في عام 1976م تعرفت على مكتبات الرياض عن قرب، حيث لم يكن فيها إلا عدد يسير من المكتبات، فكنت أتعامل معها حسب حاجتي وقدرتي المادية. لم يكن هناك في الرياض وقتها إلا مكتبات معدودة، سواء كانت تجارية أو عامة، وكان مجموع المكتبات التجارية لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، مثل " مكتبة الحرمين " و "مكتبة النصر الحديثة " و " مكتبة اللواء ". لكل واحدة من هذه المكتبات لون أو توجه خاص بها، فمكتبة "الحرمين" والواقعة في عمائر الدغيثر في البطحاء يغلب على كتبها الطابع الإسلامي الحركي مثل كتب سيد قطب وكتب حسن البنا وغيرها من الكتب التي أسست للإسلام السياسي كما يباع فيها مجلة المجتمع و الاعتصام و الدعوة وغيرها من المجلات الإسلامية الحركية. أما مكتبة النصر الحديثة، وهي في عمائر الدغيثر أيضاً، فذات طابع تجاري بحت حيث كنا نجد فيها شتى الكتب المصورة وبأرخص الأسعار، ففيها كتب الشعر الشعبي مثل " كتاب الأزهار النادية في أشعار البادية" وقصص "سيف بن ذي يزن" و" سيرة عنترة بن شداد " و " تغريبة بني هلال " ، وبجانب هذه الكتب يوجد فيها تاريخ " البداية والنهاية" لابن كثير و "كتاب الكامل" لابن الأثير و كتاب "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم، وغيرها الكثير، وجميعها مصورة ذات ورق مصفر ومتدنية السعر. أما مكتبة اللواء، والتي تقع في شارع الوزير، فيغلب عليها الأدب الحديث والإصدارات الحديثة، مثل روايات نجيب محفوظ و مصطفى محمود. وهناك مورد مهم للكتاب، اكتشفته مبكرا، ألا وهو حراج ابن قاسم، وبسطة الوراق كلاس، والذي كان له مكتبة في العود، أما كتبه فمن نوادر الطبعات، وحقيقة لازال هذا الرجل يحرص على توفير أهم الطبعات وأندرها. أما المكتبات العامة فهي متعددة، ففي كل جامعة مكتبة عامة وخزانة مخطوطات، لكني سأقصر كلامي على المكتبات التي عرفتها عن قرب، وترددت عليها، مثل "المكتبة السعودية " في "دخنة" وكانت تحتوي على كتب ونوادر المخطوطات كما أنها تحتوي على كتب الشيخ محمد بن إبراهيم ومخطوطاته. والمكتبة الثانية التي عرفتها عن قرب، وترددت عليها، فمكتبة " دار الكتب الوطنية" في شارع الوزير، وكانت تتميز هذه المكتبة بوفرة الدوريات السعودية والعربية الحديثة والنادرة، وبوفرة الكتب والدراسات الأدبية والتاريخية والقصص والروايات ودواوين الشعراء المحدثين والقدماء.