تصفّح الإنترنت واقرأ التعليقات في المنتديات والمدونات ومواقع الصحف ستجد أن شريحة واسعة من السعوديين لا ترى بأساً في العروض السينمائية, وليس هناك من معترض إلا فريقين صغيرين, الأول هو الذي يرفض السينما والفن جملة وتفصيلاً وهذا لا نقاش معه لأن الاختلاف معه مبدئي وهو لن يقبل أي نتيجة بأي حال, أما الفريق الثاني فهم مجموعة من الكتاب والمثقفين يعترضون على أن يكون فيلم مثل "مناحي" استهلالاً للصناعة السينمائية السعودية. اعتراض الفريق الثاني ليس على السينما في حد ذاتها بل على هذا الفيلم تحديداً وهم يتمنون لو أن المجد التاريخي الذي تحصل عليه "مناحي" كان من نصيب فيلم آخر يكون أكثر جمالاً وإتقاناً, وفات على هؤلاء أن طبيعة الأشياء تتناقض مع أمنيتهم هذه, إذ ليس من المتوقع أن تبلغ الكمال من أول خطوة. إنهم مثل ذلك الرجل الذي يطلب من زوجته الحامل أن تلد له رجلاً كاملاً يحسن الحديث ويحمل في يده اليمنى شهادة الدكتوراه؛ وهذا مستحيل. إن ما نعيشه الآن هو ولادة للسينما بالمعنى الحرفي لكلمة ولادة, وليس منتظراً ولا متوقعاً أن نقدم فيلماً منافساً يستطيع مضارعة الأفلام الغربية من أول خطوة, خاصة ونحن لا نملك البنية التحتية التي توفر الكوادر الفنية والتقنيات المطلوبة لإنتاج أفلام مناسبة, فمن أين سيأتي صانع الفيلم السعودي بفنيين ينتمون لهذا البلد ويمتلكون الكفاءة ونحن لا نملك معهداً يخرجهم ولم نبتعث أحداً للخارج. إنه طلب مستحيل في البداية لكنه سيتحقق لاحقاً عندما يفتح المجال ويبدأ النشاط السينمائي بالنمو.. وبالتمرس والخبرة سنصل إلى الفيلم الذي نطمح إليه. ولا يصح مقارنة بدايتنا ببداية السينما الغربية, ففي الغرب, اخترعت السينما على يد العلماء أولاً ثم تلقفها فنانو المسرح, لذا فهي امتداد أو - لنقل - تتويج لمسيرة طويلة من التعاطي مع الفنون والعلوم الطبيعية منذ الحضارة الإغريقية, أما نحن فلازلنا نتلمس طريقنا في الرواية والدراما والمسرح والسينما, ولم نكمل بعد عامنا السبعين في أي مجال منها, وحتى نصل إلى نقطة النضج فإننا بحاجة إلى أكثر من هذه السنوات.. فلنصبر إذن وسندرك مع الوقت الأهمية التاريخية ل "مناحي" –الحدث-..