هل سبق لك عزيزي القارئ أن دخلت محلاً للعطارة؟ إذا كانت إجابتك بنعم دعني أذكرك بما شاهدته، عند دخولك للمحل تستقبلك المضيفة (رائحة الخلطات المختلفة) أيما استقبال حفاوة وتكريم يعجز الوصف عن إيفائها حقها، بعدها ستبهرك التحف الفنية المختلفة - قوارير الخلطات - التي عجز فان جوخ عن الحصول على ألوانها الهادئة المساعدة على نبذ الكآبة والإقبال على الحياة والتمتع بكل لحظة فيها. ومن المؤكد أن أمواج بحر عينيك ستصل لشواطئ عديدة - برشورات وإعلانات المنتجات المختلفة - في هذا العالم الفسيح وكل شاطئ له رونقه وجماله وإغراؤه الخاص وما على قلبك إلا أن يميز ويختار من تلك الشواطئ ما يكون متنفساً له من كروبه. عالم جميل ساحر وأخاذ قل محبوه في عصرنا هذا - عصر التكنولوجيا - فالجيل القديم قد رحل وخلف جيلاً يعتبر ما يؤمن به أسلافه في هذا العالم (عالم العطارة) خرافة وخزعبلات لا تتوافق والعلم الحديث مما أحزن الغيورين على هذه المهنة أيما حزن حيث جلس السيد بيتر (ول أم بيتر) ذو الستين خريفاً حزيناً مكسور الخاطر قرب أحد جداول الماء المتدفقة من قمم الجبال الشاهقة يفكر ملياً ويسأل نفسه هذا السؤال: إذا كان هذا الجيل لا يؤمن إلا بالمنتجات التي تتوافق ونظريات العلم الحديث فكيف باستطاعتي الترويج لمنتج تنطبق عليه هذه النظريات ويقبل عليه المتعلمون؟؟؟ وما هي إلا لحظات حتى صرخ السيد بيتر: يوريكا يوريكا (وجدتها وجدتها) وبدأ على الفور بتعبئة ماء الجدول في قوارير والنزول بها للمدينة الكبيرة وتوسط سوقها وعرض بضاعته فيها فتهافت الناس على شرائها لدرجة دعت لتدخل الشرطة لفك الاشتباك، ولكن ما الذي حمل جيل العلم والتكنولوجيا على شراء مياه السيد بيتر بهذا الشكل؟ الجواب أن السيد بيتر توجه لإحدى المكتبات وحصل على عدة معلومات مهووس بها سكان المدن الكبرى وصاغها على النحو التالي: مياه أم بيتر لاند مياه بالأكسجين المذاب طبيعياً من جبال أم بيتر لاند - يقوي الدورة الدموية الصغرى وينظم ضغط الدم ومضاد للبكتريا والميكروبات. - يساهم في عملية إزالة التسمم ويقلل التأثيرات الجانبية للسموم والمواد الكيميائية. - يحسن التمثيل الغذائي ويزود الخلايا بالطاقة. يحسن اللياقة البدنية ويدعم تجدد الخلايا. - مفيد في حالات التهاب المفاصل والانتفاخ الرئوي والسرطان ومرض السكري. - يزيل أضرار الإشاعات ويقلل من تأثير الهواء الملوث. - يساعد على تنشيط وظائف الكلى ويبطئ عمليات التقدم في الشيخوخة. - مفيد في حالات المياه البيضاء في العين وترسبات الدهون. - مفيد في حالات نقص الفيتامينات (A,C&E). - مفيد في حالات نقص الاكسجين وأمراض الجهاز التنفسي وفرط التهوية. - مفيد في حالات اعتلال وظائف القلب والأنسجة. - مفيد في حالات اعتلال التنفس الحويصلي والأنيميا. - مفيد في حالات نقص الأنزيمات والصداع النصفي. - مفيد في حالات اعتلال المعوي والمعدي ويعزز نظام المناعة. - مفيد في حالات الاعتلالات النفسية والاكتئاب. - يساعد على التخلص من الإرهاق وحالات ضعف الأداء. كسب السيد بيتر أموالاً طائلة وبدأ التفكير في إنشاء مصنع لتعبئة هذه المياه (عفواً أكسير الحياة) والتصدير للدول الأخرى. حيث جنى من جراء ذلك الملايين. استطاع هذا العطار على الموضة أن يخدع البشر وفي طريقه أن يخدع ملايين أخرى. صدق أو لا تصدق عزيزي القارئ أن هذا الإعلان موجود ومنتشر في بعض محلات البقالة في مدينة الرياض. في اعتقادي أن شرائح المجتمع المستهدفة من هذا المنتج ثلاث: - السيدات وبعض كبار السن الذين يتمنون الاحتفاظ بشبابهم مدى الحياة. - المتزوجون الذين يحنون لحياة العزوبية وحريتها (الكآبة). - مرضى السرطان والسكري و.... الخ الذين يبحثون عن العلاج بشتى الوسائل. مهما كانت الشرائح المستهدفة لو أن كل مستهلك سأل نفسه أي ماء ذلك الذي يكون مضاداً للميكروبات ويساعد على تزويد الخلايا بالطاقة ومنع ظهور عوامل الشيخوخة ويزود الجسم بالفيتامينات.... الخ ادعاءات لا مكان لها في عالم الحقيقة. وإذا كان ما يدعيه منتجو هذا الماء صحيحاً فما هي الجهة العالمية التي صادقت على تلك البيانات؟ ما يحزن تلك الطريقة العلنية التي يتم بها التسويق لهذه المياه وكأن المستهلك غير قادر على التمييز بين الجيد والغث. من المؤكد أن هذه الملصقات قد تم وضعها دون علم المسؤولين ولذلك فإن المستهلك الواعي هو المسؤول عن تنبيه المسؤولين عن مثل هذه التجاوزات التي تضر بمصلحة الوطن والمواطن. وعلى الجميع (مستهلك ومسؤول) الوقوف جنباً إلى جنب لمصلحة الوطن وقد قام المواطن (المستهلك) بدوره فهل سيستجيب المواطن المسؤول؟ *مراجع أغذية دولي