ضاعفت المملكة العربية السعودية إنفاقها الرأسمالي على مشاريع التنمية في الربع الأول من العام الحالي، ومنحت عقوداً بقيمة 40.6 مليار ريال (10.8 مليار دولار) لدعم القطاع غير النفطي. وأكدت المملكة أنها متفائلة تجاه مستقبل اقتصادها، على رغم الأزمة العالمية التي تضرب الاقتصادات العالمية، وأن كل المؤشرات تدعم هذا التفاؤل، وأنها في إطار سعيها لتخفيف آثار الأزمة تواصل اتخاذ سياسات مالية توسعية، إذ بلغت الزيادة في الاستثمار ضمن موازنة العام الحالي نحو 36 في المائة مقارنة بالعام الماضي. واتخذت المملكة عدداً من الإجراءات لتخفيف آثار الأزمة العالمية على اقتصادها، ومن أهم هذه الإجراءات زيادة الإنفاق الاستثماري في موازنة هذا العام بنحو 36 في المائة، والموافقة على عدد كبير من العقود المجازة من وزارة المالية خلال الربع الأول من العام الحالي والبالغ قيمتها أكثر من 40 مليار ريال، مقارنة ب20 مليار في الفترة نفسها من العام الماضي، بزيادة تتجاوز 103 في المائة. وبينت ان صافي الإقراض الذي التزمت به الصناديق الحكومية العام الماضي نحو 20 مليار ريال، بمعدل نمو بلغ نحو 110 في المائة مقارنة بعام 2007». وأوضحت السعودية أن التوسع في الإنفاق الاستثماري الذي يشمل قطاعات البنية الأساسية والخدمات العامة والتعليم والصحة يفتح فرصاً استثمارية وتجارية كبيرة للقطاع الخاص في الداخل والخارج، مشيرة، بحسب وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف في كلمته في افتتاح مؤتمر «يوروموني - السعودية 2009»، إلى أن ما يحدث من تقلبات حادة في أسعار النفط وما يتعرض له الاقتصاد العالمي من ركود يؤكد أهمية وسلامة اتباع السياسات الاقتصادية المعاكسة للدورة الاقتصادية. 400 مليار دولار لمشاريع البنية الأساسية وبيّن أن الانكماش في الاقتصاد العالمي سيختلف من دولة إلى أخرى، ويتوقع أن يكون معدل الانكماش في الاقتصاد العالمي بمعدل 1.3 في المائة هذا العام، ومن المنتظر انخفاض معدل الانكماش في الربع الثاني من العام، واستئناف النمو العام المقبل ليكون بمعدل 1.9 في المائة. وتطرّق العساف إلى الجهود المبذولة دولياً لمواجهة الأزمة العالمية، وقال إن هناك جهوداً دولية تبذل لمواجهة الأزمة، منها ما تم إقراره في قمة العشرين التي أسهمت المملكة فيها بجهد كبير، إذ أقرت عدداً من الإجراءات من أهمها العمل على إصلاح القطاعات المالية في الدول التي لديها خلل، وتكليف صندوق النقد الدولي بتقويم منتظم للإجراءات وسياسات التحفيز التي التزمت دول المجموعة باتخاذها. وكانت السعودية قالت أواخر العام الماضي إنها ستستثمر 400 مليار دولار في السنوات الخمس المقبلة على مشاريع البنية الأساسية. دعوة إلى سياسات تنظيمية مصرفية شاملة من جهته، أوضح محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" (البنك المركزي) الدكتور محمد الجاسر أن نظرية الإشراف الذاتي في المجال المصرفي مسؤولة عن الأزمة الاقتصادية التي تجتاح العالم، ودعا إلى سياسات تنظيمية شاملة. وأشار إلى ان الأزمة الحالية أثبتت من دون أدنى شك أن الإشراف الذاتي ليس إشرافاً تاماً، كما أن النصيحة للنفس ليست بنصيحة». وقال: «أنه كان لدى الاقتصادات المتقدمة اعتقاد بأن الأسواق تنظم نفسها وتصلح نفسها بنفسها، في حين أن ما ثبت هو العكس وهو ضرورة التدخل والإصلاح». واعتبر أنه «حان الوقت لنطرح المعتقدات الفكرية والتراكيب النظرية التي ضللتنا وأن نقوم بصياغة وتنظيم شامل لمنع التجاوزات التي كانت المسبب الأساسي للمشكلة التي وقعنا بها اليوم». كما اعتبر أن: «التنظيم الصارم كان له تأثير على الحفاظ على استقرار المصارف السعودية، مع العلم أن أياً من مصارف المملكة لم يسقط، ولو أن المصرف المركزي لجأ إلى ضخ السيولة لدعم المصارف في أحلك الظروف أيام الأزمة المالية»، مؤكداً أنهم يقومون في المؤسسة بمراقبة البنوك وبعمل استباقي لأي أخطار قد تواجهها. الأزمة العالمية... أزمة ثقة وأوضح أن القدرة على الاستشراف ستغطي كل الدول ومنها الدول النامية وكل المؤسسات المالية، ومن بينها صناديق التحوط وتقويم الائتمان والتي كانت تطالب بها السعودية من مدة، مع موافقتها أن تكون داعمة لصندوق النقد الدولي بالموارد الكافية لتنفيذ هذه الرغبات. ووصف محافظ مؤسسة النقد الأزمة العالمية بأنها أزمة ثقة، وليس سراً أن السياسة الحكيمة ستلعب دوراً في إعلاء درجة الثقة، مؤكداً أنه ليس هناك دولة في معزل عن آثار الأزمة، إلا أن السعودية الأقل ضرراً. ودعا الشركات المتعهدة والموردين إلى أن يستغلوا الفرص الاستثمارية استغلالاً كاملاً، مشيراً إلى أن الكساد العالمي والانخفاض الحاد في أسعار النفط يؤكد ضرورة اتخاذ سياسات موزونة ومعقولة ومنطقية للاقتصاد والتي تعكس الدورة الاقتصادية العالمية. وأبدى تفاؤلاً بمستقبل الاقتصاد السعودي الذي تدعمه كل المؤشرات، وكذلك ظهور ارتياح كبير عبر عنه المستثمرون والمشاركون في المؤتمر اليوم، متمنياً أن يلقي المؤتمر الضوء على التنمية الاقتصادية في السعودية خلال الأزمة العالمية والتغييرات الحديثة التي قامت والتي تعكس مرحلة جديدة من النظام المالي الجديد. دور المملكة في الاقتصاد العالمي يتعاظم وأكد أن دور المملكة في الاقتصاد العالمي يتعاظم بفضل وزنها في إحلال التوازن وتوفير الإمدادات الكافية لأسواق النفط بما يدعم استقرارها وحفز النمو عالمياً. واعتبر امتلاك السعودية 25 في المائة من الاحتياطات العالمية من النفط ومساهمتها في تلبية حاجات الأسواق يعطيها دور "بنك الاحتياطي العالمي للنفط" من خلال ضمان وفرة النفط وطاقة إنتاجية عالية قادرة على التكيف مع تزايد الطلب. وشدد الجاسر على أن السياسة الاقتصادية للسعودية التي تعتمد في جزء منها على عائدات النفط تسعى إلى إيجاد توازن بين مصالح المنتجين والمستهلكين، مؤكداً انها أسهمت في تزويد السوق بإمدادات إضافية، عندما بلغت الأسعار ذروتها عند 147دولاراً للبرميل في تموز (يوليو) الماضي. وقال إن المملكة تأمل في أن "تساعد الأسعار المنخفضة بمقدار الثلثين عن ذروتها في يوليو على تحفيز النمو الاقتصادي وخفض الكلفة للمستهلكين". وقال زينل: «إن المستجدات الحالية تفرض على دول الخليج التعاون في ما بينها في مختلف المجالات، اقتصادياً وتجارياً ومالياً». وأوضح أن الطلب العالمي على السلع يشهد تراجعاً كبيراً، إذ ترى منظمة التجارة العالمية أن انكماش التجارة سيقلل من حجم الصادرات العالمية بمعدل 9 في المائة خلال 2009، وهو أكبر انخفاض في معدلات الصادرات منذ الحرب العالمية الثانية. وحذر من أن العودة إلى إجراءات الحماية في التجارة ستكون لها تأثير سلبي وعواقب وخيمة جداً على الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية. 2025 عام متنوع المصادر ويقوده القطاع الخاص وأشار إلى ان المملكة لديها رؤية مستقبلية لاقتصادها، بحيث يصبح عام 2025 متنوع المصادر، ويقوده القطاع الخاص، ويوفر فرص عمل مجزية وتعليم عالي الجودة وعناية صحية فائقة، وتم اتخاذ عدد من الاجراءات لتحقيق ذلك، من اهمها صياغة استراتيجية وطنية للصناعة، تهدف الى الوصول لنمو صناعي واقتصادي مستدام، وتطوير بيئة الاعمال، من خلال تعديل العديد من الانظمة واللوائح التنظيمية المرتبطة بالتجارة والاقتصاد، والإنفاق السخي على تطوير شبكات البنى التحتية القائمة. وبيّن أن الإجراءات تشمل الاستمرار في تبني معدلات إنفاق عالية، ودعم القطاع الخاص الوطني، وتسهيل كل العقبات التي تحول دون اندماجه في الاقتصاد العالمي، والتركيز على دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، خصوصاً في قطاعي صناعة الخدمات والصناعات التحويلية. وأشار إلى أن الاستراتيجية الوطنية للصناعة تتبنى رؤية بأن تكون صناعة منافسة عالمياً تقوم على الإبداع والابتكار، وأن تسهم في الناتج المحلي بنحو 20 في المائة بنهاية 2020، لافتاً إلى أن الاستراتيجية تخطط للوصول الى أهداف، من اهمها مضاعفة القاعدة الصناعية ثلاث مرات، وتحقيق معدل نمو صناعي مركب يعادل 8 في المائة سنوياً، ورفع نسبة الصادرات ذات القاعدة التقنية الى 60 في المائة من اجمالي الصادرات الصناعية، ومضاعفة نسبة الصادرات الصناعية بالنسبة لمجمل الصادرات من 18 في المائة في الوقت الحاضر إلى 35 في المائة، ومضاعفة نسبة العمالة السعودية في الصناعة.