«أقضي على حمّى الضنك» و»أحمي نفسك من البعوض» عبارتان ملأت شوارع بعض مدننا خاصة التي تنتشر فيها هذه الحمّى، وقرأها الكبير قبل الصغير؛ لكنْ: لم يحتجْ أحدٌ على الخطأين النحويين اللذين بدأتا بهما العبارتان. ففعل الأمر الأول يكتب اقض ِ ، والآخر يكتب احم ِ ، ولكن مع كل أسف من يقرأ العبارتين ويعرف أنّ مصدرهما وزارة حكومية سيظن أنّ مراجعتهما قد حدثت وهما صحيحتان!. والواقع أننا نجد ما يندى له الجبين من التهاون في أمر اللغة العربية، ومن يريد أن يعرف فداحة الأمر فعليه أنْ يتابع فقط ما يكتبه الجمهور في الإنترنت وخاصة في الصحف الإلكترونية التي تحرر بطريقة سيئة مليئة بالأخطاء، لأنها مع كل أسف تدار بأيدٍ غير مؤهلة ولا تريد أن تصرف على مدقق لغوي. فتجد أنّ أخطاءها قد ملأت السهل والجبل. ولو كان لي من الأمر شيء، لأوجدتُ وظيفة جديدة في كلِّ البلديات بحيث يعيّن عليها خريج لغة عربية مؤهل وأنا أقول مؤهل لأن بعضهم أسوأ مما نتصوّر في اللغة. وعهدتُ إليه بكُلِّ لوحة إعلان فلا ترتفع فوق محل تجاري أو شارع ألاّ بعد أن يقرأها ويتأكد من سلامتها من الأخطاء الإملائية والنحوية. ولابد أيضا من تحرّك رسمي لمواجهة هذه الأمر العضال، والذي أخشاه أن يأتي يوم ولا نجد فيه من يفرّق بين الفصحى والعامية. اللغة العربية تركناها في أيدّ من لا يحسنون كتابتها، وها نحن ندفع الثمن بعد قراءة الأجيال لما كتبوه في شوارعنا ومحالنا التجارية، وما شابه. فهل من منقذ.