تشكل عملية تنقل المرأة بين بيتها وعملها أو خروجها للسوق بصحبة سائق، هاجساً لدى بعض السيدات بعد تعرضهن لمحاولات تحرش من قبل السائقين، وغالباً ما تلجأ بعض السيدات للكتمان وعدم الإفصاح عما تعرضن له من تحرش خشية الفضيحة أو ردة فعل عنيفة من قبل زوجها أو إخوتها. وتصاعدت وتيرة الانقسام والجدل في الرأي العام في المملكة العربية السعودية بسبب رفض المجتمع السعودي قيادة المرأة للسيارة والاعتماد على زوجها أو أحد محارمها في التحرك والوصول من مكان لآخر، وفي حال اضطرتها الظروف تلجأ لاستئجار سيارة ليموزين للتحرك من مكان لآخر، لكن أكبر الحلول التي لجأت إليها الأسر السعوديّة، أتاحت وجود السائق الغريب مع المرأة داخل سيارة واحدة، ما جعل بعضهن يصطحبن معهن صواعق كهربائية أو سكيناً صغيرة لمواجهة أي اعتداء جنسي أو تحرش يتعرضن له. ويستند الحظر الحكومي لقيادة المرأة للسياراة إلى فتوى للمفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء الراحل الشيخ عبدالعزيز بن باز والمعروفة باسم «بيان 1411ه»، التي تقضي «بعدم جواز قيادة النساء للسيارات، ووجوب معاقبة من تقوم منهن بذلك». احتياجات جنسية: وبحسب الشرق قال الاختصاصي النفسي الدكتور وليد الزهراني إن السائقين معظمهم متزوجون ويمارسون حياتهم الزوجية قبل مجيئهم للمملكة، ولدى السائق احتياجات عاطفية وجنسية؛ حيث إنه يمكث في المملكة فترة تتراوح ما بين سنتين إلى ثلاث سنوات وهو محروم من العلاقة الجنسية فهو يمثل خطراً على العوائل، خاصة على الأطفال الصغار والنساء، خاصةً عندما تخرج المرأة بمفردها في السيارة، ونحن نعرف مدى الاحتياج الجنسي للإنسان، والسائق بشر، والمرأة بمثل هذا الوضع تستثيره، كل ذلك يضاف إلى ظروفه الصعبة فهو متعب نفسيا من حالة الفقر فالحرمان على حرمان يولد مشكلات كبيرة وسيكون لها انعكاسات نفسية. قيادة المرأة: وأكدت الاختصاصية النفسية ميسون عبدالرزاق أن الإنسان عبارة عن مشاعر وأحاسيس مشيرة إلى أن هذا السائق عندما يستقدم من بلاده ويمكث فترة طويلة تتولد لديه احتياجات ورغبات، وهذه قد تثار عندما يجد الفرصة السانحة له، ومن هنا أحذر من ترك الأولاد الصغار أو أحدهم مع السائق، مؤكدة على أهمية المحرم في حماية الأولاد من التحرش أو الإساءة إليهم من قبل السائقين. وقالت عبدالرزاق لحل مشكلة السائق نحن بين خيارين إما السماح بقيادة المرأة أو سن قوانين جديدة تجبر الأسر على استقدام السائق مع زوجته. زوجته خادمة: وقال المستشار الاجتماعي محمد القحطاني إن السائق لا يتمكن من استقدام زوجته لأن مرتبه الشهري لا يتجاوز 800 ريال وهو يحتاج للسكن والمعيشة إضافة إلى مسألة تأمين العلاج، ووضع القحطاني حلولاً للمشكلة: استقدام رب الأسرة لزوجة السائق كخادمة، وتحديد عمر السائق فقد يكون العمر الافتراضي ما بين 40 – 50 سنة فلا يستقدم السائقين الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 25 – 30 سنة، ومن الحلول عدم تحرش النساء والأولاد بالسائقين لا نقول غير موجودة، موجودة وشيء ملموس وقضاياه كثيرة وكذلك التحرش المباشر من السائقين بالأسر. استقدام سائقات: وقال القحطاني من الحلول إيجاد لجنة متخصصة في مسألة استقدام نساء سائقات في أعمار تتراوح ما بين 35 – 45 سنة طبعا سيعارض الكثير في مسألة لماذا امرأة تقود السيارة؟ لكن هذا أمر مبرر للاستغناء عن السائقين، أو أن تقود النساء السيارات في عمر متقارب من 40 – 50 سنة وتكون لها سيارتها الخاصة تذهب لعملها وتعود ويكون هناك قانون صارم لضبط هذا الأمر. لا يكفل زوجته: وأكد رئيس لجنة مكاتب الاستقدام بالغرفة التجارية الصناعية في الرياض سابقا والمستثمر في مجال الاستقدام وليد السويدان للصحيفة أن المرتب الشهري الذي يحصل عليه السائق الأجنبي لا يؤهله لاستقدام زوجته أثناء عمله في المملكة. وقال إن مرتب السائق لا يتجاوز ال 800 ريال، مشيرا إلى أنه حتى المواطن السعودي إذا كان مرتبه الشهري أقل من ثلاثة آلاف ريال لا يحق له الاستقدام سواء سائق أو عاملة منزلية. وحول الحد من المشكلات التي تظهر من بعض السائقين للعوائل السعودية، قال السويدان «يسمح لصاحب العمل أن يستقدم زوجة السائق كعاملة منزلية لديه وتكون على كفالته شخصيا وليست على كفالة زوجها السائق». قيادة المرأة: وتحدثت الناشطة الحقوقية إنعام العصفور عن الحل الذي برز في حملة قيادة المرأة السعودية للسيارة وهي التحرك الأبرز للمجتمع المدني في السعودية، وقد برزت من فترة طويلة ولا تزال مستمرة ثابتة الأهداف بالرغم من تغيير الشخوص المطالبين بهذا الأمر. وكشفت بأن التحرش الجنسي بالنساء والأطفال هو من أهم أهداف الحملة، لأنه يشكل ظاهرة غير مرئية لأن العديد من الأطفال يخفون على أهاليهم ما يحصل لهم من تحرش، وتعتقد العصفور أن السماح للمرأة بالقيادة وسيلة لحماية الأطفال والنساء. أكبر الأخطار: وأكدت الباحثة التربوية استقلال الحليو على أن وجود سائق أجنبي في المنزل يعتبر من أكبر الأخطار لافتةً إلى مشكلة الاعتداءات على الأطفال، حيث إن الأسرة تعطي الثقة للسائق وتعتمد عليه في نقل الأطفال بمفردهم من مكان لآخر، وبالتالي يكون من السهل عليه أن يستدرج الطفل بهدف اللعب معه ثم الاعتداء عليه، وأضافت الحليو «هناك حالات كثيرة تعرضت إلى هذا النوع من الاعتداء ولكن الأسرة تكتفي بإخفاء الموضوع وإنهاء إقامة السائق فقط ناسيةً أو متجاهلةً الآثار النفسية المترتبة على هذا التحرش». تجارة الاستقدام: وكشف الأستاذ التربوي أشرف سلمان عن مدى آثار مشكلات السائقين قائلاً «لا تقتصر مشكلات السائقين الأجانب على الموظفات إنما تمتد آثارها على كل فرد في أي أسرة لديها سائق، فهناك أبناء يدرسون، بالإضافة إلى الاحتياجات اليومية، والمشكلة أن السائقين لا يكونون على المستوى المطلوب إنما يأتون من بيئات فقيرة ومعدمة، أو تكثر فيها الجريمة ولم يتعودوا على الحضارة المدنية». وأضاف «مكاتب الاستقدام لا تخضع لمعايير الديانة أو السلوك والتعليم إنما تخضع إلى تجارة الاستقدام». إلى متى؟: وقالت الإعلامية الشاعرة نورة الأنصاري إنّ الوقت قد حان لإعطاء المرأة حقها في القيادة وفي شتى المجالات، فهي ليست أقل من غيرها من نساء الدول المجاورة، وإذا تم ذلك فإنها ستؤكد نجاحها، ولكن هناك من يقف عقبة في طريق النساء خوفاً من أن نجاحها يبرهن فشله». وأضافت قائلةً «أين هي الأسرة التي لم تعانِ مشكلات السائقين التي زادت في السنوات الأخيرة ولم يعد يجدي معها أي حل؟! فلماذا الهدر المالي في علاج المشكلة؟ لماذا نستقدم عمالة ومن ثم لا تكون في المستوى المطلوب ونضطر بعد ذلك إلى تسفيرهم؟ فإلى متى سيظل الكفيل وأسرته يتعرضون لهذه التجارب التي ليست في صالح الأسرة أو المجتمع؟!». الحلقة الأضعف: وأكدت الناشطة الحقوقية سمر بدوي التي اختيرت لجائزة (أشجع نساء العالم) في حديثها للصحيفة عن ظاهرة تحرش السائقين قائلة «هناك تحرش من قبل هؤلاء السائقين بغض النظر عن كونه أجنبياً أو سعودياً للفئتين سواء كانت تحرشات لفظية أو تحرشات جسدية، بسبب استغلال هذا السائق لحاجة المرأة للسائق أو سائق سيارة الأجرة وتكون معه دون حسيب أو رقيب»، وأضافت «في أغلب الأحيان يتم السكوت عن هذه المشكلة بسبب الخوف والعادات والتقاليد لأننا مجتمع محافظ بطبيعتة والخوف من حدوث مشكلة أكبر، واتهام المرأة أو الفتاة بأنها السبب الرئيس في حدوث التحرش بصفتها الحلقة الأضعف دائما والملامة من قبل ولي أمرها». وبينت سمر بدوي أنها تفضل مطالبة النساء بالقيادة تحت ضوابط حتى يتعود المجتمع على ممارسة هذا الحق ويصبح بعد ذلك بشكل طبيعي ومتقبل، ومن هذه الضوابط العمر، وسن قانون يعاقب المعتدي على السيدة التي تمارس حقها. وسخرت بدوي من الذين يناشدون باستقدام سائقات أجنبيات بديلات للسائق الأجنبي قائلة «الحق أن أقود سيارتي بنفسي». مرافقة وملازمة: من جانبه، أوضح المعالج النفسي فيصل آل عجيان «أن الكشف عن التحرش بالأطفال والفتيات في الواقع نادر لأنه شاذ لكن وقوعه متوقع من السائق أو غير السائق والأجنبي وغير الأجنبي، ولكن السائق الأجنبي تتاح له الفرصة الأكبر في مرافقة الطفل أو الفتاة ولوقت طويل وفي غيابه عن الزوجة كل ذلك يلعب دوراً في احتمال وقوع التحرش بالأطفال والقاصرات». وعن صمت الأهل على التحرش قال «هذا يعود لطبيعة المشكلة النفسية عموما فهو إنكار متولد من الشعور بالعار وألم الضمير بسبب تقصيرهم وعدم متابعتهم لأبنائهم، فيلجأ الأهل إلى الحل بالصمت والاكتفاء بترحيل السائق أو الخادمة في حال انكشاف علاقة جنسية مع أحد الأبناء أو مع رب البيت». ضرورة وضوابط: وأكّد آل عجيان أن الحاجة هي المبرر لقيادة المرأة للسيارة وأضاف «أكثر ما يبرر قيادة المرأة للسيارة هو الحاجة وكثرة استقدام السائقين، والمجتمع المحافظ إذا سمح للمرأة بقيادة السيارة، أيضا سيظل محافظاً، وسيلعب دور الضابط الاجتماعي، والمساعد للضابط الرسمي مثل الهيئة والشرطة» وأضاف «ستكون هناك بالتأكيد ضوابط في اللباس وفي الأوقات وفي اختيار الطريق أو أماكن السياقة كما هو الحال في ضوابط المجتمع للمرأة بشكل عام». وأشار إلى أن وجود سائقات بدلاً من سائق يعقد المشكلة أكثر. آثار سيئة: وكشفت استشارية الصحة النفسية ريما الأسعد ل «الشرق» أن ما يصل للمختصين من حالات التحرش بالأطفال في المملكة لا يتعدى 8%، وذلك بسبب لجوء غالبية الأهالي إلى الصمت والكتمان على مثل هذه الحالات، بسبب خشيتهم على سمعتهم. وبينت الأسعد أن الأضرار التي تلحق بالطفل المعتدى عليه عميقة الآثار، وأشارت إلى أن بعضها تكون مباشرة، وبعضها الآخر قد يظهر لاحقا، وقد تتحول إلى بوادر انحراف، إضافة إلى تأثيرها على ضعف مستوى الطفل التعليمي، ونشوء بعض المشكلات في سلوكه تجاه المجتمع. اعترافات مراهق: وفي هذه القضيّة، التقت الصحيفة بشاب مراهق عمره 16 عاما اعترف بعلاقه غير مشروعة مع سائق الأسرة ويقول «كنت فى علاقة مع سائق الأسرة وفى غياب الأهل نشاهد معا الأفلام الخليعة ونمارس الجنس في غرفته المخصصة في البيت، والأسرة لا تعلم ذلك حتى جاء ذلك اليوم حينما اكتشف والدي أمري وضربنى ضربا مبرحا وقام بتكبيلي ثمّ قام بترحيل السائق، وتكتم والدي على الأمر خشية الفضيحة». حملتُ منه!: وتروي (ن.ع) وهي فتاة ثلاثينية موظفة في القطاع الخاص- قصتها مع السائق الخاص قائلةً «بدأت علاقتي مع السائق الخاص علاقة عادية وبسبب مكوثي معه لفترة طويلة تطور الأمر إلى غرام من كلا الطرفين، إلى أن وقعت معه في المحرم، ليس هذا وحسب، بل حملت منه وأصبح يستفزني إلى أن وصلت إلى درجة الانتحار، وأسقطت جنيني، وحينئذ فكرت في التخلص منه وحين جاء موعد انتهاء إقامته وعدته بتجديدها له بشرط رحيله إلى وطنه، وعودته فيما بعد، ومنها قطعت علاقتي به وندمت كثيراً». يحكي ببراءة: وتروي (د.م) قصتها، وهي أم لطفل يبلغ من العمر خمسة أعوام تعرض للتحرش من قبل السائق الخاص والتي أثارت الصدمة والدهشة، حيث قالت «في يوم من الأيام كان طفلي مريضاً ودرجة حرارته مرتفعة فأخذته للطبيب فقرر أن يعطي طفلي تحميلة، فخلعت له ثيابه وحينها أصبت بالصدمة حيث أصبح يبكي ويصرخ «أمي أمي لا أريد أن يفعل بي مثل ما يفعله بي السائق»، فأصبت بحالة تشنج وكان كلام طفلي مثل الصاعقة. 800 ألف سائق: وذكرت إحصائية نشرتها تقارير إعلاميّة عن السائقين الأجانب في المملكة أنّ وجود حوالي 800 ألف سائق خاص قانوني يعملون بهذه الوظيفة في السعوديّة، وأن الإقبال على استقدام السائقين الأجانب في المملكة في تزايد نظراً للتوسع العمراني في المدن وانتشار التعليم ودخول المرأة في ميادين العمل مما أسهم في ارتفاع الطلب على استقدام السائقين داخل الأسر السعودية. مجلس الشورى: أثار قانون التحرش الجنسي الذي كشفت تقارير إعلاميّة عن أنه على طاولة مجلس الشورى، حالة من الجدل بين مؤيد ومعارض عبر موقع تويتر، حيث رأى البعض أنه سيضع حداً لمن يتجاوزون أسوار القيم، بينما يرى البعض الآخر أنه يوحي بالسماح بالاختلاط على نطاق أوسع. فيما تتجه لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب في مجلس الشورى إلى وضع عقوبات ضد المتحرشين جنسياً والعنف الأسري، في نظام «الحماية من الإيذاء»، الذي تعكف على مراجعته بعد اعتراضات بعض أعضاء المجلس ومؤسسات المجتمع المدني والقضاة والقانونيين.