إن ذكرى البيعة للملك عبدالله بن عبدالعزيز ملكا للمملكة العربية السعودية، تتجسد في مجموعة من المنجزات الكبرى التي تحققت في عهده الميمون على مستويات مختلفة مثل التنظيمات الكبرى، والجديدة، والشفافية، والرؤى المستقبلية لبناء الوطن والمواطن من النواحي المختلفة، والاستمرار في مناحي التنمية التي بدأت منذ عهد التأسيس، وتحقيق الخدمات الكثيرة والجليلة للمواطن في جميع المجالات، ولا يمكن أن يدرك الفرد السعودي مدى ما تحقق من منجزات أو من نعمة ورخاء ينعم بها إلاّ إذا قارن نفسه بما يدور في البلدان الأخرى وكان منصفا ومحايدا في قراءته لمعطيات الدولة السعودية للمواطن، أمّا إذا كان فيه شيء من عدم الموضوعية أو سوء التقدير أو غير ذلك من عدم الرضا المفتعل، فإن ذلك لا يمكن أن يرضيه شيء.وحين مناقشة المعطيات الكبرى للوطن والمواطن والتي تعكسها البيعة للملك المفدى وتحقق الرضا الاجتماعي والاستمرار في ذلك، المعطى الأول هو: البناء الاجتماعي. البناء الاجتماعي للمجتمع السعودي تكون بشكل جديد منذ التأسيس واستمر في القوة والتجدد حتى في عهد الملك عبدالله، فنجد أن هناك الكثير من الأجزاء المكونة لهذا البناء قد تغيرت وتجددت مع التغير الاجتماعي الذي مرّ به المجتمع السعودي، فعلى سبيل المثال من الأجزاء الجديدة المكوّنة للبناء الاجتماعي الجديد تلك التنظيمات الجديدة التي تمت مؤخرا مثل حماية الأسرة والطفولة والضمان الاجتماعي والفقر والابتعاث للتعليم في الخارج والتعليم العالي في المجتمع وفي الشئون الصحية وغيرها من تنظيمات وقوانين جديدة تسهم في تكامل البناء الاجتماعي وتجدد قوة التماسك الاجتماعي وخدمة الأسرة والجوانب الاجتماعية المختلفة، وتساعد على حفظ الأمن العام الشامل بمختلف أنواعه. هذه التغيرات المحسوبة والموزونة تسهم في استمرار البناء الاجتماعي متماسكا، وبذلك يمكن أن نحدد أن أربع سنوات من بيعة الملك عبدالله كانت في الإطار والاتجاه الصحيح نحو التكامل الاجتماعي والرضا المجتمعي والاستمرار في البناء، وصيانة البناء الاجتماعي من التصدع أو الانهيار.والمعطى الثاني هو: تكوين الهوية. لقد تحققت منذ تأسيس المملكة العربية السعودية، الهوية السعودية للمجتمع، وبدأ أفراد المجتمع يشعرون بهذا الانتماء ويدافعون عنه، وخصوصا في المواقف التي تحتاج هذه الانتماء، واستمر هذا الشعور، بل وازداد هذا الشعور مع تشابك المواقف والمعلومات والثقافات والخبرات والمنتجات الثقافية الكثيرة عبر وسائل الإعلام المختلفة والانترنت وغير ذلك. واستمر الاهتمام من قبل الشباب بوطنهم وتشكلت هويتهم وزاد انتماؤهم وثقتهم بوطنهم وإدارته، رغم بعض الأصوات الناشزة التي تبحث عمن يصدقها. فهذه التجمعات السعودية في أنحاء العالم من الطلبة المبتعثين والعاملين في المجالات الأخرى من السعوديين. المعطى الثالث هو: التكوين التاريخي للمجتمع السعودي. لا يزال التاريخ أحد المناهل المهمة والمرتكزات الكبيرة التي من خلاله نفهم أنفسنا وواقعنا وعلى أساس نتائجه تتجه بوصلتنا في الاتجاه الصحيح نحو التطوير والتنمية، فبداية التنمية للمجتمع السعودي كانت في عهد الملك عبدالعزيز واستمرت من خلال أبنائه البررة، ارتكازا على التفاعل الاجتماعي والتاريخي بين أبناء المجتمع السعودي، ومع هذا الاستمرار للنماء أصبح المجتمع السعودي مجتمعا واحدا لا تكاد تميز جنباته وأجزاءه عن بعضها، وأصبح هناك تكامل بين المكونات الاجتماعية في المناطق المختلفة في المملكة. وفي هذه الذكرى الرابعة لبيعة الملك عبدالله تكاد المملكة العربية السعودية قرية صغيرة قصيرة الطرق، قوية التشابك، ووحدة في البناء والنماء والأمن والحرية والرخاء.المعطى الرابع هو: استمرار التنمية واستدامتها. كانت بداية التنمية في المجتمع السعودي في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله، بوسائل وطرق تناسب تلك الفترة التاريخية ومعطياتها الاقتصادية والسياسية والتعليمية وغير ذلك، ثم بدأت خطط التنمية الخمسية المقصودة والموجهة لتنمية المجتمع وتغييره والدفع به نحو العليّ، وكان لكل ملك من ملوك المملكة العربية السعودية قدر مناسب من التنمية، فقد ظهرت الملامح الحديث والرئيسة للملكة في عهد الملك فهد رحمه الله، واستمرت هذه الملامح التنموية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله. وبالنظر لأربع سنوات من عهد الملك عبدالله، نجد أن هناك الكثير من الإنجازات التي تمت مثل بناء الجامعات والابتعاث للتعليم وتطور الخدمات الصحية والاجتماعية الكثيرة وغيرها، وهذا مؤشر على استمرار التنمية واستدامتها، كما أن ذلك مؤشر على مستوى الرضا الاجتماعي.المعطى الخامس هو: التعايش الوطني بين مكونات المجتمع السعودي. منذ بدء التأسيس والتوافق الاجتماعي بين الفئات المجتمعية حول التوحيد وبناء المستقبل، عاش أفراد المجتمع السعودي من أقصاه إلى أقصاه في أمن وأمان وتنمية.المعطى السادس هو: الرؤية المستقبلية للمجتمع السعودي. من خلال الخطط التنمية، والمجالس العليا، ومجلس الشورى، ومجالس المناطق، والفعاليات الثقافية والإستراتيجية، ومن خلال الرؤية الثاقبة للقيادة السعودية، نجد أن هناك رؤية واضحة نحو الرقي والتقدم والتحديث للمجتمع السعودي، وبالنظر لأربع سنوات مرّت من عهد الملك عبدالله نجد أن هناك تنمية واضحة ورؤى ثاقبة لصالح المجتمع السعودي، وتمثل هذا في الكثير من التغيرات الكثيرة خلال أربع سنوات مضت. ويمكن القول إن ذكرى البيعة وتحليل المضامين الاجتماعية لها وللإنجازات التي تمت في عهد الملك عبدالله تجعل الجميع يشعر بالرضا عن تكويننا المجتمعي السعودي، حتى ولو شعر البعض أن هناك بعض التقصير، فالشعور بالتقصير دليل كمال، لأن الكمال المطلق لله تعالى وحده. إن مرور أربع سنوات على بيعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملكا للمملكة العربية السعودية، هو حلق ذهبية في سلسلة سعودية أسسها الملك عبدالعزيز رحمه الله، وهي سلسلة أمن وأمان وتنمية ورخاء للمجتمع السعودي، ودعوة لدين الله تعالى ودفاعا عنه، وحماية عن المقدسات الإسلامية (الحرمان الشريفان)، فحفظ الله لنا ديننا وحفظ ولاة أمرنا وأيدهم بنصره. * أستاذ علم الاجتماع جامعة الملك سعود