على أغصان الريح، علّقتُ عيوني.. وخلف الظن، تركتُ موجي.. كلما مال معنى، قرعت البصائر أجراسها، واختفى المكتوب.. هكذا أتلاشى بين قصيدة وقصيدة.. ألملم الآتي، وأبدأ مما يجهلني وأجهله، فنلتقي في الغيب، وفي الحاضر نتيهُ.. من أوقد الأسئلة؟ ومن أشعل الشعر بالمحو؟ سألتُ ما يدعى جثتي، فأشار إلى قلبي الرميم.. كان النبض فردوساً.. والروح، جناناً.. والشجر، مطراً سحرياً.. وكنتُ مازلتُ أبحث عن ذاتي.. وكان الكون آنَ تكوناته.. لم يبق من الريح، على أغصان الريح، سوايَ.. من أوقد المحو في الشعر حتى احترقتُ؟ ليس إلاكَ، فأنجدني مما كتبني، وابتليني بما لم أكتب.. لك الحمد حين أتبرزخ، أتماهى، أشطح، أتماحى، أصير صيرورة تصيّر الصيرورة.. فأتهجد، واللغات تصلي، ويظللني التسبيح.. إليك، سبحانك، تتجلى المخفيات.. لهم الظهور، وللعارفين اللا مرئيات.. ورأيتُ: لا الأبدية مستيقظة.. ولا نائمة.. والأزلية، بين فناء وفناء، تطوف حول الذي لا يُرى.. فلم تغلق البواباتُ موسيقاها.. ولم تفتتح الغاباتُ اللا متوقع بعد.. للفجر أن ينام على الرمل.. للرمل أن ينبت في المرايا.. للمرايا أن تتلاشى.. من أوقد الأرواح في المياه؟ شفق ٌ آخر، والغيب ينطوي.. لا الضجيج يتفلت من الصمت.. لا الصمت ينجو من الاحتمالات.. وخلف هضاب الحلم، تتوزعني اللا زمكانية.. من أوصى الشفق أن يصيرني؟ البرد يتسلق الفصول.. الحمّى صلوات وقصيدة.. شجرة نسيتْ أغصانها في مخيلتي، تتجول عكس الزمان.. الورد في المعنى، والنور في الكلمة.. وأنا بينهم، جذور ماء أبديّ.. لتلك الظلال، تركتُ شرودي بحاراً..، وغصتُ في أعماق السماء.. فانكشفتْ أعماقي.. مازلتُ في التيه.. من أخبر الرؤيا عن حضوري الدائم فيها؟ ومن أشار للبرزخ أن يترجرج كلما عبرتْ هيولاي؟ ***