تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (حفظه الله) تستضيف المملكة العربية السعودية المؤتمر الثامن لاجتماعات وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في العالم الاسلامي خلال المدة من 28 - 29 جمادى الأولى المقبل وذلك في محافظة جدة تحت عنوان: «الأمن الفكري ودور وزارات الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في تحقيقه»، بمشاركة (62) دولة. ويناقش المؤتمر الذي تستمر أعماله يومين الموضوعات المدرجة على جدول أعماله، وهي: (خطة الارتقاء بالمساجد موقعاً ورسالة، وخطة إصدار كشاف عن الأوقاف في العالم الإسلامي، والتجديد في الفكر الإسلامي والخطاب الديني بين الثوابت والمتغيرات، ودور الدعوة الإسلامية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، وحوار الأديان والحضارات، ومشروع برنامج (الوسطية.. منهج وحياة)، والتنصير في بلاد المسلمين، وتقرير حول تقدم العمل بصندوق الاستثمار في ممتلكات الأوقاف بالبنك الإسلامي،وتقرير عن إنجازات المشاريع التنفيذية لتنسيق جهود الدول الإسلامية في الأوقاف). وقال وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد رئيس المجلس التنفيذي لمؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في العالم الاسلامي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ إن استضافة المملكة لهذا المؤتمر الإسلامي الكبير في دورته الثامنة دليل على حرصها ورغبتها في احتضان كل ما من شأنه خدمة الإسلام والمسلمين وفق توجيهات ومؤازرة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، مفيداً أن انعقاد المؤتمر الثامن يأتي في ظروف بالغة الألم ،حيث لا تزال الأمة الإسلامية تعاني العديد من الأزمات والمشكلات إن كانت على الصعيد الاقتصادي أو السياسي، كما أننا لا نزال نرى ضعفاً في اتحاد هذه الأمة، وضعفاً في استخدام كافة إمكاناتها وطاقاتها المادية والمعنوية والعلمية والدعوية، مشيراً إلى أن المملكة استضافت قبل ذلك أربعة مؤتمرات (المؤتمر الأول في مكةالمكرمة 1399ه، والثاني في مكةالمكرمة 1400ه، والمؤتمر الثالث في مكةالمكرمة1401ه، والمؤتمر الرابع في محافظة جدة 1409ه. وفي تعليقه على جانب من الموضوعات التي سيناقشها وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في بلدان العالم الإسلامي، قال آل الشيخ: إن هذه الأمة أمة واحدة: قال - تعالى - (وإن هذه أمتكم أمة واحدة)، يجب عليها أن تتبع جميع السبل لقوتها بوحدتها وعدم تفرقها، مشدداً على أن رسالة المسجد تأتي الدعامة الأساس لبناء الأمة الواحدة في عقيدتها وأخلاقها وآدابها، فالمسجد يترجم رسالة الإسلام، وهو طريق لجمع الكلمة، ووحدة الصف، فلا مجال لأن ينحرف المسجد عن هذه الرسالة، جاء الإسلام ليربي في الأمة العزة، ويقيمها على التراحم وجاء معلناً شعاره (السلام عليكم) فهو شريعة العزة والرحمة والسلام. وبشأن موضوع «خطة إصدار كشاف عن الأوقاف في العالم الإسلامي» شدد على أهمية تكوين قاعدة معلومات شاملة عن الأوقاف تتضمن حصر وتسجيل جميع الأوقاف في البلدان الإسلامية، ليمكن من خلال ذلك حصر وتسجيل جميع البيانات المتعلقة بالأوقاف في العالم الإسلامي، بحيث تكون هذه البيانات مشروعاً رائداً ومفيداً في وجود (أطلس كشاف) عن الأوقاف في العالم الإسلامي يوثق ويحصر ويضبط جميع أعيان الأوقاف، مبيناً أن المملكة تقدمت بخطة متكاملة في هذا الشأن خلال اجتماعات الدورة التاسعة للمجلس التنفيذي لمؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في دول العالم الإسلامي الذي عقد في الكويت في شهر شوال من عام 1426ه. وحول موضوع التجديد في الفكر الإسلامي والخطاب الديني بين الثوابت والمتغيرات، قال الوزير الشيخ صالح آل الشيخ: إننا نتطلع في أعمال وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية، ونحوها من المؤسسات والهيئات والمجالس والجمعيات الإسلامية إلى أفق جديد رحب نجدد فيه الخطاب الديني في أطره ووسائله وأولوياته، ونسعى فيه للإصلاح الشامل للمنطق والعقل والتفكير، ونروم فيه وضع أسس الوعي الإسلامي الرصين بالفقه في الشريعة الإسلامية بالنظر إلى مقاصدها وكلياتها وقواعدها، وإننا حين ننظر إلى واقع الخطاب الإسلامي اليوم نجده محتاجاً إلى استشراف المستقبل، والخروج من أزمة الواقع بإحياء فقه الأولويات، وفقه القوة والضعف ،وفقه السياسة الشرعية في التعامل والحركة، فقد حثنا القرآن على الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن، فالإسلام يشرع مخالطة الناس، والتعامل معهم أيا كانت اتجاهاتهم على أساس القول الحسن، والفعل الجميل ما لم يظلموا أو يعتدوا. وأكد أن التجديد في أمر الدين ،والتجديد في وسائل الإبلاغ، والتجديد فيما يدخل في نطاق الاجتهاد من واجبات المجتهدين والمصلحين؛ لأنه لولا التجديد، أو التحديث ونقل الناس إلى ما هو أفضل من التنظيمات، أو من الاجتهادات الفقهية وما أشبه ذلك لبقي الناس بعيدين عن هذا الدين؛ لذلك نرى أن من اللوازم المهمة أن يكون هناك مراجعة دورية للأداء، وخاصة في وزارات الشؤون الإسلامية في أداء الأئمة والخطباء، وفي عمل الدعاة، وفي مخاطبة الناس، وكذا الخطاب الديني في القنوات الفضائية، أو مواقع «الإنترنت» وما أشبه ذلك، ويجب علينا أن نعترف أن تغيير الخطاب الديني ليس بالسهل؛ لأن فهم الناس وخاصة الخطباء لكيفية علاج المشكلات أمر صعب، ويتطلب مهارة خاصة، ومستوى ثقافياً، وعلمياً، وشرعياً، ويتطلب اختلاطاً ببيئات حتى يعرف مستوى المخاطبين، وكيف يخاطبهم. وفي سياق متصل، أبان وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد أن الإسلام يدعونا إلى الوسطية والاعتدال في الأفكار والاتجاهات والرأي والتعامل، وهذا ما نحتاجه اليوم للأخذ بوسطية الإسلام باعتدال، وعقلانية لنواكب بها العصر ،ونخرج أقوياء مشيراً إلى أن الإسلام هو دين القوة كما أنه دين السلام، وهو دين الاعتدال والحوار والاحترام للآخر، وهناك اجتهادات كثيرة، وآراء كثيرة في الإطار الإسلامي لكن واجبنا في وزارات الأوقاف في جميع العالم الإسلامي أن نكون دائماً وفق النظرة الشرعية الصحيحة لا نحابي فيها جهة دون جهة، وأن نؤسس للأمر كما أراد الله - جل وعلا - فالدين الإسلامي دين محبة، ودعوة، وسلام. وتناول الشيخ صالح آل الشيخ محور دور الدعوة الإسلامية في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية منبهاً إلى أننا نشهد اليوم أن الدعوة إلى الله قد توجهت إلى العقل ونسيت القلب، وتوجهت إلى تحدِّ تياري، وتحدِّ توجهي، وضعف الأداء في بناء الذات المسلمة، والأسرة المسلمة للمستقبل، مؤكداً أن العصر الحالي يشهد تحدياً كبيراً، وأنه لا بد من مخاطبة القلب، ورعاية التربية الصالحة قبل مخاطبة العقول. وقال إنه من السهل أن نذهب هنا وهناك في جدل فكري، وفي عطاءات فكرية لا نهاية لها، والقلب مع العقل في صراع، ومن أخذ بالقلب والعقل جميعاً فقد أخذ بسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك قال علماؤنا: «إن العقل الصريح متفق مع النقل الصحيح»، يعني أن مقتضى العقل الصريح يوافق السنة ومقتضى الشرع. وحذر رئيس المجلس التنفيذي لمؤتمر وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية في دول العالم الإسلامي من أن غياب النظرة إلى المستقبل عن الخاصة، وعن العلماء، وعن الدعاة في زمن التحديات قد يؤدي إلى أن الدعوة ستنحسر، وأن قوة الإسلام ستضعف، وأن قوة أهله سيصيبها ما يصيبها، وقال: لذلك ينبغي لنا أن ندور حول المشروع الإسلامي الدعوي الحضاري، الذي لا يتنكر للواقع وحاجات الناس، ويستطلع مرادات الشارع، فيستطلع المستقبل، لافتاً النظر إلى أن استمرار الإسلام، وقوة الإسلام التي نشهدها إلى هذا القرن ناتجة عن تيار كبير في الأمة لا تمثله فئة، ولا تمثله طائفة، ولا يمثله أناس بأعيانهم، هذا التيار الكبير في الأمة منذ قرون إلى الآن هو الذي يتسم بخصلتين، الأولى: الوسطية، وتعني: عدم التشدد، وعدم الجفاء والتنازلات غير المحمودة. والثانية: هي التجديد، فإذا ما نظرنا في مشروعنا القادم إلى ضرورة الاعتدال وضرورة التجديد فإننا نحفظ للتيار العام دينه وهيبته وقوته. وفي ذات الصدد، أكد الشيخ صالح آل الشيخ لأهمية وجود برامج دعوية مختلفة سواء كانت إعلامية أو تربوية أو تعليمية مهمة، ولكن من المهم أن تكون جهودنا جميعاً ضمن مشروعٍ ننظر فيه إلى مستقبل مملوءٍ بالتحديات. وتطلع إلى أن تسهم القرارات والتوصيات التي سيتخذها «بإذن الله» المشاركون في المؤتمر في دعم مسيرة العمل الإسلامي في جميع جوانبه، لافتاً الأنظار إلى أن المؤتمر ومن خلال ما اتخذه من قرارات أسهم في علاج كثير من القضايا الإسلامية ذات العلاقة باختصاصاته، ومسؤولياته، وفي التنسيق والتقارب في أعمال وزارات الأوقاف والشؤون الإسلامية والأوقاف في دول العالم الإسلامي، كما أسهمت تلك القرارات في إحياء الاهتمام بالأوقاف، ورعايتها، وترتيب طرق المحافظة عليها، ثم استثمارها، مؤملاً لمزيد من العناية بأوقاف المسلمين.