على رغم أن نصف انتاج السعودية من الأسماك يأتي من منطقة جازان، إلا أن هذا لا يعني أن صيادي المنطقة يحظون بفوائد كبيرة من هذا «المنجم»، فتنظيم السوق ليس في أفضل حالاته، كما أن المقيمين يسيطرون على الجزء الأكبر منها وشباكهم أكثر. نحو 4 آلاف صياد وعامل في هذا المجال في المنطقة، بحسب إحصاء لفرع الثروة السمكية في منطقة جازان، فيما يبلغ إجمالي كمية المصيد بالطن المتري 24 مليون طن متري للمصائد الصناعية، فيما يبلغ الإنتاج الكلي للأسماك في المنطقة 45 في المئة من إنتاج السعودية (16 ألف طن سنوياً)، بحسب دراسة لفرع وزارة الزراعة في المنطقة. وتشتهر جازان بأنواع كثيرة من الأسماك، أبرزها الهامور ويسمى «الكشر»، والشعور والبياض والحريد والضيرك (الكنعد)، ومن أهم الأسباب التي ساعدت في نمو وازدهار الثروة السمكية، وجود تجمعات كبيرة من الشعاب المرجانية، التي تنتشر على امتداد ساحل المنطقة في جزيرة فرسان وحبار وآمنة ودراكة ورأس طرفة، ووجود عمق مائي اسهم في انتشار أنواع كثيرة من الأحياء البحرية. ويخشى الصيادون على مستقبلهم بسبب الصيد الجائر من العمالة الوافدة، التي طغت على الحرفة وسيطرت على السوق. على مرسى الصيادين كان محمد حسن عثمان (70 عاماً) يجهز شباكه، قال ل«الحياة»: «مهنة الصيد اختلفت كثيراً عما كانت عليه سابقاً، كنا نخرج للصيد من دون مضايقات من العمالة الوافدة، أما الآن فهي والصيد الجائر أثرا كثيراً في كميات الأسماك»، مشيراً إلى أن الصيادين يقطعون مسافات طويلة في عرض البحر بين 25 جزيرة من جنوب فرسان إلى العاشق الصغير والعاشق الكبير على الحدود اليمنية للحصول عليه. وأكد إبراهيم شحار (65 عاماً) أن الصيادين القدماء اضطروا بسبب سيطرة العمالة الوافدة على السوق والبحر إما إلى ترك هذه المهنة بشكل نهائي، أو استقدام عمالة تستطيع أن تجاري السوق، مشيراً إلى أن البنك الزراعي قدم له فلوكة (قارباً) ومحركاً بقيمة 26 ألف ريال على شكل سلفة. وتحدث فيصل صعابي أحد هواة الصيد والرحلات البحرية عن طريقة ناجعة في صيد السمك تسمى «مقبرة الأسماك»، وهي عبارة عن قراقر حديد (شباك) كروية الشكل يوضع فيها طعم فتدخل الأسماك وتضل طريقها فتموت، وتأتي أسماك أخرى على رائحتها فتضل طريقها وهكذا، مشيراً إلى أن هذه الفترة من العام تعرف ب«العاصف» وتمنع «حرس الحدود» خلالها الصيادين من الدخول إلى عمق البحر لما فيه من مخاطر، إذ ترتفع الأمواج إلى نحو أربعة أمتار. وعن طرق الصيد، تحدث احمد شحار أحد كبار الصيادين في المنطقة عن طريقتين، الأولى الصيد بالشباك والثانية الصيد بالجلب (الصنارة)، مشيراً إلى أن السمك الذي يصطاد بالجلب يكون ألذ طعماً وأغلى ثمناً لأنه يؤخذ من البحر فوراً، بخلاف السمك الذي يصطاد بالشبك لأنه يبقى ساعات في الشباك ما يؤثر في طعمه. من جانبه، لم يعلق مدير مركز المعلومات في أمانة منطقة جازان عبدالرحمن الساحلي على سيطرة المقيمين على سوق السمك، وقال إن «الأمانة» أوجدت مرسى خاصاً بالصيادين شمال سوق السمك، كما تم الانتهاء من مرسى الأحلام، وتوجد مراس ترفيهية عدة في المدينة والجزر المجاورة، سلمت للجهات المختصة لإكمال إجراءات تطويرها.