مدخل: الكلام اللين يغلب الحق البين.. أولا اختلف مع كل من يقول عدم التأهل ليس نهاية المطاف وأن انجلترا وفرنسا وغيرهما من الدول لم تتأهل، سواء في هذه التصفيات أو قبلها.. والسبب أن المقارنة غير منطقية، فانجلترا على سبيل المثال من تقارع في التصفيات ومنتخبنا من يقارع؟!! • كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ألا يتأهل منتخبنا من أصل أربعة مقاعد، وأمام فرق عادية، والكارثة الأكبر ألا نتأهل في الفرصة الخامسة..!!! • ثم بالله عليكم (وش نقول) لو كنا في قارة أفريقيا وعشنا المعتركات الطاحنة؟!!.. • رياضتنا مريضة.. ومنذ حصولنا على كاس آسيا بالإمارات (بضربات الترجيح) ونحن لسنا بخير، وكل نتائجنا التي تحققت كانت بطلعة الروح فضلاً على أننا لم نحقق كأس آسيا منذ ذلك التاريخ.. • كيف نتأهل ونحن لم نستطع تجاوز العراق المنهك ونجعله يحقق كأسا لم يقدر عليها وهو بكامل عافيته؟ بل كيف نحلم بالتأهل ونحن من أدخل عمان إلى بوابة البطولات؟!! في الوقت الذي عجزنا فيه عن تحقيق كأس الخليج منذ بطولة الكويت؟!!! • دعونا نسترجع الماضي الجميل لنصل إلى الحقيقة التي لا نريد أن نفهمها.. منتخبنا للناشئين الذي حقق لنا كأس العالم كان بطلاً لآسيا، ثم بطلاً للعالم، ومن ذلك المنتخب انطلقنا للعالمية فكان المنتخب السعودي إذا لعب يمتع ويمزق كل من يقابله.. وعناصر كثيرة من منتخب الناشئين البطل واصلوا المسيرة ليلتحقوا بالنجوم الكبار ويحققوا لنا أهم انجازاتنا الرياضية بالصعود للدور الثاني في كأس العالم 94م مع (مدرب مغمور).. • كان لدينا منتخبات للناشئين وللشباب مرعبة لها صولات وجولات وبطولات ومنها كان مداد المنتخب الأول.. • وحينما أهملنا هذا الجانب ضعنا بكل بساطة.. فعلى مستوى بطولة آسيا للناشئين لم نحقق البطولة منذ أكثر من عشرين عاما بينما غاب المنتخب الشاب والمنتخب الأولمبي عن كل البطولات؟!! الاحتراف الكارثي..!! • برؤية شخصية أرى أن كارثة الكرة السعودية ليست وليدة الزمن الجديد ولكنها نشأت منذ أن بدأ الاحتراف.. • فالأندية منذ أن بدأ الاحتراف ومنذ أن أتيحت لهم أمور نقل اللاعبين وشراء عقودهم أهملوا تماما القاعدة وبدأ تركيزهم على شراء اللاعب الجاهز من أي نادي حتى وصلت الأمور للمزايدات المالية لنصل إلى أرقام غير حقيقية ولا نعكس مستوى اللاعب وما يستحقة.. • لأن اللاعب الذي تتسابق عليه الأندية هو بالأصل لاعب يعتمد على مهارته وغير مؤسس بشكل صحيح، لهذا عمره قصير في الملاعب وبمجرد تحقيق المال والشهرة تبرد عنده كل رغبة في التطوير فهو بالأصل غير معد ليخدم سنوات طويلة..!! • نادر جدا أن نسمع عن أن النادي الفلاني قد اشترى عقد لاعب عمره 15 سنه؛ ليطور مهاراته.. فكل رئيس يتقدم لرئاسة النادي يبحث عن انجاز شخصي عبر ناديه، فيبحث عن اللاعب الجاهز ويهمل البناء.. والمتضرر الأكبر هو الرياضة السعودية، وللأسف يحدث كل هذا بمباركة من الاتحاد السعودي لكرة القدم، الذي لا يرى أبعد مما يراه رؤساء الأندية المؤقتون وها نحن ندفع هذا الثمن، وها هو البركان الذي بدا يغلي مع بشائر الاحتراف ينفجر بقوة ليشوه كل أحلامنا في رياضة الوطن..!! • نحن لم نفهم من الاحتراف سوى أن النادي الفلاني يستطيع شراء عقد اللاعب الفلاني من النادي الفلاني..!! بمعنى أننا لم نتعامل مع الاحتراف بكافة جوانبه.. ولم نتطور فكرياً ولم نطور العاملين في الاحتراف على فهم ما هو الاحتراف أصلاً.. • حتى اللاعب لدينا لا يعرف ما له وما عليه في الاحتراف فلا تزال حتى العقوبات والمكافآت لا تخضع إلا لأمزجة من يقودون الأندية، من دون حسيب أو رقيب، حتى تظن أحيانا أن اللاعبين موظفون عند رئيس النادي وأعضاء الشرف وليسوا نجوماً لهم ما لهم وعليهم ما عليهم..!! • سأضرب مثالا حيا بنتائج إعداد الناشئين، وهو نادي الوحدة الذي ركز في هذا الجانب، وأنجب جيلا ممتعا، فرقته سطوة الاحتراف، هذا الجيل هو مداد الأخضر الآن وليس غيره، وعليكم تتصوروا لو أن هذا الجهد كان في كل النوادي..؟!! ثاني الكوارث..!! مشكلتنا أننا نريد أن نأكل كل شيء في الوقت الذي لا نستطيع فيه أن نأكل لقمة واحدة.. • كنت أتمنى أن يكون هناك أجندة أولويات لدى الاتحاد السعودي لكرة القدم، لكي يعرف الجميع ماذا نريد من منتخبنا؟ • فإذا كان الطموح لدينا هو الوصول إلى كأس العالم وتحقيق انجازات مشرفة علينا مثلاً أن نشارك بالفريق الرديف في بطولة كأس الخليج التي لا تقارن بكأس العالم، والمشاركة بها بالفريق الأول ليست سوى أنهاك لقدرات اللاعبين فنياً ونفسياً.. • ثم ألا يستحق إعداد منتخب لمثل هذا الحلم أن يتم إعادة النظر في المسابقات المحلية للموسم الذي شهدته هذه التصفيات.. • وبما أننا نعمل لأجل بطولة بهذا الحجم كان علينا أن نقارع منهم أقوى من منتخبنا بكثير لا أن نلاعب منتخب ماليزيا الأولمبي..!! وكان لابد من برمجة مباريات ودية من العيار الثقيل وعلى مدى الموسم لنجرب كل مالدينا.. • كان علينا أن نحمي نجوم المنتخب من الإعلام المتعصب (والتوجيه) باحترامهم وتهيئتهم للمصلحة العامة وليس للهدم وبث الدسائس والتناحر والتباغض..!! • ولكن الذي حدث أننا لم نفعل أكثر من (غيروا) المدرب و(غيروا) مدير الفريق وتركت بقية الأمور للمصادفة.. غير أن المصادفة لا تصدق دائماً، والطالب الذي لا يعد نفسه للامتحانات بشكل جيد حتما سيحصد نتيجة ما قدمه.. • والنتيجة النهائية خسرنا كل شيء..!!!!!! لكي نعود.. كنت أكررها دائماً مع كل إخفاق جديد، خاصة في السنوات الأخيرة، وأقول للمسئولين اضربوا بيد من حديد، طالما الجراح ساخنة.. ولكن في كل مرة تبرد الجراح، وننسى الأوجاع، حتى تعودنا على عدم الألم وأصبح تحملنا للخيبات كتعاملنا مع الأفراح. • ولأنني والله ما كتبت حرفاً هنا إلا من حبي لوطني، وجراحي لخسارته لا تبرد أبداً.. سأعيد كل ما يمكن أن يذكر بطريق العودة الذي تهنا عنه.. وسأكتب كلما أحسست أن لدي ما أضيفه، فانتصارات الوطن ترفع رأسي وتزيد أفراحي وأوجاعه تقتلني.. فالوطن ليس فريقي المفضل لأتجاوزه ولكنه دمي وحياتي. • طريق العودة يبدأ من الأساس.. فالبناء لا يمكن أن يبدأ من فوق ونحن أهملنا هذا الجانب كثيراً.. علينا أن نترك هندستنا المعمارية التي ضيعتنا لنعيد ترتيب القاعدة بشكل يضمن لنا بناء قويا متماسكا.. • بناء القاعدة الرياضية يجب أن يبدأ مبكراً ومن عند الأندية ولكن بتوجيه ومتابعة ومحاسبة قوية من رعاية الشباب.. بزرع أسس الاحتراف الصحيح وزرع القدرة الفنية لدى أجيال ومستقبل الوطن .. • طريق العودة يحتاج أن تمنح منافسات الصغار أكثر مما تمنح منافسات الكبار .. • يجب أن نعود لنحقق كأس آسيا من الناشئين لنكرر بأذن الله الحلم بتحقيق كأس العالم للناشئين ومن ثم تحقيق الآمال المتاحة في بقية الدرجات.. • وما ينطبق على دوري الناشئين ينطبق على دوري الشباب لأننا من دون ذلك سنكرر كل ما يحدث لنا الآن بل أسوأ من ذلك.. • واذكر أن قوة منتخب عمان الذي تجاوزنا الآن رغم ضعف الدوري لديهم كانت بسبب تجهيز فريق الناشئين الذي حقق مكاسب كبيرة في كأس العالم • وأذكر إن قطر جهزت اكبر أكاديمية للصغار وهي تعمل بكل هدوء لجيل سيأكل الأخضر واليابس.. • أن كنا نحلم فغيرنا يعمل، وحتى منتخبات اليمن السنية لها صولات وجولات، فإن لم ندرك ونفعل حتماً سنكون في الأخير..!! الاحتراف الخارجي.. بناء القاعدة الرياضية سيحقق لنا أحلامنا حتى على مستوى احتراف لاعبينا الخارجي.. ويجب أن تتغير عقلياتنا ونتخلى عن عنادنا، وأن لاعبينا اما ان يلعبوا في ريال مدريد أو برشلونة، وإلا مافيه احتراف!!.. تعلموا من تجربة مصر وكيف استطاعوا إنجاب جيل محترف شارك بكل المنافسات الأوروبية المختلفة.. بل تعلموا من القارة السمراء بأكملها كيف تدرجوا حتى أصبحوا يقودون أكبر فرق العالم وغدت أسعارهم الأغلى.. الاتحاد السعودي لكرة القدم مطالب بالتدخل في عمل الأندية في جانب الاحتراف الخارجي.. وعلى الأندية واللاعبين النزول من أبراجهم العاجية وقراءة الواقع والموافقة على أي عرض أوروبي، بل على الأندية بدافع من اتحاد اللعبة تسويق لاعبينا بكل الطرائق المتاحة، ودعم الصفقة بكل الطرائق لأن الخطوة الأولى للعالم الوصول لنخبة الأندية تأتي بالتدرج.. وعندها ستتهافت الأندية على لاعبينا وأتمنى أن تكون أولى الخطوات باحتراف وليد عبدالله وأسامة هوساوي فهما يملكان القدرة على المنافسة في البطولات الأوروبية.. إلى المسؤولين.. في مقال سابق بعد إحدى الخيبات كتبت (اغضبوا طالما سيضحك الوطن) وما كتبته في الأعلى ليس سوى تكرار لما كتب سابقاً، ولكنه بأسلوب مختلف ولكني أتعمد الآن أن أعيد فقرة ختمت بها ذلك المقال، وهي رسالة للامير سلطان بن فهد قائد الرياضة في وطني.. «لا ينكر انجازات الرياضة السعودية في عهد الأمير سلطان بن فهد إلا جاحد.. وإذا ما تحدثنا عن خلل فإننا نساعد المسؤول الاول عن الرياضة على تشخيص الأمراض.. لسنا متشائمين ولكننا غير متفائلين بمستقبلنا.. هناك أخطاء فادحة جداً في كل الاتحادات، وفي أنظمة البطولات، وفي اللوائح، وكل هذه هي من تسبب في تقهقرنا وسيستمر النزيف ما لم يعالج الجرح.. أملنا أن تحل اللجان البالية والاتحادات التي لم تحقق أحلامنا، وأن يتم إعادة تشكيل نظام صارم يعيد لنا أمجادنا.. نريد أن يعلم الجميع أن الوطن أهم من رضا أشخاص أو فئات.. نريد أن يعلم المتجاوزون في الرياضة أن ابتسامة الوطن أهم من كل شيء.. وأن اليد التي تكرم تستطيع أن تضرب إذا تعلق الأمر بسمعة الوطن.. هناك أمراض ودسائس ولغة غير صحية في الوسط الرياضي تنهش في جسد الرياضة منذ سنين والامير سلطان بإذن الله قادر على تنظيف الرياضة منها، وكل ما ذكر يا سمو الأمير هو واقع نحث على الخلاص منه؛ لأننا اعتدنا في هذا البلد الأشم أننا في الصدارة ولا نعرف المراكز الأخرى وهذا ديدن ولاة أمرنا أعزهم الله في كل جوانب الحياة. لذا فمن حقنا أن نحافظ على عزتنا وتقدمنا وهذا لن يحدث طالما أخطاءنا بهذا الحجم..» •وبعد.. هذا كل شيء.. منتخبنا خارج منظومة كبار العالم وأتمنى ألا يكون مصيرنا المقبل مع كأس العالم كما آل إليه مصيرنا مع كأس آسيا..