أصبح شهر رمضان الفضيل أفضل شهر للمتسولين، وللأشخاص القادرين على الاستغلال السريع للناس عبر رسائل الجوال، سواء في مجال الرياضة أو تفسير الأحلام أو تنظيم المسابقات بالتعاون مع القنوات الفضائية أو الشعر الشعبي أو النكت أو حتى الفتاوي الدينية للأسف الشديد. وشركات الاتصالات تقدم تسهيلات كبيرة في هذا المجال، حيث تتفق معهم -أي المستغلين- على فرض رسوم عالية على الرسائل وحصول صاحب المشروع على نسبة معينة وبالتالي مبالغ مرتفعة، إذ إن أعداد المهووسين بتفسير الأحلام والشعر الشعبي والفتاوي في ازدياد، مع بحث السعوديين عن "النكت"، أو الثراء السريع من خلال الفوز بإحدى مسابقات القنوات الفضائية!. ويبدو لي -ولعلي مخطئا- أن تنظيم المسابقات ذات الجوائز المغرية التي يتم تمويلها من رسائل الجوال مع حصول منظم المسابقة على مبالغ تبلغ عدة أضعاف قيمة الجوائز هو شكل من أشكال اليانصيب، وهو اسم الدلع للقمار الذي يفترض أنه ممنوع شرعاً وقانوناً وعرفاً، علما أنه لا يوجد أي فرق بين اليانصيب في بلادنا رغم "خصوصيتها" ويانصيب الدول التي تسمح به باستثناء أمرين هما: أن قيمة المشاركة في اليانصيب في تلك الدول تتم بأسعار منخفضة، بينما أسعار رسائل الجوال لدينا تحافظ على أسعارها المرتفعة، رغم أنه قيل ذات يوم إن وجود عدة شركات في قطاع الاتصالات سوف يمنع الاحتكار ويقلل الأسعار، ورغم الأزمة المالية العالمية التي نزلت معها في الدول الأخرى أسعار كافة السلع والخدمات. أرباح اليانصيب في أغلب الدول "المتحضرة" توجه لأعمال تخدم المجتمع حيث تم في العديد من تلك الدول منع اليانصيب التي تقوم به الشركات الخاصة، بينما أرباح يانصيب بلادنا تتجه لأشخاص وشركات وقنوات يتمادون كل عام في ابتكار طرق جديدة من اليانصيب لاستغلال الناس وزيادة أرباحهم، وقد يتبرع أحد الخيرين منهم بواحد في الألف من أرباحه لأعمال الخير!. ولعل أحد المشايخ الأفاضل يفتينا في جواز ذلك النوع من اليانصيب، بشرط ألا يكون من المستفيدين بشكل أو بآخر من هذه الحمى وهذه الفوضى في رسائل الجوال، وفي القنوات الفضائية، وفي أي شكل من أشكال استغلال عواطف الناس. كما أرى أن هيئة الاتصالات -وهي التي يفترض أن تشرف على شركات الاتصالات- يجب أن تحرك ساكنا من أجل خفض أسعار رسائل الجوال ووضع معايير معينة للحد من استغلال الناس وإغرائهم، وهي بالتأكيد أقدر مني على تحديد هذه المعايير وتطبيقها بحزم.