قبل أيام قرأت في مجلة نيوساينتست تقريراً يفيد بارتفاع معدل (عضات) الخفافيش في البرازيل . فرغم أن معظم الخفافيش تعيش على أكل الفاكهة والخضار إلا ان أنواعاً قليلة منها تعيش على مص دماء الحيوانات والدواجن .. وحتى هذه الفصيلة الدموية تعد مسالمة بالنسبة للإنسان ونادراً ما تعمد لمهاجمته ومص دمه (بل إن أعشاشها تعد طعاما شهيا لكثير من الآسيويين) . غير أن الوضع بدأ يتغير في السنوات الأخيرة وبدأت تظهر حالات عض وشفط دماء غريبة يتعرض لها البشر (والأطفال بالذات) .. وقد ارتفع معدل الإصابات في البرازيل إلى 1300 إصابة منذ سبتمبر الماضي انتهت 23 منها بالوفاة ب«داء الكلب» !! -ولعلكم تتساءلون ( في هذه اللحظة ) عن العلاقة بين الخفافيش وداء الكلب ؟ ... في الحقيقة هذه المفارقة أدهشت حتى الأطباء أنفسهم ؛ فداء الكلب- سمي بهذا الاسم- كونه ينتقل إلى الإنسان من الكلاب المسعورة. غير أن العلماء بدأوا يعتقدون أنه ينتقل أصلا (ومنذ البداية) من الخفافيش إلى الكلاب فيصيبها بالسعار والجنون ثم الموت في النهاية .. ... أيضا هناك مرض السارس- الذي تصدر وسائل الإعلام قبل عامين- وثبت انتقاله للبشر عبر قطط الكيفتس (المنتشرة في الصين وجنوب شرق آسيا) .. غير أن عضات الخفافيش الأخيرة في البرازيل أظهرت وجود فيروس السارس في (أماكن العض) مما يعطي دلالة أكيدة على نقلها لهذا المرض . وبما أن القطط حيوانات أليفة- تعيش في منازل الناس منذ آلاف السنين بلا مشاكل تذكر- يعتقد أن الخفافيش تتحمل المسؤولية الأولى في نقل مرض السارس للقطط .. ومنها للبشر .. هذه الحقائق تشير إلى حصول تغيرات نوعية جعلت الخفافيش الدموية تتحمل مسؤولية أمراض كثيرة! - والسؤال هنا : ماهي هذه التغيرات، وما الذي رفع معدل هجمات الخفافيش حول العالم !؟ .. السبب الواضح حتى الآن هو الانحسار التدريجي للغابات وتمدد المدن في مواقع الغابات والبراري البكر- مما حرم الخفافيش من بيئتها الطبيعية - . فهذه الثديات الطائرة أصبحت تعاني من نقص في غذائها العادي (المتمثل في دماء الحيوانات البرية) بحيث (اضطرت) لمهاجمة الناس وعض الأطفال وشفط دماء الحيوانات الداجنة !! الغريب أكثر ؛ أن هناك مرضاً نادراً يدعى بروفيريا (ويدعى شعبياً مرض دراكولا) يعتقد أن مصدره الخفاش الدموي .. وهذا المرض العجيب أكتشفه عالم القلب الكندي ديفيد دوليفين الذي اشار عام 1981 إلى وجود رابط محتمل بين «مصاصي الدماء» والإصابة بمرض البروفيريا .. فالصفات التي يتمتع بها دراكولا في السينما (كشرب الدماء والخوف من الضوء) لاتختلف كثيرا عن الأعراض المصاحبة لهذا الداء ورغبة صاحبه في شرب الدماء . فهذا المرض- حسب الدكتور دوليفين- أكثر انتشاراً مما نعتقد ولكنه غالبا ما يصنف كعارض نفسي ونادراً ما يخرج عن سيطرة المريض .. والمصابون بهذا المرض تعجز أجسادهم عن انتاج ما يكفي من مادة ال«هيمو» المكون الأساسي للحديد في الدم .. وعليه من غير المستبعد أن يلجأ ضحايا هذا المرض بدون وعي منهم إلى امتصاص دماء أقرب الأشخاص إليهم لتعويض النقص في هذه المادة ( وأكاد أجزم أن ملفات الشرطة في جميع الدول لا تخلو من مجرمين فعلوا ذلك بضحاياهم) !! ... الجديد في الموضوع (!؟) تحميل الخفافيش مسؤولية هذا المرض !؟