ليس من المنطق أن يتكئ المواطن العربي عبر ذراعه أو إيحاءات أحلامه أو موجودات ذاكرته فيستعيد بين وقت وآخر أنه ملك زمناً سيادياً قبل ما يقارب الألف عام، كان في نفوذه وقوته وانتشاره يماثل أمريكا في عالم اليوم.. نعم كان العربي موجوداً عبر وسائل التميز في ذلك الوقت، لكن ماذا بيده الآن؟.. بل كيف تقوى المجتمعات محلياً وتنتشر الدول خارجياً؟.. طبعاً ليس بالاحتلال فهذه مرحلة انتهت، ولكن بروابط تعزيز قدرة الذات ودخولها المشاركات في ميادين العلم والاقتصاد.. في ذلك الماضي لم تكن المكاسب تتجاوز قطيع الأغنام وتدفقات مسار الإبل ووسائله في سبيل ذلك كانت اندفاعات الخيول.. لقد اغتنى وارتوى في ذلك الماضي من مكاسبه في داخل شعوب بعيدة لكن بوسائل لم تكن علمية إطلاقاً.. أين يقف الآن؟.. نعم هو يركب السيارة ويستخدم الجوال ويصعد الطائرة ويضيء الكهرباء وينتقي أذوق وأجمل أدوات المعيشة ووسائل ترفيه المذاقات.. لكن ما هو دوره في أي من ذلك؟.. ما هي المقارنة بين حاضره وماضيه؟.. إنه ما زال نفسياً يتمسك بنوعية قدرات ماضيه لكن ضد بعض توزعاته الجغرافية.. لندع الألف عام.. نذهب إلى الخمسين عاماً.. ألم يكن قبل ذلك رغم تكاثر الركود وضآلة حجم المدن وبساطة وسائل الحياة أفضل كثيراً في مظاهر ترابط حياته الاجتماعية داخل بلده أو مع جيرانه من نفس عروبته ودينه؟.. إن مظهر الهموم يوحي بأن العالم العربي يعيش عداوة متواصلة مع إسرائيل.. هل هذا صحيح تماماً؟.. لا.. هناك عداوة أخطر وهي التي بينه وبين فئات ذاته، طبقات مجتمعه، نوعيات فكر محيطه، ثم صلته بالآخرين في محيط عروبته.. ليت كل مواطن سعودي لكي يتعرف على إيجابيات واقع مجتمعه.. رغم اعترافنا بوجود عقبات كثيرة أمامنا لكننا منطلقون نحو ذلك الأمام.. ليته يتأمل هذه المقارنات.. لو قرأنا صحف غيرنا.. في أكثر من عشر دول.. لوجدنا أنها أشبه بفرن يلقى به يومياً ما يثير سخونة اهتمامات الناس بقضايا جانبية أو بادعاءاتهم أو عيوب تردد عند الطرف العربي الآخر.. خذ بعض الصحف السعودية وراجع ماذا كانت تهتم به قبل أربعين عاماً وقارن بينها وبين ما هو مهم الآن.. ستجد أن هناك تغيرات إيجابية كثيرة لا تكرر الوعود ولا تتعامل بلغة الإيهام فلكل عقد زمني تطلعاته وفي كل عقد لاحق تتوافر منجزاته.. لكن في صحف عالمنا العربي سوف تستغرب بأن ما كتب قبل الأربعين عاماً يتواجد تكراره في المضمون مع تراجع فئات المجتمع عن تحمل مسؤوليات التغيير الإيجابية علماً واقتصاداً.. أجزم أننا لو غسلنا أيدينا جيداً من واقع أوضاع معظم دول العالم العربي وتوثق في نفوسنا اليقين بأننا نمر بمرحلة بناء وتعديل وتقويم وتطوير نحن فيها أمام خيار «نكون أو لا نكون» وبالتأكيد الكل، أو على الأصح الأكثرية الكبرى، تريد أن «نكون».. ولكي يحدث ذلك يجب إدراك بأنه أيضاً مرهون بزمن محدود يجب أن نستفيد منه الآن..