في مقالتي الأسبوع الماضي رفضت تحقير رجل الامن السعودي في الدراما السعودية... وجاءت الردود العزيزة من احبتي القراء بين مؤيد ومعارض ومتحفظ..واثار الكثير منها علامات استفهام عديدة حول الدراما السعودية مؤكدين انها للاسف تمارس الاحتقار للمواطن السعودي عموما ... رغم تحفظي قليلا على ذلك الا اني اجد فيها جانبا من الموضوعية باعتبار ان تلك المشاهد في واقع الأمر لاتمثلنا كمجتمع تغير كثيرا ونضج كثيرا وتحضر كثيرا...وزادت دهشتي حينما علمت ان تلك المسلسلات يتم انتاجها بملايين الريالات حيث انها للاسف لاتمثل الا نفسها فهل يعقل ان شبابنا مثلا يعاني من التخلف العلمي والذوقي والحضاري كما يظهر في تلك المشاهد...؟ المبالغة في طرح الرؤية نحو موقف او حاله للاسف تخضع لرؤية فردية في مسلسلاتنا المحلية وتركز على الجانب الاسود والمحدود... الدراما الخليجية رغم تحفظي عليها لاتنظر للمواطن المحلي برؤية التخلف ابدا بل تعطيه مكانته الاجتماعية والعلمية والحضارية المناسبة اما الدراما السعودية فهي لاتشبهنا ابدا بل انها تمثل حقبة زمنية تجاوزناها كثيرا .. عرض المواطن السعودي في المشهد الدرامي للاسف يشبه عرض انسان بدائي لم تمر به قاطرة التحضر...، يتم عرض شبابنا وكأنهم مجموعة متخلفة لاتعرف شيئا ابدا وخارج نطاق الحراك العالمي مع ان الواقع غير ذلك فهم مبدعون في غير مجال ...الفتاة ايضا يتم تصويرها كما لو كانت مخلوقا عاجزا ينتظر الزوج فقط...اما السيدة فهي مجرد انسانة تجيد سكب الشاي ومناداة الشغالة عند كل صغيرة وكبيرة...اما الاب فهو رجل قاس طماع متخلف شكلا ومضمونا...، ناهيك عن تصوير علماء الدين بشكل غير مناسب من حيث الشكل والاسلوب وكأنهم في مجملهم قساة ... تلك الاشكالية اجد انها تبرز في مسلسل وآخر بدرجة واخرى واشعر انها سوف تكون المعول الرئيسي الذي سيقضي على الدراما السعودية التي تحولت الى فعل موسمي متشابه يرتكز على استغفال المشاهد السعودي بشكل كبير .. تفاعل المشاهد مع حلقة التطوير مثلا يكشف عن وعيه وإدراكه... ، ورفضه لسفاهة الطرح الاخر يؤكد هذا الوعي خاصه وان بعض المعروض في تلك المسلسلات يوحي ان الممثلين والكتاب خارج نطاق المجتمع وانهم يكتنزون فكرة قديمة تذكرني بإصرار بعض كتابنا على مشكلة غلاء المهور بعد انتشار زواج المسيار والمسفار والمطيار... استمرار المشهد الدرامي في إظهار المواطن السعودي بشكل غير مناسب في لبسه وسلوكه او تحقير بعض الفئات سيكون قاصمة الظهر له لأن الشباب على وجه الخصوص لن يتابعوا صورة لاترتبط بذهنهم فهم يعيشون واقعا مختلفا عن آبائهم وإن كان الكبار يضحكون على صورة تذكرهم بالماضي فإن الشباب كما ترك تشجيع نوادينا الرياضية لضعفها سيترك الدراما المحلية لنفس السبب ...وسيتابع المشهد الخليجي والعربي والغربي وستبقى السعفة الذهبية حلما يتنافسون عليه والمشاهد خارج التغطية...