أرى تشابهاً كبيراً بين رأس صنّارة صيد السمك ومؤشّر الأسهم ،لماذا صنّارة صيد السمك بالذات ؟؟ بحُكم أنني متابع لبرنامج (الأسواق العربية) الاقتصادي الذي تبثّه قناة العربيّة رغم أنني لم أتعامل في حياتي حتى هذا اليوم ولم أُفكّر ولو مجرّد تفكير في الدخول لسوق الأسهم لقناعات شخصيّة ولكنني رأيتها (لعبة) يتفرّج عليها من يهوى التراجيديا، وفي ذات صباح وبعد افتتاح السوق السعودية وبعد أن بدأت (حُمّى) التحليلات والتكهّنات تهطل على الأسماع نقلت القناة مشاهد للمتعاملين في أحد الأسواق الخليجيّة فتركزّت الكاميرا على مشهد كهلين وخط الشيب عارضيهما، يولي كلّ منهما ظهره للآخر وقد ركّزا عينيهما بكل جمود على شاشة صغيرة أمام كل منهما فتخيلت صيّاد السمك على حافة النهر أو البحر وقد ألقى بصنّارته بعد أن ألقمها (طُعماً) وانتظر على أحر من الجمر لعل سمكة تعلق في (الهوك) ليغنم بصيدٍ يفتتح به يومه ، بالطبع لن يحلم الصيّاد بوقوع (هامور) في (كلاّب) صنارة مُعلّق بها طُعم لا يستحق (البلع)..! الزميل المبدع عبدالسلام الهليل قال كل حكاية الأسهم ببساطة وبشكل موجز في لوحته الكاريكاتورية الاسبوع الماضي إذ يقول الأب لابنهِ وهو يعظهُ : ( معك صنّارة وحطيت بها " طُعم" وصدتْ بها سمكة صغيرة ثم حطّيت هالسمكة طُعم وصدت بها سمكة أكبر وعلى هالحال لين يجي " قرش" ويلهم ما صدته، هذا وانا أبوك حال سوق الأسهم)..! ما دفعني لهذا الحديث رؤية صديق عزيز بعد انقطاع طويل ، وجدتهُ قد شاخ قبل الأوان ولم أرد أن أُقلقه بالسؤال عن سبب شحوبه وهُزال جسمه بل بادرتهُ بالسؤال عن مشروع ما بعد التقاعد الذي طالما حدثني عنه في الماضي حيث يحلم بشراء شقّة صغيرة في أحد أرياف دولة عربية يقضي بها ما تبقى لهُ من عُمر مُتفرّغاً للتأمل والقراءة وكتابة رواية ظل يجمع خيوط حبكتها منذ ثلاثة عقود، تنهّد وقال " كل هذا يا صاحبي ذهب أدراج الرياح وانقضم ثلاثة أرباع مرتبي الشهري ولهذا لن أتقاعد حتى يأذن الرب لي بالرحيل من هذه الدُنيا كي استطيع تسديد القرض الذي استلفته من البنك بناء على إلحاح صديق لي أغراني بالثراء في سوق " الإفلاس السريع" وها أنا ذا أدور لأطحن لغيري كالترس في ماكينة لا تتوقف عن الدوران حتى تسحق ما تبقى لي من عُمر، تذكرت حينها الصياد الذي راح يصطاد فصادوه بسهم طائش انغرس في لحم الرقبة...!