في مدينة كبيرة كالرياض، لا يستطيع أغلب أولياء الأمور إيصال أبنائهم وبناتهم إلى المدارس بأنفسهم لأسباب متعددة منها كثرة الأبناء والبنات، وتنوع مراحل تعليمهم، ومنها بعد موقع السكن عن المدرسة وتباعد المدارس، وغير ذلك من الأسباب التي تدعو الأهل إلى البحث عن وسيلة لإيصال الأبناء والبنات إلى المدارس. وفي ظل غياب نقل مدرسي رسمي يغطي جميع الأحياء ويخدم جميع المدارس، ظهرت مؤسسات وأفراد يقدمون خدمة النقل المدرسي لراغبيها. وفي الصباح الباكر نجد هذه الباصات الصغيرة والمتوسطة وسيارات الفان وعربات النقل الخاصة تجوب شوارع الرياض الرئيسية وتملأ شوارعها الفرعية. وهناك عدد كبير من تلك السيارات قديم يفتقر إلى أدنى مقومات النقل، فليس فيها تكييف، وفي الكثير من الأحيان تكون أبواب الباصات معطلة ومتهالكة ونوافذها مكسورة أو عالقة، إلى جانب المشكلات الأخرى المتعلقة بالأمور الميكانيكية للسيارة وسلامة الكوابح والعجلات. فهذه الباصات الصغيرة في الغالب لا تتحقق فيها وسائل السلامة مما يجعلها غير صالحة للنقل، بل وتمثل خطراً يهدد حياة الأطفال المحشورين داخلها. واحدة من هذه السيارات التي كانت تسير في إحدى الطرق في شرق الرياض سقط بابها المجاور أثناء انعطافها للدوران، فما كان من الأطفال سوى التشبت بالعمود داخل السيارة وسلّمهم الله من السقوط، حتى توقف السائق الأجنبي ونزل بأعصاب باردة ثم أعاد الباب إلى موضعه وربطه بسيم صغير ثم أكمل مشواره غير عابئ بمصير من يحملهم معه. وهناك سيارات صالحة لكنها تضع في داخلها أعداداً كبيرة جداً من الأطفال مما يجعلهم يتكدسون على بعضهم وتصبح البيئة غير صحية وغير مريحة. وأهم من ذلك أن عدداً من سائقي تلك المركبات لا يتقيدون بقواعد السلامة ابتداء من انعدام الإشارات التي تبين أن هذه سيارة نقل طلاب مدارس، ويتركون الأطفال يلعبون داخل السيارة ويسمحون لهم بإخراج رؤوسهم من النوافذ، وبعض الأطفال يدلي يديه أثناء سير المركبة؛ ولا يهتم أولئك السائقون بسلامة الأطفال بحمايتهم من الاعتداء الذي يقع فيما بينهم بسبب تكدسهم وعدم وجود مقاعد سليمة ومحددة لكل واحد منهم. وبعض السائقين لا يهتم كذلك بالطريقة التي ينزل فيها الأطفال من السيارة، إذ يتركونهم يهبطون بسرعة مما يعرضهم للخطر من السيارات الأخرى أو من السيارة نفسها. ولأن العام الدراسي أوشك على الانتهاء، فإن الأمل أن تقوم وزارة التربية والتعليم بالتعامل مع هذه المشكلة ودراستها من خلال التعرف على الواقع الماثل في المدن الكبرى. ولعله من المناسب أن يصدر تنظيم لعملية النقل المدرسي الخاص داخل المدن تُحدد فيه مواصفات وسائل النقل والشعار المطلوب وضعه على السيارة كما هو الحال مع سيارات النقل الأخرى، والعدد المسموح به لكل باص، وأماكن التنقل، وشروط سائق المركبة بالنسبة للطلاب وبالنسبة للطالبات. ولتوحيد الجهود وضبطها، ربما تجد وزارة التربية والتعليم أنه من المناسب أن تتولى عملية النقل المدرسي بنفسها عن طريق إسنادها إلى المدارس، بحيث تحدد كل مدرسة احتياجها من الباصات الصغيرة لجلب الطلاب من منازلهم في الصباح وإعادتهم في نهاية الدوام وفق جدول محدد يوزع على الأهالي ويلتزم به. وليس ثمة حاجة للتذكير بأننا لا نحتاج أن تقع حوادث مؤسفة لأطفالنا لكي تتحرك الجهات المختصة لحمايتهم؛ فواقع النقل المدرسي اليوم لا يسر، ولابد أن تتكاتف جهود إدارة المرور مع غيرها من الجهات المسؤولة عن النقل وتخطيط المدن، يضاف إليها تعاون الأهالي من أجل إيجاد تنظيم تنهض به وزارة التربية والتعليم لتحقيق أقصى قدر من السلامة للطلاب والطالبات لكي يذهبوا إلى مدارسهم ويعودوا وهم في مأمن من خطر الحوادث ومشكلات السير.