الأزمة المالية العالمية ومصطلحاتها (انكماش - ركود - تباطؤ النمو - تقليص - تسريح) والتي لا يفهمها الكثير، يمكنها أن تتحول من أزمة مالية إلى اقتصادية، والأمين العام للأمم المتحدة مؤخراًِ يقول بأنها قد تتحول إلى سياسية، حتى إن عارضات الأزياء بحسب الأقوال سوف يواجهن البطالة بسبب تلك الأزمة! حتى اللون لم يسلم منها حسب تصريح الرئيس البرازيلي بأنه لم ير في حياته مسؤولا مصرفياً أسوداًَ متهما «ذوي العيون الزرق» بالتسبب في إشعال الأزمة المالية، وحيث إن تأثيرها القوي لم يظهر حتى الآن رغم الحلول التي تعلنها هذه المؤسسة أو تلك والخاصة بالإنقاذ، فإن النظام المالي العالمي ليس بهذه البراءة التي نسمعها، وهو في ظني نظام يحاط بسرية كاملة ولا يسمح بتداول إلى ما يراد له أن يخرج فليس من المعقول أن دولا كبرى تتحدث الآن عن انهيار أنظمتها المالية واختلاسات بالمليارات وهي لا تستطيع أن تحرك ساكن، وكلام من قبيل أن ينتقل مركز الثقل الاقتصادي في المرحلة المقبلة من أميركا وأوروبا إلى آسيا ومنطقة الخليج وهذا لن ينطلي على العارفين، وآخر الأخبار تقول إن بريطانيا قد تلجأ إلى مساعدات من صندوق النقد الدولي! بل الدهاء إن حلباً على المكشوف يراد له أن يتم من دول أرصدتها وكل ما تملك لا يكاد أن ينقذ جزءاً بسيطاً من بعض القطاعات الاقتصادية الأضعف لبعض الدول الاقتصادية الكبرى ورغم هذا فإن هذه الدول لن تدفع بدون مقابل. الحديث عن البطالة في هذا الجو مقلق للكثير، والمرعب أن يستشهد بالأرقام سوى الخسائر المتوالية أو أرقام من يفقدون وظائفهم وعلى سبيل المثال عدد العاطلين في ألمانيا ارتفع بمقدار 69 ألف عامل هذا الشهر وهناك حوالي 3.4 مليون عاطل عن العمل ما يعادل 8.1 بالمئة من القوة العاملة في البلاد وهي من أكبر الدول الصناعية، وبلغ حجم الخسائر التي تعرضت لها الثروات العربية في الخارج نتيجة الأزمة المالية إلى أكثر من 3.1 تريليون دولار وارتفاع معدلات البطالة إلى 14 في المئة في العالم العربي. ونحن مع الأسف خرج من يعنيهم حل البطالة في بلادنا ليستبقوا الأحداث ويتحدثون عن إن هذه الأزمة قد تؤثر على نسبة السعودة في القطاع الخاص، وكذلك التخوف من أن التسريح سوف يطال من هم على رأس العمل في هذه الشركات من السعوديين علما أن نسبتهم لا تشكل رقماً قد يقلص نسبة البطالة الموجودة أصلاً، خاصة إن نوعية الأعمال التي يقومون بها ليست ذات دخل مجزٍ لكن الاضطرار هو من أجبرهم على القبول بها، لماذا الخوف على السعودة وعليكم التمعن بالأرقام والمعلومات الأخيرة من الجهات الرسمية والتي تقول إن عدد القوى العاملة (15 سنة فأكثر) السعوديين 4173019، غير سعوديين حوالي 4281929 ونسبة الذكور فيهم 79.9٪ والمشتغلين منهم حوالي 99.5٪ من إجمالي قوة العمل غير السعوديين، نسبة التعلم بين الذكور في قوة العمل الأجنبية هي 91.2 ونحن نعرف أن الكثير من الإخوة والأصدقاء القادمين من بعض الدول العربية وكذلك الآسيوية نسبة كبيرة منهم من غير المختصين وحملة الشهادات ولا يعرفون فك الخط فكيف يمكن أن نتحدث عن هذه النسبة!كذلك عدد المصانع الوطنية والمشتركة المنتجة 4167 وعدد العاملين بها 466297 فكم عدد السعوديين؟، المصانع الكيماوية والمنتجات البلاستيكية حوالي 895 مصنعاً وصادراتنا من هذا النشاط حوالي 4 مليار ريال واستيرادنا منها 3.2 مليار ريال خلال شهر يناير!!. المدن الصناعية القائمة 14 مدينة والجديدة 13 والمدن الصناعية الخاصة 5 مدن، وأكبر شركة في سوق الأسهم السعودية سابك لديها 14450 سعودي من أصل 17000 موظف وأرباح الشركة في عام 2008م 22مليار وثاني الشركات شركة الاتصالات السعودية والتي تستحوذ على 26.6 في المائة من القيمة السوقية للشركات الخليجية العاملة في قطاع الاتصالات والتي تقدر بنحو 73 مليار دولار موظفوها حوالي 18500 موظف. يعد هذا الأمر بالنسبة لنا غير مقلق، والسبب أننا حتى لو حدث الكساد العالمي فإن طبيعة الاقتصاد لدينا ليس ذلك الاقتصاد الذي يعتمد على الصناعة، وليس لدينا مؤسسات صناعية كبرى سوف تضطر إلى تسريح موظفيها نعم سوف تتوقف المشاريع الحالية وهي في معظمها بنى تحتية وبناء مرافق حكومية مثل المدارس والجامعات والطرق، ورغم أهميتها الكبيرة للبلد فإن طبيعة وظائف هذه الشركات العاملة في هذه المشاريع غير مشغولة بالسعوديين وبنسبة كبيرة، أما الخائفون علينا من الأزمة فهي حوالينا ولا علينا والبترول هو المصدر الأكبر للدخل والحكومة هي الموظف الأكبر والشباب لهم الله يرزقهم من حيث لم يحتسبوا.