قد يتساءل البعض عن علاقة الصيف بالصحة النفسية وبنفسيات الأفراد عموماً، وهي في الحقيقة علاقة وثيقة، ففي مجال علم النفس دارت أبحاث كثيرة ودراسات عن أثر الجو وتقلباته على نفسية الإنسان، ولعل ما يعنينا هنا تأثير فصل الصيف - وخصوصاً أننا نعيش هذه الأيام أجواءه - علينا كأفراد. فقد أثبتت الدراسات أن الجو الحار يؤثر في الإنسان كثيراً، فالشخص العادي يصبح أكثر قابلية للتوتر وسهل الاستثارة، ويفقد سيطرته على انفعالاته سريعاً، وأيضاً يدفع الإنسان إلى الكسل وقلة النشاط. وتشير بعض الإحصائيات حول أعداد المترددين على العيادات النفسية إلى أن شهور السنة التي تزيد فيها الحرارة ترتبط بكثرة المراجعين وزيادة معدلات الاضطرابات النفسية. أما بالنسبة للإجازة وتزامنها مع فترة الصيف لدينا وفي معظم الدول، وبالرغم من أنها تعطي فرصة للإنسان ليرتاح من العمل والدراسة، فإنها لها ضغوطها ومشاكلها هي الأخرى! فقد قام عالم النفس «هولمز»، بدراسة الضغوط والمواقف الصعبة التي تواجه الناس وقد وضع من ضمنها «الإجازة»!! كم سمعنا الأمهات يرددن بحسرة، ما أجمل أيام المدرسة! ولعل ذلك يرجع إلى الفوضى التي يعيشها الأولاد، واضطراب ساعتهم البيولوجية وانقلاب الليل إلى نهار والنهار إلى الليل! هذا بالإضافة إلى زيادة متطلبات الأسر والإرهاق المادي الناتج من ارتفاع مصاريف الترفيه والسفر وهدايا الزواج التي تترافق عادة مع هذا الموسم. ولعلنا في النهاية وبالرغم من كل شيء مطالبون بمحاولة التكيف مع الصيف والإجازة، وإدارة شؤوننا وشؤون أبنائنا فيها بطريقة واعية وحكيمة، حيث نضع في أذهاننا كل الاعتبارات السابقة، ونتصرف بما لدينا من معطيات مادية وزمنية بما يعود علينا وعليهم بالفائدة والمتعة. لا أن نكون مثل إحدى الزميلات عندما سألتها عن إجازتها وكيف قضتها، ما كان منها إلا أن تنهدت وقالت: آه يا حنان، لك أن تتخيلي أنني أحتاج إلى إجازة من الإجازة!!