دعا الرئيس المصري حسني مبارك امس حركة عدم الانحياز إلى التعامل مع الواقع الدولي الراهن على نحو يتسم بالفعالية والمبادرة. وقال مبارك - في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للقمة الخامسة عشرة لحركة عدم الانحياز بشرم الشيخ امس : "إننا ندعو لنظام دولي سياسي واقتصادي وتجاري جديد أكثر عدلا وتوازنا ينأى عن الانتقائية وازدواجية المعايير يحقق مصالح الجميع ويراعي شواغل الدول النامية وأولوياتها، يرسي ديمقراطية التعامل بين الدول الغنية والفقيرة، ويحقق التمثيل المتوازن للعالم النامي بأجهزة المنظمات الدولية، ومؤسسات التمويل القائمة، وآليات صنع القرار الاقتصادي العالمي، والتجمعات الدولية الرئيسية مثل مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى ومجموعة العشرين". وأضاف: "إننا نتطلع جميعا لحياة أفضل لأجيال الحاضر والمستقبل ونتطلع للسلام والأمن والاستقرار والتنمية ولمزيد من التعاون فيما بيننا ولشراكة حقيقية فعالة مع الدول من خارج الحركة تقرن الأقوال بالأفعال وترسى دعائم تضامن دولي جاد من أجل السلام والتنمية على نحو ما يستشرفه الموضوع الرئيسى لهذه القمة". وأكد مبارك أن السلام والتنمية في قلب ما تسعى إليه حركة عدم الانحياز من أهداف وغايات ،وقال إن "ذلك يقتضى تعزيز التضامن الدولي والتعاون البناء بين كافة الأمم والشعوب من أجل التغلب على ما يواجهه السلم والأمن الدوليين من تحديات وتهديدات ومخاطر، وما تواجهه جهود التنمية من عقبات ومشكلات وصعاب". ولفت إلى ما يتهدد السلم والأمن الدوليين من مخاطر الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل ، فضلا عن العديد من النزاعات المسلحة وبؤر التوتر وقضايا طال انتظارها لحل عادل فى مقدمتها القضية الفلسطينية وقضية السلام الشامل فى الشرق الأوسط. وقال: "اننا نعيش جميعا واقع مشكلات النمو والتنمية فى مواجهة صعاب الداخل وتحدياته وأزمات عالمية ترد إلينا من الخارح، مشيرا الى أزمة ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية العام الماضي والأزمة الحالية للاقتصاد العالمي". وأضاف مبارك: "تأثرنا بتبعات ظاهرة تغير المناخ، ونواجه صعابا فى تمويل التنمية وتحديات في تعاملنا مع قضايا إمدادات الطاقة والأمن الغذائي". وكانت قد انطلقت في منتجع شرم الشيخ المصري صباح امس أعمال القمة الخامسة عشرة لدول عدم الانحياز، بحضور ما يقرب من 55 رئيس دولة وعدد كبير من رؤساء الحكومات والأمراء والملوك. وفي بداية الجلسة الافتتاحية للقمة المقرر أن تستمر على مدار يومين ألقى الرئيس الكوبي راؤول كاسترو كلمة أكد فيها أن دعم القضية العادلة للشعب الفلسطينى كانت ولاتزال تتصدر اهتمامات ومحور أعمال حركة عدم الإنحياز ، مشددا على ضرورة أن يظل الحفاظ على السلام والأمن الدوليين أحد الأهداف الأساسية للحركة. وقال كاسترو إن الحركة لم تتردد فى إدانة "الاعتداءات والجرائم الإسرائيلية ، وسوف تواصل جهودها حتى يسترد الشعب الفلسطيني حقوقه" ، موضحا أن الحركة تدعم الحوار والتفاوض من أجل إقامة السلام فى الشرق الأوسط. واشار كاسترو الى ان الازمة المالية العالمية الراهنة "كان مصدرها" دول الشمال الصناعية الا ان "الدول النامية كانت الاكثر تأثرا" بها. الجلسة الافتتاحية لقمة حركة عدم الانحياز(أ.ب) واضاف "نحن نطالب بتأسيس هيكل مالي واقتصادي جديد يستند على مشاركة فعلية لجميع الدول وخصوصا الدول النامية" معتبرا ان "الازمة الحالية لا تحل بحلول تجميلية تحاول الحفاظ على النظام الاقتصادي الحالي الذي يفتقر الى العدل وانما يمر بالضرورة عبر اعادة هيكلة النظام المالي والنقدي الدولي". وقام راؤول كاسترو بعد انتهائه من القاء كلمته بتسليم رئاسة الحركة الى الرئيس المصري حسني مبارك. من جانبه دعا الزعيم الليبي معمر القذافي في كلمته امام قمة عدم الانحياز الاربعاء الدول الاعضاء في هذه الحركة الى التمرد على النظام الدولي الراهن وطالب بمقعد دائم للاتحاد الافريقي في مجلس الامن الدولي. وطلب القذافي من قادة الحركة الموافقة على اقتراح تقدمت به بلاده لانشاء مجلس امن وسلم للحركة يكون بديلا عن مجلس الامن الدولي وتحال اليه كل القضايا المتعلقة بالدول ال 118 الاعضاء في حركة عدم الانحياز التي تشكل شعوبها "ثلاثة ارباع شعوب العالم". وقال "نحن 118 دولة واي مشكلة تخصنا يجب ان تحول الى هذا المجلس الخاص بالحركة وليس الى مجلس الامن الدولي الذي لا نثق فيه ولا تاثير لنا فيه ولا يهتم بمشاكلنا". وتابع ان "مجلس الامن الان محتكر من قبل مجموعة صغيرة من اصحاب المقاعد الدائمة وهم تحت سيطرة احدى القوى الكبرى وتم اختزاله في دولة واحدة تهيمن عليه وهذا يشكل خطرا على السلم الدولي". واعتبر ان "مجلس الامن اصبح اداة لدولة واحدة وليس دوليا وبالتالي تضررنا كل الضرر منه واصبح سيفا مسلطا على رقابنا (..) مجلس الامن ضدنا نحن فقط وهناك خلل خطير جدا في التوازن الدولي يضر بالسلم العالمي". كما دعا الى انشاء محكمة جنائية لدول حركة عدم الانحياز بديلا عن المحكمة الجنائية الدولية التي اعتبر انها تتبنى معايير مزدوجة فتطالب بمحاكمة الرئيس السوداني عمر البشير "ولا تحاكم من قتل مليون شخص في العراق ولا من يقومون بإعدام اسرى الحرب" في اشارة الى الاحتلال الاميركي للعراق والى التقارير حول قيام الجيش الاسرائيلي بإعدام اسرى حرب مصريين ابان الحروب العربية - الاسرائيلية. واكد الزعيم الليبي انه بصفته الرئيس الحالي للاتحاد الافريقي سيطلب خلال الدورة المقبلة للجمعية العامة للامم المتحدة في ايلول/سبتمبر "مقعدا دائما للاتحاد الافريقي في مجلس الامن الدولي على ان يكون له حق النقض (الفيتو)" مثله مثل بقية الاعضاء الدائمين في المجلس (الولاياتالمتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا والصين). بدوره أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن هناك مجالا واسعا لإسهام حركة عدم الإنحياز في توفير الأمن والسلم والرفاهية في العالم لافتا إلى أن نزع السلاح من الاسس الراسخة لتحقيق السلم والأمن الدوليين. وأوضح مون أن الخطوات التي تتخذ دوليا بالتعاون مع حركة عدم الانحياز تهدف للتوصل إلى اتفاقية منع انتشار الأسلحة معربا عن تطلعه للتعاون الوثيق مع الحركة من أجل ضمان نجاح المؤتمر. وأضاف أن الالتزام طويل الأجل لتحقيق العدالة الاجتماعية والعدل ما زال يتردد صداه اليوم بينما يواجه العالم أزمة اقتصادية ومالية شديدة لافتا إلى مدى معاناة الدول النامية بما في ذلك ملايين الشعوب الذين يعيشون فى إطار دول عدم الانحياز من جراء تلك الأزمة مبيناً أن مختلف الاجراءات الحمائية لن تؤدي إلى التقليل من شأن أفقر الفقراء والتجارة المنصفة والحقيقية مؤكدا أن العدالة ينبغى أن تكون هي الأساس الذي يعتمد عليه لإحياء النشاط التجاري وإخراج الفقراء من وضعهم الحالي. وأكد أنه يسعى لعقد قمة في نيويورك عام 2010 من أجل توفير حافز يبلغ 3 تريليونات دولار لمساعدة الدول المحتاجة معربا عن ترحيبه بالقرار الذي اتخذته الدول الصناعية الكبرى الأسبوع الماضي لمضاعفة مساهمتها من أجل مساعدة الدول النامية على التكيف مع التغير المناخي. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى حل كافة المنازعات سلميا من خلال الحوار مشيرا إلى أن الأممالمتحدة تعمل يدا بيد مع المنظمات الإقليمية لتلافي اتساع نطاق تفجر النزاعات إلى أبعاد أكبر. وقال إننا نحتاج لشراكة جديدة للحفاظ على السلام بين الدول ومجلس الامن وأمانة الأممالمتحدة ونحتاج إلى مبادئ جديدة وأهداف جديدة يتفق عليها للتأكد من أن حفظ السلام يتمتع بالموارد والقدرات والتخطيط والاستعدادات الكافية لكي يكون أداة تخدم السلم والأمن الدوليين.