لماذا لم يبادر مجلس الشورى عبر لجانه المختلفة أو عبر مادته الثالثة والعشرين في تحديث أنظمة ولوائح الخدمة المدنية والعسكرية؟. سؤال عريض يطرح نفسه في ظل الخطوات الإصلاحية المتسارعة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي يسعى - وفق رؤيته السديدة ورغبته الصادقة - في الإصلاح والتطوير إلى رفاهية المواطن وتسهيل العقبات أمامه للعيش الرغيد ومواكبة الانفتاح والعصر في التماشي المنضبط مع الأدوات الحديثة. السؤال الذي حاولنا الإجابة عنه من خلال المسؤولين في مجلس الشورى لكونه أبرز الجهات التشريعية، الذي نصت مادة نظامه الخامسة عشرة على دراسة الأنظمة واللوائح والمعاهدات والاتفاقيات الدولية والامتيازات، واقتراح ما يراه بشأنها وتفسير الأنظمة إضافة إلى مناقشة التقارير السنوية التي تقدمها الوزارات، والأجهزة الحكومية الأخرى، واقتراح ما يراه حيالها. «الرياض» حملت حزمة التساؤلات التالية.. هل هناك حاجة إلى تحديث أنظمة الخدمة العسكرية والمدنية ولوائحها التنفيذية وما السلبيات في الأنظمة الحالية؟، أو ما الاحتياجات التي يجب أن يستجيب لها التحديث؟، وأجاب عنها رؤساء اللجان المعنية في مجلس الشورى. أنظمة تحتاج إلى تطبيق! في البداية تحدث رئيس اللجنة: الأهم من حيث إعداد الأنظمة وهي لجنة الإدارة والموارد البشرية والعرائض الدكتور فهاد بن معتاد الحمد، وجزم بأهمية تطوير الأنظمة لتكون أكثر اتفاقاً وانسجاماً مع العصر ومعطياته، وقال: «من المتفق عليه أهمية تطوير الأنظمة عموماً لتكون أكثر اتفاقاً وانسجاماً مع العصر ومعطياته وإلا اتسمت بالجمود الذي يؤثر سلبياً في كل شيء، ولكنه من المتفق عليه كذلك أهمية أن تتسم الأنظمة بنوع من الثبات النسبي والاستقرار لكونها تتضمن أحكاماً عامة، روعي فيها عند وضعها ليس متطلبات الحاضر فقط وإنما احتمالات المستقبل كذلك. وأضاف: وينطبق هذا القول على كل من نظام الخدمة المدنية، ونظام الخدمة العسكرية، ومع أن كلا النظامين يتكون من مواد ليست بكثيرة اكتفت بالأحكام العامة، وتركت التفاصيل للوائح التنفيذية (التنظيمية) التي يصدرها كل من مجلس الخدمة المدنية، ومجلس الخدمة العسكرية، إلا أن هذا لا يعني عدم أهمية المراجعة لكل منهما لتعديل وتحديث ما يمكن أن يساهم في التطوير ويواكب العصر. وعن سلبيات الأنظمة الحالية والاحتياجات التي يجب أن يستجيب لها التغيير، أشار إلى الحد وهو أن نظام الخدمة المدنية الذي صدر عام 1397ه يتكون من (40) مادة فقط، وما يحكم شؤون الخدمة المدنية فعلياً هي اللوائح التنفيذية الصادرة عن مجلس الخدمة المدنية مثل لوائح البدلات، والمكافآت، والإجازات، والإعارة، والتدريب والابتعاث، والتقارير الدورية.. الخ، وهذه اللوائح هي محل مراجعة وتحديث باستمرار وأستدرك الحمد لكن هذا لا يعني عدم وجود مجال أو مساحة لتحديث النظام فالنظام تضمن بعض الاستثناءات التي ربما كانت مبررة عند وضع النظام، أما الآن فلربما انتفت الحاجة لوجودها نظراً للتغيرات التي حدثت خلال السنين الماضية في أعداد ومستوى تأهيل وكفاءة القوى العاملة، ومن ذلك الفقرة (5) من المادة (4) من النظام أجازت لمجلس الخدمة المدنية الإعفاء من شرط توافر المؤهلات المطلوبة للوظيفة عند التعيين، وكذلك المادة (37) من نظام إجازات استثناء وظائف معينة من بعض أحكام النظام، بقرار من مجلس الخدمة المدنية. وقال إن تحديث النظام الحالي للخدمة المدنية لم يعط مجلس الشورى الفرصة لممارسة حقه وفق نظامه في تفسير الأنظمة، موضحاً أنه قد يكون من أسباب الحاجة إلى تحديث النظام الحالي هو أن النظام أعطى مجلس الوزراء حق تفسيره، مما يعني بقاء مجلس الشورى بعيداً عن تنظيم شؤون الخدمة المدنية، وفقاً لنظام مجلس الخدمة المدنية، وعدم إتاحة الفرصة له لممارسة حقه وفق نظامه في تفسير الأنظمة. وعن غياب المجلس وضعف دوره عبر لجانه المتخصصة لتحديث هذه الأنظمة أوضح د. الحمد أن لجنة الإدارة والموارد البشرية والعرائض ولجنة الشؤون الأمنية اهتمت حسب اختصاصها كل واحدة بتحديث هذين النظامين وقدمتا توصيات مهمة بشأنهما تم بناءً عليها صدور قرارات من مجلس الشورى تطالب بالإسراع بتحديث كل من نظام الخدمة المدنية، ونظام الخدمة العسكرية. وأضاف أن عدداً من أعضاء المجلس قد تقدم قبل نهاية الدورة الرابعة للمجلس باقتراح بموجب المادة (23) من نظام المجلس؛ لتحديث نظام الخدمة المدنية، وقد تمت إحالة هذا الاقتراح للجنة الإدارة والموارد البشرية والعرائض للدراسة وإبداء الرأي. وعزا الدكتور الحمد القصور في الأنظمة إلى عدم تطبيقها والتزام ما جاء فيها، وقال: «لقد تم في السنوات القليلة الماضية تحديث عدد من أهم الأنظمة لدينا كنظام القضاء، ونظام ديوان المظالم، ونظام مكافحة الغش التجاري، ونظام المرور، كما أن هناك عدداً آخر من الأنظمة المهمة هي محل دراسة وتحديث الآن، ومن ذلك نظام التعليم العالي والجامعات، ونظاما التقاعد المدني والعسكري، ونظام الشركات.. «ومضى الحمد في تشخيص الحاجة إلى التحديث في الأنظمة أو عدمه، مؤكداً « المشكلة ليست في عدم حداثة الأنظمة» فأعتقد أن لدينا الكثير من الأنظمة الحديثة المشكلة تتمحور في عدم الالتزام بتطبيق هذه الأنظمة وعدم التقيد بما تتضمنه من أحكام، فهناك نظام جديد وحديث للمرور تم البدء في تطبيقه منذ عدة أشهر، فهل لاحظت أي تغيير في سلوكيات قادة المركبات، أو أي انخفاض في معدلات الحوادث!، ونظام القضاء الجديد متقدم جداً في أحكامه ومضامينه وتنظيماته، فهل سنشهد نقلة نوعية تواكب ذلك في أعمال المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها؟!.. نأمل ذلك ونتطلع إلى تحققه إن شاء الله. الحوافز والترقيات! من جانبه قال اللواء الدكتور محمد بن فيصل أبو ساق رئيس لجنة الشؤون الأمنية بمجلس الشورى إن المعطيات تدل على أن قدم أنظمة الخدمة المدنية يجعلها بحاجة إلى التحديث في كثير من أبوابها فالمواد التي تنضم شئون الترقيات والحوافز فيها مجالات كثيرة للتحديث، ومن ذلك توقف الحوافز المادية ومضي سنوات كثيرة من دون ترقية، وأيضا المنافسة للترقية - أحيانا على مستوى المملكة مما يوجد أعباء مادية ومعنوية غير مسوغة، وهنالك ميزات يحصل عليها المتعاقد ولا يحصل عليها الموظف السعودي من دون مسوغ مقبول، إضافة إلى شئون أخرى خاصة بتطوير الأداء من المناسب أن تدرس لتعديل وإضافة ما يلزم لجعل النظام أكثر فاعلية ومرونة. وشدد اللواء أبو ساق على أن تسارع تطور النظريات الإدارية له ارتباط بالتحولات العامة، ومنها نظرية فن الحرب، التي يتأثر بها الفكر الإداري العسكري وتوجد مؤثرات طبيعية تجعل التغيير والتطوير في الأنظمة العسكرية مطلبا ضروريا، وتنظر المؤسسات العسكرية في شؤون التطوير الإداري حسبما تمليه جملة من المؤثرات، منها: قدم الأنظمة، وبروز الحاجة للإضافة، أو الحذف، أو التعديل، وحينما يكثر التعديل الجزئي يختل النظام وتتضح الحاجة إلى إعادة النظر في كامل النظام، وفي حالات أخرى يتضح بعد تطبيق الأنظمة وجود ملاحظات حول عدم التجانس في بعض الجوانب؛ كأن تعطى حقوق وميزات لكادر وظيفي وتحجب عن كادر أخر دون مبرر نظامي، أو بروز شئون تطبيقية لا تغطيها الأنظمة،