ماتيو بوريني باحث من جامعة فلورنس الإيطالية يعتقد أنه اكتشف أول جمجمة لمصاص الدماء في العالم ؛ فأثناء بحثه في مقبرة لضحايا الطاعون (في القرون الوسطى) اكتشف جمجمة تملك نابين كبيرين غرس في فمها قضيب حديدي طويل .. وحسب الأساطير الإيطالية فإن أفضل وسيلة لمنع مصاص الدماء من مغادرة قبره والاعتداء على الناس ليلا هي استخراج قلبه وغرس قضيب حديدي في فمه . غير أن اكتشاف هذه الجمجمة على جزيرة لازاريتو التابعة لمدينة فينيس قد لا يثبت غير انتشار هذا الاعتقاد بين الناس في الماضي .. كما يثبت أن "مصاص الدماء" فكرة سبقت شخصية الكونت دراكولا التي استوحاها الكاتب الإنجليزي "برام ستوكر" عام1897 من شخصية حقيقية لقائد روماني يدعى فلاد دراكيول (دحر الأتراك عام 1456) .. وقد اشتهر دراكيول الحقيقي (الذي ماتزال قلعته ماثلة للعيان في رومانيا) بولعه بتعذيب أعدائه وصلبهم في حفلات ماجنة . وأضاف ستوكر لقسوته هذه شبقه لشرب الدماء مستوحيا هذه العادة من قريبته الكونتيسه الرومانية اليزابيث باتوري التي عرفت باختطاف الفتيات الصغيرات وشرب دمائهن أملاً في الخلود والشباب.. وبهذا يكون ستوكر قد زاوج بين الشخصيتين للخروج بشخصية دراكولا مصاص الدماء الذي ينام في تابوت ويطير بجناحي خفاش . ومن المعتقد أن الصفات التي يتمتع بها دراكولا (كشرب الدماء والخوف من الضوء) لها أساس من الصحة . فملفات البوليس في معظم الدول لا تخلو من مجرمين امتصوا دماء ضحاياهم بعد قتلهم .. وفي آخر اجتماع للجمعية الأمريكية للتقدم الطبي عقد في لوس انجلوس قدم العالم الكندي ديفيد دوليفن بحثاً يربط فيه بين ظاهرة " مصاصي الدماء " والإصابة بمرض نادر يدعى بروفيريا .. فالمصابون بذلك المرض يعانون من نقص شديد في مادة ال"هيمو" التي تعتبر المكون الأساسي للحديد في الدم. ومن أعراض هذا المرض تقرح الجلد وأصابته بطفح مؤلم إذا تعرض للضوء الشديد .. وعليه من غير المستبعد أن يلجأ ضحايا هذا المرض إلى امتصاص دماء أقرب الناس إليهم لتعويض النقص في مادة الهيمو . ... ويعتبر السفاح الأمريكي غلين روجرز مجرد نموذج لمصاص الدماء الذي يظهر بين الحين والآخر في معظم المجتمعات . فهذا المجرم ينتظر الآن حكم الإعدام في ولاية فلوريدا لارتكابه سبع جرائم قتل شرب خلالها دم ضحاياه وترك بقاياهم في حالة مروعة. وقد حامت الشكوك حول روجرز منذ عام 1995 حين أثبت الأطباء الشرعيون أنه مصاب بمرض " البروفيريا " . واليوم يعتقد أن أول ضحية مص روجرز دمها كان صديقه الحميم مارك بيتر الذي عثر عليه رجال الشرطة مقيداً في كرسيه وقد صفي دمه بالكامل عن طريق شرايين الرقبة . أما آخر جرائمه فكانت نادلة تدعى كرس رور سحبها إلى أحد الحمامات وشفط دمها وهي حية . ... واليوم يؤكد العثور على "الجمجمة الإيطالية" عراقة الحالة وقدم الاعتقاد واستمرارية الإسطورة .. أما خيال الإنسان وظلمة الليل وصياح الخفافيش فأضفت اللمسات النهائية والسينمائية على هذا المخلوق المرعب .