بشدة. وصرح اوباما في بيان امس ان "هذه المقاربة الجديدة ستوفر قدرات بشكل أسرع وستكون مبنية على انظمة راسخة وتوفر دفاعات أكبر ضد تهديد أي هجوم صاروخي مقارنة مع برنامج الدرع الصاروخية الاوروبية" التي تم اقتراحها العام 2007. وجاء ذلك القرار بعدما قللت الولاياتالمتحدة من أهمية التهديد بالصواريخ البعيدة المدى التي كان يعتقد ان ايران تمثله استناداً الى معلومات استخباراتية. وأوضح وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس الخطط الجديدة وقال إن الصواريخ المعترضة ستنشر في البداية على سفن لتسهيل نقلها من منطقة الى أخرى. وأضاف ان "المرحلة الثانية، التي ستتم تقريبا في 2015، ستشتمل على صواريخ اس ام-3 متطورة وتنشر على الأرض".الى ذلك أعلن العديد من القادة الاوروبيين امس ترحيبهم بالتخلي عن المشروع الاميركي الحالي للدرع المضادة للصواريخ ورأوا في ذلك، على غرار المانيا، إشارة تقارب مع روسيا في حين تحاشت وارسو وبراغ ابداء انزعاجهما من هذا القرار. وكانت ألمانيا، التي لم تنظر أبداً بعين الرضى الى مشروع الرئيس الاميركي جورج بوش بنشر صواريخ على مقربة من حدودها، من أكثر المتحمسين لقرار اوباما. وقالت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل "أرى في قرار اليوم بارقة أمل" في التمكن خصوصاً من "التغلب على الخلافات مع روسيا" وذلك لدى وصولها الى مقر اجتماع القادة الأوروبيين في بروكسل. من جانبه، أكد رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون انه يدعم "بالكامل" قرار الولاياتالمتحدة التخلي عن مشروعها لنشر درع مضادة للصواريخ في اوروبا. وأضاف ان "منع انتشار الأسلحة النووية لا يزال أولوية بالغة الأهمية بالنسبة لبريطانيا". كما رحب الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف بالقرار "المسؤول" لنظيره الاميركي باراك أوباما بشأن التخلي عن مشروع الدرع المضادة للصواريخ في اوروبا، معتبراً ان الظروف باتت مواتية لقيام تعاون ضد الخطر البالستي. وقال مدفيديف "أنا على استعداد لمواصلة الحوار"، مضيفاً ان "اعلان واشنطن اليوم يدل على وجود ظروف مواتية" على الأرض للتعاون المشترك في مجال الأنشطة المضادة للصواريخ. من جهة اخرى، نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية اندراي نسترينكو امس ابرام اي اتفاق سري مع واشنطن في مقابل تخلي الاخيرة عن مشروع الدرع المضادة للصواريخ في اوروبا. وقال المتحدث في مؤتمر صحافي ان "بعض وسائل الإعلام أدعت اننا ابرمنا اتفاقا متعلقا بالدرع المضادة للصواريخ. لكن يمكنني القول ان هذا التصرف لا يتوافق مع سياستنا او مقاربتنا لحل أي مشكلة". صورة نشرها موقع الحرس الثوري الإيراني لانطلاقة ثلاثة صواريخ خلال تجربتها في موقع بالصحراء الإيرانية.. وكانت الولاياتالمتحدة قد أعلنت عن خططها في نشر نظام درع صاروخي في أوروبا(رويترز) ويرى الأوروبيون ان التخلي عن مشروع الدرع يمكن ايضا ان يقنع الروس بإبداء انفتاح أكبر على فكرة تشديد العقوبات على ايران بسبب برنامجها النووي، الأمر الذي ترفضه حتى الآن موسكو وبكين العضوتان الدائمتان في مجلس الامن الدولي. من جانبها تجنبت بولندا وتشيكيا، اللتان كان من المقرر نشر عناصر من الدرع الاميركية على اراضيهما، توجيه أي انتقاد الى واشنطن. وقال رئيس الوزراء التشيكي يان فيشر في بروكسل "ليس هناك اي سبب يدعو الى تغيير علاقتنا الممتازة المستوى مع الولاياتالمتحدة". من جانبه، قال رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك انه "قرار سيادي لرئيس الولاياتالمتحدة وحكومته". الا أن مسؤولاً امنياً بولندياً رفيعاً اعتبر ان تخلي الولاياتالمتحدة عن مشروع الدرع المضادة للصواريخ اخفاق سياسي لإدارة باراك اوباما في أوروبا الوسطى. من جهته، أشاد الأمين العام لحلف شمال الاطلسي الدنماركي اندرس فوغ راسموسن بعزم الولاياتالمتحدة على جعل الحلف مستقبلاً "أكثر مشاركة في الخطط الاميركية في مجال الدفاع الصاروخي". وقال إن ضم جميع الحلفاء الى المباحثات "خطوة إيجابية" كما انه يصب في "مصلحة حلفائنا في أوروبا الشرقية".