أنهى وفد رفيع المستوى، تابع للأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، جولته الاستطلاعية في شرق، وغرب ووسط الصين، لتحري أوضاع الأقلية المسلمة هناك، وبالتحديد أوضاع المسلمين الإيغور عقب أعمال العنف التي اندلعت في 5 يوليو الماضي، وأسفرت عن المئات من القتلى والجرحى في الجانبين (الإيغور المسلمين، والهان الأقلية الصينية البوذية). وتمحور هدف زيارة الوفد، حول الاطلاع على الأوضاع في إقليم شينجيانغ إيغور المتمتع بالحكم الذاتي غربي البلاد، مما يعد اختراقا سياسيا للدوائر الرافضة في بكين لأي تدخل كان في شؤونها الداخلية، على مر الأزمات التي واجهتها مع الأقليات المختلفة. لكن الموافقة الرسمية على استقبال وفد الأمانة العامة للمنظمة، في زيارة استغرقت أسبوعا، وسوف تمهد لزيارة وفد أرفع يرأسه الأمين العام للمنظمة، أكمل الدين إحسان أوغلي، تعد انفتاحا صينيا واسعا على العالم الإسلامي؛ ليس من خلال العلاقات الثنائية مع العديد من الدول الأعضاء في المنظمة، أو الاضطراد الكبير في عملية التبادل التجاري بين الجانبين، بل من خلال تدعيم العلاقة مع الإطار الأوسع لمفهوم الشراكة الصينية الإسلامية، ودحض ما قد يشوب هذه العلاقات من سوء فهم، أو توتر من أي نوع، خاصة بعد أحداث 5 يوليو الماضية، التي أدت إلى سقوط مائتي قتيل والعديد من الجرحى، إثر اشتباكات بين المسلمين الأيغور، والهان الصينيين، بسبب خلافات إثنية، عزت أوساط دولية أسبابها إلى تفاوت المستوى المعيشي بين الجانبين، والاضطهاد العرقي للأيغور في شينجيانغ. وفي الزيارة التي وصفت بأنها الأولى من قبل العالم الإسلامي، اطلع الوفد الذي زار شرق ووسط وغرب الصين، بشكل مباشر على أوضاع الأقليات المسلمة من الإيغور، والهوي، في إقليمي شينجيانغ، ونينشا، بالإضافة إلى تحري أوضاع المسلمين في العاصمة الصينية. ,وقد اتفق الجانبان على ضرورة معالجة مشكلة الإيغور المسلمين في إقليم شينجيانغ عبر ملامسة جذور الأزمة التي أدت إلى اندلاع الاشتباكات في الإقليم، في الوقت الذي عزا فيه الجانب الصيني بعض أسباب أزمة 5 يوليو الكامنة إلى الفجوات الاقتصادية التي خلفتها النهضة التنموية الفارقة في البلاد، والتي أدت إلى خلق طبقات اقتصادية متفاوتة، ليس في شينجيانغ وحده، بل في العديد من الأقاليم الشرقية والغربية، والريف الصيني بشكل عام، فيما أكد المسؤولون الصينيون لوفد المنظمة، مضي الحكومة في خطة اقتصادية شاملة تهدف إلى تجسير الفجوات بين فئات المجتمع الصيني. من جهة ثانية، أوضح وفد الأمانة العامة للمنظمة موقفها من أزمة 5 يوليو، وشدد مصدر في المنظمة على أنها قدمت ملاحظاتها للجانب الصيني، على المعالجة الأمنية للمشكلة، وطالبته بضرورة التعاطي مع الأزمة بهدوء، مع الأخذ في الاعتبار جذورها المسببة، وليس الاكتفاء بطرح حلول آنية، أو إحالة القضية برمتها إلى الشرور الثلاثة (المتطرفين والانفصاليين والإرهابيين) فقط. وأكد المصدر بأن وفد الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، تناول في مباحثاته مع المسؤولين الصينيين، السياسة التعليمية في إقليم شينجيانغ، ومسألة إدارة والاستفادة من المصادر الطبيعية للإقليم، بالإضافة إلى قوانين الأحوال الشخصية المتعلقة بعملية الزواج، والميراث؛ فضلا عن مزاعم تشير إلى حدوث عمليات إجبار على الإجهاض طالت مواطنات إيغوريات مسلمات. كما طرح الوفد الإسلامي قضية نسبة توظيف الإيغور في مناصب عليا في حكومة الإقليم على طاولة البحث في أكثر من مناسبة، بالإضافة إلى دخل الفرد في شينجيانغ مقارنة بين الإيغور المسلمين والهان الصينيين من جهة، ومع الأقاليم الأخرى من جهة ثانية. ووفق مصادر في المنظمة، فإن الجانبين اتفقا على استمرار الحوار بين الجانبين، بغية تطويق الأزمة، أو أية احتمالية لنشوب مشكلة في المستقبل، كما أقر الجانبان بضرورة الحفاظ على العلاقات بين العالم الإسلامي والصين قوية، فيما أكدت الأخيرة حرصها على استمرار الحوار مع المنظمة، التي تعتبرها من أهم المنظمات الدولية المعنية بالشأن الإسلامي، وشددت المصادر على رغبة بكين تعزيز ورفع مستوى العلاقات مع المنظمة وفق الفرص المتاحة. ويدرس الطرفان في الوقت الراهن عقد مؤتمر أكاديمي عن (الصين والحضارات الإسلامية) فضلا عن احتمالية قيام أكمل الدين إحسان أوغلي، الأمين العام للمنظمة، بزيارة الصين بعد إجازة عيد الفطر المبارك.