اعتقد ان برامج التنمية لدينا انكشفت بعض نقاط ضعفها في السنوات الأخيرة بشكل يطرح أكثر من علامة استفهام.. نعم هناك تخطيط وهناك مشاريع ناجحة ولكن في المقابل هناك عجز في توفير بعض الخدمات الأساسية للجميع مثل التعليم او الصحة .. وخلافه .. لا أريد الاستمرار في استعراض المؤسسات الحكومية التي لم تستطع مقابلة احتياج المواطن كما يجب رغم ارتفاع ميزانياتها المقررة لها سنوياً لأن المقال يهتم بمحاولة معرفة سبب ذلك الضعف من خلال متابعة الواقع التنموي وايضاً ربطه بارتفاع نسبة المواليد في المجتمع السعودي مع تزايد القادمين للعمل لدينا .. السؤال هنا هل برامج التخطيط التنموي تعتمد على الأساليب العلمية السليمة ..؟ اشك في ذلك وفق منطق الواقع الذي يؤكد ان هناك خللاً حقيقياً في تلك الخطط .. خاصة وأنها ابتدأت مع مطلع السبعينيات أي من أربعين سنة .. مما يجعلنا نتوقع أن تكون النتائج أفضل... المتابع لواقع ارتفاع نسبة السكان في البلاد يجد انها تمثل نسبة عالية قياساً بالمجتمعات الأخرى حيث تبلغ نسبة الاخصاب 3% أو أكثر قليلاً وهي نسبة عالية عالمياً.. من هنا أزعم ان المخططين لم يضعوا في اعتبارهم البعد الزمني والبشري في التخطيط والنتيجة ان الواقع الآن مختنق بشكل لايتفق مع حجم الانفاق.. مثلاً الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية أكبر منتج للنفط رغم قفزاتها التنموية الكبيرة وارتفاع ناطحات السحاب فيها واتساع عدد المصارف والأسواق إلا أنها تفتقر للكثير من أساسيات البنية التحتية الضرورية... اعتقد أن على وزارة التخطيط إعادة النظر في استراتيجياتها لتستطيع فعلاً احتواء الأخطاء بأفضل واسرع الحلول وإلا فإن الأمر سوف يشكل في السنوات القليلة القادمة أزمة في الكثير من القطاعات أكبر مما هو حاصل الآن .. بداية لابد من الاستفادة من الأخطاء الحالية والتي تمثل في عمرها أكثر من أربعين سنة هي عمر خطط التنمية الخمسية .. ايضاً لابد ان يعاد النظر في مرتكز التخطيط بحيث يكون وفق رؤية زمنية بعيدة، نعم يتم تنفيذه على مراحل كما هو حاصل الآن ولكن الزمن الافتراضي لتلك المشاريع يفترض ان يتراوح بين خمسين ومئة سنة.. ولنا في تجارب الدول المتقدمة خير شاهد حيث أن البنية التحتية تم انشاؤها قبل مئات السنين والآن تقابل الاحتياج السكاني بكل اقتدار .. بسبب ان المعادلة اساساً صحيحة فليس من المنطق ان تؤسس مشاريع تقابل احتياج مليون وتعداد سكاني ينمو بأكثر من 3% لأن ذلك هدر مالي وبشري .. وهو يمثل فشلاً في التخطيط التنموي والنتيجة الحاصلة ارتفاع في البطالة وضعف في خدمات العلاج والتعليم والطرق والصرف الصحي وحفريات طوال العام دون تحسن فعلي في الخدمات الأساسية .. لا أحبذ التشاؤم ولكن الواقع يؤكد حتمية بناء استراتيجية تخطيطية تعالج الخطأ وتنظر للمجتمع واحتياجه بعد اكثر من خمسين سنة على الأقل وفق رؤية علمية تستند على المعلومة الدقيقة والواضحة وليس الرأي الانطباعي لأن الاعتماد على المعلومة الرقمية الدقيقة يمثل ابسط ابجديات التخطيط الناجح .. نريد تخطيطاً تنبؤياً فعلاً وليس انطباعي الرؤية ..