الرحالة الألماني جوليس اوتنغ والذي لقب نفسه ب عبد الوهاب الشوابي بدأ رحلته لشمال الجزيرة العربية عام 1883م واشتهر عند البادية وسكان المدن والقرى التي مر بها بمقدرته على كتابة ( الحجاب ) وكادت أن تتحول رحلته إلى مطاردة من قبل النساء والمرضى والراغبين في جلب الحض وطالبي التحصين ضد النحس والعين وما كانوا يعلمون أن كتاباته التي اختارها بلغته الألمانية تحمل شيئاً من التهكم والاستهزاء بعقلياتهم والتي اعترف بها أثناء كتابة مذكراته بعد عشر سنوات فذكر أنه كتب لشاب كان يدعي مهارته في صيد الغزلان في السابق إلا انه لم يعد قادرا على صيدها الآن وحكى له انه غالبا ما يشترك في مغامرات خطرة وأن أكبر أمنياته أن يحصن نفسه ضد الرصاص فكتب له حجابا بلغته الألمانية دسه وسط قطعة من الجلد قال فيه (أيها التعيس الفقير .. فلتجعلك عقيدتك مباركا وبما انك شاب مخلص ومستقيم لذا أتمنى أن تخرج الطلقات مرة أخرى من جلدك مثلما دخلت فيه ) وكتب لطفل مريض اشتهر والده بالغنى والبخل كتب له ( أيها البرئ القذر .. أغسل نفسك ، وبذا ستصبح طفلا غير عادي . وإذا ما أراد الله تعلم لمرة واحدة كرما آخر للضيافة غير حال أبيك وأثناء ذلك أتمنى لك كل ما هو طيب, ودمت في أحسن حال ) . دون الكثير من العادات والتقاليد والمشاهد الحية في شمال الجزيرة العربية وكتب عن الحياة الاجتماعية والسياسية بأدق التفاصيل وكان حريصا على توثيق وتحقيق جميع مشاهداته . أثناء مغادرته الجوف استوقفه مشهد غريب ل ( رقصة الدحة ) التي كانت تؤدى قبل مغيب الشمس في الفضاء والتي قال عنها : عند الظهر تقريبا عادت نياقنا من المرعى ، وعند العصر قررنا أن نركب دوابنا عبر الوادي وحتى نصل إلى السور المائل في الغرب ، وفي طريق العودة .. عندما بدأت الشمس في المغيب شاهدنا منظراً عجيباً رسخ في ذاكرتي ولم أشاهده مرة أخرى أثناء رحلتي كلها , ففي سهل واسع وفسيح جرت ( رقصات ) رائعة . حيث وقف صفان تفصل بينهما 20 خطوة ، في الصف الأول العديد من الفتيات وفي الجهة المقابلة في الصف الآخر العديد من الفتيان وفي الوسط وقفت فتاتان ترقصان برؤؤس مكشوفة وشعر تم تصفيفه للخلف . بدأ الرقص على شكل خطوات قصيرة للأقدام مع فرد الأذرع حيث تتقارب الصفوف وتتباعد، ثم مرة واحدة أدارتا الفتاتان ظهريهما لبعضهم وأمالتا رأسيهما للخلف ، ثم قامت كل منهما بتحريك شعرها أمام الأخرى وقامت الصفوف العديدة من الفريقين الحاضرين بالتصفيق لهما بصورة جماعية وأيديهم في صورة عمودية على صدورهم وفي هذه الأثناء كان الفتيان يتراصون في الجهة المقابلة وقد التصقت اكتافهم ووضعوا سيوفهم أمامهم وقاموا بالغناء سويا وبصورة سريعة . لم أتمكن من فهم كلمات هذا الغناء ( القصيدة ) ولكن كان اللحن كالتالي ( قام الرحالة برسم النوتة الموسيقية ) لقد قيل لي أن هذه الرقصة تسمى بلعبة ( الدحة ) وكان بيركهارت قد أشار في كتابه ملاحظات حول البدو الوهابيين عام 1831م إلى رقص شبيه بذلك عند البدو وأيضا فينشتاين ( جريدة ارض الصباح الألمانية عام 1868م أعطى وصفاً دقيقاً لهذه الرقصة . لم يذكر أحد اسم سحجة لي . لم يقف الأشخاص هنا في الجوف أثناء الرقص بشكل دائري ولكن الرقص كان عبارة عن صفين متقابلين وقال لي ( جراف لاندبيرج ) إن مثل هذا النوع من الرقص يوجد في سوريا تحت اسم الدبكة . المصدر الرحالة الأوربيون في شمال الجزيرة العربية